قرر الحسين الوردي، وزير الصحة، توقيف طبيبين: الأول اختصاصي يعمل في مستشفى ابن رشد، والثاني طبيب عام يعمل في مستشفى محمد الخامس بآسفي، كما راسل الأمانة العامة للحكومة لاتخاذ عقوبات في حق مصحة ابن سينا بالدارالبيضاء. وجاءت هذه القرارات إثر إنهاء لجنة تفتيش من الوزارة لمهامها، وذلك بإعداد تقرير حول شكاية سبق أن وضعتها أسرة الراحل عبد اللطيف أركيش، الذي توفي داخل المصحة، في أبريل الماضي، وهي الشكاية التي نشرتها « اليوم24»، في شتنبر الماضي. القضية متشعبة، إذ تم رصد خروقات عدة فيها. فمن جهة، تورط طبيب في مستشفى بآسفي في توجيه أسرة الراحل عبد اللطيف أركيش إلى مصحة خاصة بالدارالبيضاء، عوض إرساله إلى مستشفى عمومي، بل وربطه الاتصال مع طبيب متخصص في مستشفى ابن رشد بالدارالبيضاء يعمل بشكل غير قانوني في المصحة المذكورة لاستقبال الحالة. المريض الراحل كان قد أصيب بجلطة دماغية في 13 مارس 2015، فحملته أسرته إلى المستشفى العمومي بآسفي، لكن الطبيب المداوم طلب منه إجراء فحص بالأشعة خارج المستشفى، وبعد اطلاعه على النتيجة، وجه أسرة المريض، الذي كان في غيبوبة، إلى مصحة ابن سينا بالدارالبيضاء، وهو ما يعتبر عملا مخلا من طرف الطبيب، الذي كان عليه إرسال المريض إلى مستشفى عمومي متخصص. مصادر وزارة الصحة كشفت أنه تقرر توقيف هذا الطبيب. المشكل أنه خلال 28 يوما من استقبال المصحة للمريض، كانت النتيجة هي وفاته، ومطالبة المصحة للأسرة البسيطة بمبلغ 28 مليون سنتيم، أدت منها رسميا 12 مليون، فيما لازالت المصحة تطالب بالمبلغ المتبقي. أما الطبيب المختص في الدارالبيضاء، فقد اتخذت الوزارة قرار توقيفه، بعدما تبين أنه يشتغل في المصحة بشكل غير قانوني، في حين أنه طبيب متخصص يعمل في مستشفى ابن رشد بالدارالبيضاء. المثير أن أسرة الراحل تتهم هذا الطبيب بالحصول على مبالغ أخرى عبارة عن «نوار» تم أداؤها خارج المصحة، وهي في حدود 20 ألف درهم سلمت نقدا للطبيب داخل سيارته، و10 آلاف درهم سلمت له عبارة عن شيك لحامله، تبين أن سيدة قامت بسحبه. أما بخصوص مصحة ابن سيناء، فحسب المصدر من وزارة الصحة، فإن لجنة التحقيق التابعة للمفتشية العامة للوزارة اكتشفت خروقات عدة في عملها. «لا يتعلق الأمر فقط، باختلال يتعلق بتوظيف طبيب يعمل في مستشفى عمومي، وإنما اكتشفنا ممارسات أخرى خطيرة»، يقول المصدر من وزارة الصحة، ولهذا قام وزير الصحة، الحسين الوردي، بتوجيه رسالة إلى الأمين العام للحكومة إدريس الضحاك، من أجل اتخاذ إجراءات زجرية ضدها، قد تصل إلى حد الإغلاق. لكن ما حقيقة ادعاء أسرة الضحية عبد اللطيف أركيش، بأنها أجبرت على وضع شيك موقع على بياض لدى المصحة قبل ولوج المريض إليها على سبيل الضمان؟ هنا يقول المصدر من وزارة الصحة إن المحققين لم يعثروا على أي شيك موقع على بياض لدى المصحة، وإنما هناك ثلاثة شيكات باسم شقيق المتوفى، لم تتمكن المصحة من استخلاص قيمتها بسبب عيب في التوقيع. لكن أسرة الراحل تقول إنها استرجعت الشيك الموقع على بياض، وأودعت مكانه ثلاثة شيكات. وحسب مصدر من أسرة الضحية، فإنه وضع شكاية لدى النيابة العام بالدارالبيضاء ضد المصحة، من شأنها فتح تحقيق حول حقيقة الشيك الموقع على بياض الذي تتوفر عليه، وحول «النوار» الذي حصل عليه الطبيب، والذي تم توقيفه، خاصة أنه من السهل التعرف على السيدة التي صرفت الشيك، وبالتالي معرفة الجهة التي سلمته لها.ط يواصل الحسين الوردي، وزير الصحة، حربه على الأطباء الذي يعملون مع الدولة ويتركون مهامهم ويشتغلون في المصحات خارج القانون. آخر قرار اتخذه الوزير همّ طبيبا أخصائيا في أمراض النساء والتوليد يشتغل بمستشفى تاملالت بإقليم قلعة السراغنة، والذي تم ضبطه يزاول مهنته بإحدى المصحات بالدارالبيضاء بدون أي إذن أو ترخيص، حيث فضح أمره بعدما توفيت امرأة وجنينها بينما كان يعمل على توليدها يوم الاثنين الماضي. وزارة الصحة تأكدت أن الطبيب يزاول مهنته بشكل غير قانوني في هذه المصحة. وبناء على تقارير لجنة التفتيش، أصدر الوزير أمرا بتوقيف هذا الطبيب، مع عرضه على أنظار المجلس التأديبي ومطالبته بإعادة الأجرة التي كان يتقاضاها عن الأيام التي كان متغيبا فيها عن العمل، ومراسلة الهيئة الوطنية للطبيبات والأطباء، لكون هذا الطبيب يزاول العمل بالقطاع الخاص بدون ترخيص، كما أنه يزاول عمله بجهة الدارالبيضاء علما أنه مسجل بجهة مراكش. ومن جهة أخرى، قدم الحسين الوردي طلبا للأمانة العامة للحكومة من أجل الإغلاق الفوري لهذه المصحة التي لا تحترم الشروط والمعايير المنصوص عليها في القانون المتعلق بمزاولة مهنة الطب، في مقدمتها كونها تشغل أطباء من القطاع العام وبدون ترخيص، إلى جانب خروقات أخرى «تهدد سلامة وصحة المرضى الذين يترددون على هذه المصحة».