على بعد أسابيع من الذكرى الخامسة لمقتل كمال عماري، أحد نشطاء حركة 20 فبراير، أصدر القاضي، الذي أحيل عليه الملف منذ عام 2012، بناء على ملتمس من النيابة العامة بإجراء تحقيق ضد مجهول من أجل ارتكاب جناية العنف العمدي، المؤدي إلى الموت دون نية القتل، وجنحة العنف العمدي، قرارا بعدم المتابعة، مما أعاد الجدل مجددا حول القضية، التي تتهم فيها عائلة وأصدقاء عماري وعدد من الحقوقيين عناصر الأمن بالضلوع فيها. هيأة دفاع كمال عماري تلجأ إلى القضاء الدولي لكشف حقيقة مقتله شجب للقرار أولى ردود الأفعال على أمر قاضي التحقيق بعدم المتابعة جاءت من جمعية "عائلة وأصدقاء الشهيد كمال عماري"، حيث أعلنت رفضها للقرار وعملت على شجبه، مؤكدة توجهها نحو اتخاذ كل التدابير، التي يضمنها القانون للتصدي له. وأكدت الجمعية، في بيان لها، أن كمال عماري "لقي حتفه نتيجة التدخل العنيف في حق نشطاء 20 فبراير يوم 29 ماي 2011، في حي دار بوعودة، وعكف على تعذيبه سبعة عناصر من رجال القمع، معلنة تشبثها بمعرفة الحقيقة، وجبر الضرر". إلى ذلك، ذكرت الجمعية بما اعتبرتها خروقات شابت الملف، منذ بدايته، من قبيل منع العائلة من حقها في الإطلاع على تقرير التشريح الطبي، وإخفاء تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ما يؤكد النية في التلاعب وطمس الحقيقة. مسؤولية رجال الأمن بدورها، أكدت هيأة الدفاع عن ملف كمال عماري أن قاضي التحقيق لم يستمع إلى أي من المسؤولين الأمنيين، أو عناصر القوات العمومية، أو مسؤولي الإدارة الترابية، الذين ساهموا في التدخل الأمني، الذي تزامن مع وقوع الأفعال، التي يفترض أنها تسببت في إصابات، ثم وفاة كمال عماري، مشيرة إلى أن بعض وثائق الملف، خصوصا تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان، المقدم في الملف من طرف النيابة العامة، تشير بوضوح إلى مسؤولية هذه الأطراف. تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى أين؟ إن ما يثير حساسية أكبر في قضية كمال عماري، هو التقرير الذي أنجزه المجلس الوطني لحقوق الإنسان بخصوص الواقعة، حيث أشار بوضوح إلى الاستعمال المفرط، وغير المتناسب للقوة أحيانا، مما تسبب في بعض الحالات في المس بالحق في الحياة، في أسفي وأسا، والمس بالسلامة البدنية لبعض المحتجين. وتقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الذي قدمه رئيسه إدريس اليزمي في البرلمان يوم 16 يونيو 2014، اعتبرته جماعة العدل والإحسان، وحقوقيون آخرون اعترافا من الدولة بمسؤوليتها عن قتل كمال عماري، قبل أن يأمر قاضي التحقيق بعدم المتابعة استنادا إلى المادة 216 من قانون المسطرة الجنائية، التي تنص على أنه "يصدر قاضي التحقيق أمراً بعدم المتابعة، إذا تبين له أن الأفعال لا تخضع للقانون الجنائي، أو لم تعد خاضعة له، أو أنه ليست هناك أدلة كافية ضد المتهم، أو أن الفاعل ظل مجهولا"، لتعود القضية مجددا إلى مربع الصفر، في انتظار فصول أخرى من فصولها.