أكثر من ثماني ساعات متواصلة استغرقتها مسطرة تقديم رئيس مجلس الجماعة القروية «سيدي عبد المومن»، التابعة لإقليم شيشاوة، وقائد «تولوكت» بمنطقة «امتوكة» بالإقليم نفسه، أمام النيّابة العامة باستئنافية مراكش، إذ تم استنطاقهما من طرف القاضي عبد العزيز الراشدي بلحاج، نائب الوكيل العام للملك لدى استئنافية مراكش، الذي يشغل رئاسة القسم المكلف بجرائم الأموال بالنيابة العامة بالمحكمة نفسها، ابتداءً من الساعة العاشرة صباحا حتى حدود الثالثة من بعد زوال الثلاثاء، قبل أن يحيلهما على قاضي التحقيق بمقتضى ملتمس مكتوب، طالب فيه بمتابعتهما، في حالة اعتقال، بجناية «الرشوة» بالنسبة إلى المتهم الأول، وهي الجريمة المنصوص عليها وعلى عقوبتها في الفصول من 248 إلى 256 من القانون الجنائي، والمواد من 35 إلى 40 من ظهير 6 أكتوبر من سنة 1972 المتعلق بالزجر عن جنايات الغدر والرشوة واستغلال النفوذ والاختلاس المقترفة من طرف الموظفين العموميين، وبتهمة «الوساطة في الرشوة» بالنسبة إلى قائد تولوكت، استنادا إلى الفقرة الثالثة من الفصل 129 من القانون الجنائي، التي تعتبر مشاركا «كل من ساعد أو أعان الفاعل أو الفاعلين للجريمة في الأعمال التحضيرية أو الأعمال المسهلة لارتكابها مع علمه بذلك». جلسة الاستنطاق التمهيدي للمتهمين من طرف قاضي التحقيق بالغرفة الثالثة المختصة في جرائم الأموال بالاستئنافية نفسها، ابتدأت من الساعة الرابعة عصرا وانتهت في حدود الساعة السادسة مساء، قبل أن يقرر تأييد قرار النيّابة العامة بمتابعتهما في حالة اعتقال، ويحدد 25 من شهر نونبر المقبل تاريخا لجلسة الاستنطاق التفصيلي. وجاء اعتقال رئيس الجماعة ورجل السلطة على خلفية شكاية تقدم بها ضدهما رجل أعمال لدى المصالح المختصة بوزارة العدل والحريات، عبر الخط الهاتفي الأخضر الذي أطلقته الوزارة، بتاريخ 18 يونيو المنصرم، للتبليغ عن الرشوة، سواء من طرف من تُطلب منه من المواطنين أو من تُعرض عليه من الموظفين. وقد أكد المشتكي بأنه يملك العديد من المشاريع الاستثمارية بمدينة الدارالبيضاء، وأنه قرّر الاستثمار في مسقط رأسه بجماعة «سيدي عبد المومن»، من خلال بناء وتجهيز مصنع للبلاستيك، غير أنه قال إنه ووجه بتلكؤ غير مبرر من طرف رئيس المجلس الجماعي، الذي اتهمه بأنه طالبه برشوة لا تقل عن 20 مليون سنتيم مقابل تسهيل حصوله على التراخيص اللازمة لإحداث مشروعه. وأضاف بأنه اتصل بقائد «تولوكت»، باعتباره ممثلا للسلطة المحلية، محتجا ضد سلوك رئيس المجلس، إلا أن احتجاجاته لم تثمر أية نتائج تذكر، لا بل إنه زعم بأن القائد أكد له بألا مناص له من الاستجابة لمساومات الرئيس، عارضا عليه التوسط لديه للحصول على وثائقه الإدارية، قبل أن يقرّر المستثمر التبليغ عن الرشوة عبر الخط الأخضر لوزارة العدل والحريات، التي أحالت الشكاية على الوكيل العام للملك لدى استئنافية مراكش، الذي أعطى تعليماته للمركز القضائي للدرك الملكي بشيشاوة بتولي التحقيق في مضامين الشكاية، وهو البحث الذي استُهلّ بالاستماع إلى المشتكي، الذي تم الاتفاق معه على معاودة الاتصال بالقائد ورئيس الجماعة والتعبير لهما عن موافقته على عرضهما، وتحديد موعد مع الرئيس من أجل تسليمه المبلغ المالي المتفق عليه. وقد نجح الكمين المنصوب لرئيس المجلس، الذي تم توقيفه متلبسا بتسلم الرشوة، وهي العملية التي تمت بإشراف مباشر لأحد نواب الوكيل العام للملك بمراكش، قبل أن يتم اقتياد الموقوف إلى مقر المركز القضائي، ويتم الاستماع إليه في محضر رسمي، ويتقرّر وضعه رهن الحراسة النظرية، بينما تمت إحالة القائد على استئنافية مراكش، باعتباره مشمولا بمسطرة الامتياز القضائي، وفقا لمقتضيات المواد من 264 إلى 268 من قانون المسطرة الجنائية.