يبدو أن الحكومة في مأزق حقيقي بسبب انتخابات أعضاء مجلس المستشارين التي ستجرى في الثاني من أكتوبر المقبل، حيث إن القانون التنظيمي، المتعلق بمجلس المستشارين، يؤكد حرفيا في المادة 24 منه: "يجب ألا تتضمن كل لائحة من لوائح الترشيح اسمين متتابعين لمرشحين اثنين من نفس الجنس"، هذا يعني أن اللوائح التي تضعها الأحزاب يجب أن تكون مطابقة لهذه المادة، التي جاءت في صيغة الأمر، وإلا فإن أي لائحة مخالفة لهذا المقتضى لا يمكن قبولها استنادا إلى المادة 26 من القانون نفسه، والتي تنص على أنه "لا تقبل الترشيحات ولوائح الترشيح المودعة خلافا لأحكام المادتين 24 و25". وإذا كانت الأحزاب لن تجد صعوبة في تقديم الترشيحات الخاصة بممثلي الجماعات الترابية، فإنها أمام مأزق حقيقي بخصوص ترشيحات ممثلي الغرف المهنية وبالتحديد ممثلي غرف الفلاحة والتجارة والصناعة والخدمات، حيث نص القانون المذكور على تخصيص 7 مقاعد لممثلي الغرف الفلاحية، و6 مقاعد لممثلي غرف التجارة والصناعة والخدمات، من أصل 120 مقعدا ستشكل مجلس المستشارين. وستتوزع المقاعد المخصصة للقطاعين بالنسبة إلى ممثلي غرف الفلاحة على 4 دوائر انتخابية، 3 منها سيخصص لها مقعدان، فيما ستوزع المقاعد ال6، المخصصة لغرف التجارة والصناعة والخدمات على 4 دوائر انتخابية أيضا، غير أن دائرتين خصص لهما مقعدان. وبموجب هذا التوزيع، الذي جاء به التعديل الذي طرأ على القانون التنظيمي لمجلس المستشارين في 23 يوليوز الماضي، فإن الأحزاب التي تسعى إلى التنافس للظفر بمقاعد ممثلي الفلاحة والتجارة، مطالبة بتقديم لوائح الترشيحات وفق الشروط الواردة في المادة 24 في 5 دوائر انتخابية. وبالعودة إلى النتائج التي حصلت عليها الأحزاب خلال الانتخابات المهنية، التي جرت في السابع من غشت، يتبين أن معظم الأحزاب لن تتمكن من التنافس على المقاعد المذكورة بالنظر إلى أنها لا تتوفر على امرأة تستطيع أن ترشحها إلى جانب الرجل في اللوائح التي تستلزم ذلك، وفق المادة 24، فمثلا الدائرة الانتخابية الخاصة بممثلي غرفة الفلاحة التي تضم جهة الشرق، وطنجةتطوان، وفاس مكناس، لم تتمكن سوى إمرأة واحدة (فاطمة الحبوسي)، تنتمي لحزب الاستقلال من الظفر بمقعد عن دائرة "مقريصات" (وزان)، وهو ما يعني أن حزب الميزان مخول له قانونا تقديم لائحة ترشيح في هذه الدائرة، ويعني أيضا أنه ضمن مقعدين في مجلس المستشارين دون منافسة. أما في الدائرة الانتخابية المتعلقة بممثلي غرفة التجارة والصناعة والخدمات، والتي تضم الجهات نفسها، المرأة الوحيدة التي تمكنت من الظفر بمقعد في غرفة التجارة والصناعة والخدمات بجهة طنجةتطوان، هي الزهرة شهير، غير منتمية سياسيا، وفي حالة تقدمها للترشح لانتخابات مجلس المستشارين بهذه الصفة، فإن الأحزاب السياسية ليس لها الحق في وضع لوائح الترشيحات للتنافس على المقعدين المخصصين للدائرة الانتخابية المذكورة لعدم وجود امرأة في صفوفها. وفي هذا السياق، أكد بنيونس المرزوقي، أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة محمد الأول بوجدة، أنه إذا كانت خطوة تقليص عدد أعضاء مجلس المستشارين إلى 120 عضوا "خطوة إيجابية" لأنها تمنح الطابع الوطني للانتخابات من خلال الدوائر الانتخابية المعتمدة، خصوصا الدوائر المتعلقة بانتخاب ممثلي الغرف المهنية، فإنها فرصة أيضا لإعادة النظر في المنظومة القانونية لانتخاب أعضاء الغرف المهنية، من خلال "إدماج نصوص تضمن تمثيلية النساء على غرار الجماعات والجهات ومجلس النواب". المتحدث نفسه كشف في تصريح ل"اليوم24″ أنه سبق للحركة من أجل ديمقراطية المناصفة أن تقدمت بمذكرات في هذا الشأن، وطرحت في إحدى مذكراتها المتعلقة بالانتخابات المهنية 3 سيناريوهات لضمان التمثيلية النسائية دخل الغرف المهنية، الأول يرتكز على إضافة لوائح نسائية على غرار ما كان معمولا به في الجماعات والمقاطعات، فيما الثاني يطرح فكرة تخصيص جزء نسائي كما هو معمول به حاليا في الجماعات والجهات، أما السيناريو الثالث فاتجه إلى اعتماد المناصفة الكلية.