إذا كان صلاح الدين مزوار قد أقنع رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران بالاستجابة لبعض مطالبه، فإنه لم يقنعه بعد بجدوى إعادة النظر في الهندسة الحكومية برمتها. وهذا يؤشر على أن جولات شاقة من المفاوضات تنتظر الطرفين لم تكن أربع ساعات من مفاوضات الجولة الثالثة بين مزوار وبنكيران المنعقدة صباح يوم 13 غشت ببيت رئيس الحكومة بحي الأميرات، كافية للتوصل إلى خريطة طريق متكالمة للخروج من الأزمة الحكومية التي يعيشها المغرب منذ قرار حزب الاستقلال الانسحاب من التحالف الحكومي خلال شهر ماي الماضي. ولكن بالمقابل نجح صلاح الدين مزوار، حسب ما ذكر مصدر مطلع، في «تمرير» ثلاثة شروط، فيما ظل الشرط المتعلق بإعادة النظر في الهندسة الحكومية مؤجلا بعدما طالب بنكيران من حليفه المحتمل تدقيق مطلبه بالشكل الذي يسمح له بعرضه على حلفائه والتفاوض على أساسه. أول المطالب التي استجاب لها بنكيران هو إجراء ما تبقى من جولات المفاوضات في المقر الرسمي لرئيس الحكومة بحي الأميرات، وبالزي الرسمي بعيدا عن أجواء الحميمية وطاولة الشاي، والتي تعرض مزوار بسببها لوابل من الانتقادات من طرف أعضاء المكتب السياسي بسبب نشر صورة استقبال بنكيران لرئيس حزب الحمامة ببيته بحي الليمون وهو يرتدي لباسا تقليديا «فوقية»، حيث اعتبر مقربون من مزوار أن الصورة لا تعبر عن جدية الموضوع وجسامته، خصوصا وأن البلد كان يغلي بسبب فضيحة العفو عن مغتصب الأطفال الإسباني دانيال غلفان. مصدرنا أوضح أن بنكيران أبدى تفهمه لانشغالات الأحرار للقاء بهم في مقره الرسمي، قبل أن يقترح في وقت سابق استقبال رئيس حزب الحمامة في مقر الحزب على شاكلة المفاوضات التي جرت لتشكيل الطبعة الأولى من الحكومة، وهو المقترح الذي رفضه الأحرار معتبرين أن السياق مختلف وأنهم اليوم يتفاوضون مع رئيس للحكومة وليس أمين عام لحزب العدالة والتنمية. في مقابل الحسم في هذه النقطة، ظلت وتيرة الاستجابة للمطالب الثلاثة للأحرار والمتعلقة بالبرنامج الحكومي وآليات تنسيق الأغلبية وإعادة الهندسة الحكومية، متفاوتة. المصادر ذاتها أكدت أن رئيس الحكومة أبدى تأييده لإعادة النظر في آليات التنسيق الحكومي سواء فيما يتعلق بميثاق الأغلبية، لتجنب تكرار سيناريو حزب الاستقلال، أو فيما يتعلق بالآليات التشاورية التي يمكن اعتمادها للتشاور مع المعارضة في القضايا الاستراتيجية لضمان أكبر حجم من التأييد السياسي. بنكيران دعا في هذا الصدد مزوار إلى مده بمزيد من التفاصيل حتى يتم تبنيها بشكل نهائي خلال الاجتماع الرابع المرتقب الأسبوع المقبل بمقر رئيس الحكومة. نفس الأمر بالنسبة للبرنامج الاستعجالي الذي طالب به مزوار لتفادي الأهداف العامة التي تضمنها البرنامج الحكومي ولتخطي الأزمة المالية التي يعرفها الاقتصاد الوطني المبني، وفق مصادر الأحرار، على رؤية جديدة للقانون المالي لسنة 2014، والقانون التنظيمي والإجراءات والتدابير المستعجلة، بنكيران من جانبه رحب بالاقتراح، لكنه طالب بأجندة محددة ورؤية زمنية واضحة وقابلة للتطبيق. ويبقى المطلب المعلق هو ذلك المرتبط بإعادة النظر في الهندسة الحكومية، مصادر «اليوم 24»، وإن اعتبرت أن هناك تجاوبا مبدئيا لبنكيران مع هذا المطلب الذي يعد المفتاح السحري للخروج من الأزمة الحكومية، فإنه طالب خلال اللقاء، بتقديم المزيد من التفاصيل عن هذا الموضوع الحاسم، حيث اعتبر بنكيران أن ما جاء في مذكرة مزوار صِيغَ على وجه العموم ولا يحتمل أي تأويل، خصوصا فيما يتعلق بالحقائب الوزارية التي يرغب في شغلها قادة حزب عصمان. مصدر من حزب الأحرار، رفض الكشف عن هويته، اعترف بإبداء بنكيران لملاحظات على مذكرة مزوار ارتبط جلها بضرورة تقديم المزيد من التفاصيل، لكنه نفى أن يكون رئيس الحكومة قد طالب رئيس الحزب الأزرق بمذكرة ثانية، موضحا في تصريح ل» اليوم 24» أن الدائرة المقربة من مزوار ستشرع بعد اجتماع المكتب السياسي الذي ينتظر أن يكون قد عقد مساء أمس الثلاثاء، في التداول في الملاحظات التي أبداها رئيس الحكومة لوضع لمساتها النهائية على مذكرة منقحة ومزيدة ستُبعث لرئيس الحكومة للتداول بشأنها مع امحند لعنصر الأمين العام للحركة الشعبية ونبيل بن عبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية. وفيما يتعلق بغموض الأحرار في الكشف عن قائمة الوزارات التي يرغب في الإشراف عليها، برر مصدرنا ذلك بالقول إن حزبه أصر على ذلك إلى حين قبول بنكيران بمبدأ إعادة النظر في الهندسة الحكومية، لكنه أضاف أن الحزب وبعد التوافق على التوجهات العامة الجديدة للبرنامج الحكومي والتداول بشأن نقاط القوة والضعف التي طبعت عمل وزراء النسخة الأولى، سيطرح أسماء الحقائب والوزراء المؤهلين للإشراف عليها. في ذات السياق، لا زال الغموض سيد الموقف داخل حزب الأحرار حول الأسماء المرشحة للاستوزار، فباستثناء بعض الأسماء التي تعرف نوعا من الإجماع كأمينة بنخضرا أو امباركة بوعيدة، يبدو أن أسماء جديدة بدا نجمها يصعد، وفي مقدمتها الكاتب العام لوزارة المالية والعامل السابق لعمالة الفداء، خالد سفير، المرشح لشغل منصب وزارة المالية أو الشؤون العامة للحكومة.