أب مكلوم يتحدر من جماعة فم زكيلد بإقليم طاطا، فقد ابنته البالغة من العمر 20 ربيعا، إذ فارقت الحياة صباح الاثنين بمستشفى ابن رشد بعد أن قضت به 17 يوما حيث خضعت لعملية جراحية على الزائدة الدودية، ويصارع تكاليف الحياة لإنقاذ أختها الصغيرة البالغة من العمر 5 سنوات والمصابة هي الأخرى بالمرض نفسه. كانت عقارب الساعة تشير إلى الثانية من زوال أول أمس، عندما انتقلت « اليوم24» إلى حي اسباتة الشعبي الزنقة 17، حيث نصبت في الزقاق خيمة للعزاء، وجدنا في استقبالنا محمد لمعلمين، رجل في الخمسينيات من عمره، يجلس بجانب معزين جاؤوا لمواساته بعد أن فقد ابنته عائشة البالغة من العمر 20 سنة، ويطمئون على صحة أختها الصغيرة «هبة». بدأت الحكاية، يوم 17 نونبر الماضي، عندما اجتاحت أعرض مرض غامض (تبين فيما بعد أنه التفوييد) سكان مدشر»أغلان»، ولأن المصابين كانوا بالعشرات، فقد قرر الأب نقل ابنته الهالكة إلى المستشفى الجامعي ابن رشد بالبيضاء على متن سيارة إسعاف على نفقته الخاصة، لتقضي به 17 يوما قبل أن تفارق الحياة دون أن يتمكن الأطباء من تشخيص مرضها. «قتلوني بالدوايات (الأدوية)، منذ دخول عائشة قسم المستعجلات بمستشفى ابن رشد وهي طريحة الفراش، وقد طلب مني الأطباء إجراء العديد من التحاليل وأجهزة «السكانير»، ويوم 20 نونبر الماضي الذي صادف تخليد الاحتفالات بذكرى الاستقلال، أخذوها إلى قسم العمليات ليجروا لها عملية لإزالة الزائدة الدودية «المصرانة الزايدة»، وبعد ذلك أودعوها في الجناح رقم 35، ومع مرور الأيام أصبح الأطباء كل يوم يطلبون مني شراء أدوية باهضة الثمن، قبل أن يعمدوا مجددا لنقلها للجناح رقم 33 بالمستشفى، ليخبروني بأنها توفيت صباح الاثنين.» وبعيون دامعة، ظل الأب المتحدر من أسرة فقيرة بإقليم طاطا، يتحدث ل»اليوم24» عن لجوئه للإستدانة من معارفة لتغطية نفقات علاج أبنته الراحلة، واضطراره إلى إخراج أختها الصغيرة «هبة» من المستشفى بعد أن عجز عن تسديد نفقات علاجتها، مفضلا أن يحملها للمنزل لتموت ببطء على أن يتركها في المستشفى تحت رحمة أطباء يثقلونه بوصفات أدوية جديدة. وبدت الطفلة هبة ذابلة وحرارة جسمها مرتفعة عندما حملها أحد أقاربها من الفراش وأخرجها للشارع لنلتقط لها صورة مع والدها محمد لمعلمين، في حين قال أخوها لحسن لمعلمين، إن المسؤولين في مستشفى ابن رشد رفضوا استقبال أفراد الفتاة الضحية وشقيقتها التي تصارع الموت، وأنه حاول جاهدا أن يشرح للأطباء بأن شقيقتيه تحملان علامات إصابة بمرض»التيفوييد» لكونهما تتحدران من المدشر نفسه الذي أوفدت له وزارة الصحة لجنة طبية وأثبتت التحليلات المخبرية أن السكان مصابون بداء «التيفوييد»، بيد أن محاولة أسرة الهالكة وشقيقتها ذهبت أدراج الرياح. والتمس الأب المكلوم من وزير الصحة الحسين الوردي، فتح تحقيق بشأن ما تعرضت له ابنته الهالكة من إهمال بمستشفى ابن رشد وإخضاعها لعملية جراحية لإزالة الزائدة الدودية، والتدخل لإنقاذ الصغيرة هبة ، وكذا تمكينه من بطاقة تعريفه الوطنية التي ما تزال رهينة لدى الإدارة المستشفى لحين تسديده لمستحقات علاج الطفلة بعد أن استنزفت مصاريف علاج أختها الهالكة ميزانيته واضطر للاستدانة من معارفه. واتصلت» اليوم24»، مرارا بالوزير الوردي لنقل وجهة نظره من هذه الحالة الوبائية والإجراءات التي يمكن أن تقوم بها مصالح وزارة الصحة في مثل هذه الحالات بيد أن هاتفه المحمول ظل يرن دون رد أمسا الأربعاء، وأول أمس الثلاثاء. وكان 82 شخصا من دوار أغلان بطاطا، قد أصيبوا مؤخرا بالتهاب معوي غريب تم تشخيصه على أنه ناجم عن حمى التيفوييد التي تنتقل عادة عن طريق الطعام أو المياه الملوثة.