بثت قناة الجزيرة الوثائقية على موقع «يوتوب» بداية هذا الاسبوع الشريط الوثائقي «سيدات السجاد» للمخرج المغربي عز العرب العلوي، والذي يرصد كفاح نساء المغرب العميق من أجل توفير لقمة العيش اعتمادا على مهارتهن في نسج السجاد. الفيلم الذي يرافق رحلة صناعة السجاد بطقوسها الخاصة، تمكن من أن يحصد في ظرف أقل من 12 ساعة أكثر من 13 ألف مشاهدة على موقع الفيديوهات المصورة الشهير. رحلة صناعة السجاد الذي تتزين به مختلف البيوت في المغرب، والذي وصل إلى عدة بلدان في الخارج، تبدأ من سوق الخيط، حيث تعمد النساء إلى اقتناء كل ما يلزمهن من الخيوط من مختلف الألوان، قبل أن يقمن في جلسة نسوية متميزة تؤثتها صينية الشاي، بفتل الخيط، هنا تحضر مجموعة من العادات المتوارثة منذ عشرات السنين، كأن يقوم كل من يلمس الخيط بالتبرع بمبلغ من المال، تعبيرا منه عن مساندته للنساء اللائي ينسجن السجاد. نساء من مختلف الأعمار يجلسن أياما طويلة وراء المنسج ليبدعن لوحات فنية بالخيوط والصوف، يتم بيعها ويستفدن من ثمنها لإعالة أنفسهن وأسرهن. نساء مكافحات وفنانات يبدعن أشكالا مختلفة من الزرابي التي تتخطى حدود الوطن، وتصل إلى مختلف بقاع العالم، تحت مسمى «صنع في المغرب»، دون الإشارة إلى الأيادي التي قضت أياما وأسابيع، وأحيانا أشهرا في الاشتغال عليها، سواء في البيوت أو المصانع. «هذا الفيلم تمكن من شد الانتباه إليه من طرف العامة والخاصة، لدوره الفعال في تسليط الضوء على القدرات الإبداعية والنضالية للنساء بشكل عام، والأمازيغيات بشكل خاص»، يقول المخرج المغربي عز العرب العلوي، في تدوينة فيسبوكية، تعليقا على الفيلم الذي أشار إلى أن «الجزيرة الوثائقية بثته في محافل دولية، فكان له الأثر الفعال في إبراز القيمة الحقيقية للمرأة في الدول النامية التي تخلق من لاشيء أشياء كثيرة». المرأة في تلك المناطق ملزمة بأن تكون خبيرة في نسج السجاد، «يجب على زوجة ابني أن تكون عارفة بصناعة السجاد، فنحن نحتاج لمن يساعدنا على التغلب على صعوبة الحياة»، تقول إحدى السيدات وهي تلف الصوف بيديها، فكرة تتقاسمها وتتفق معها معظم نساء تلك المناطق، حيث لا سبيل لمساعدة المرأة لزوجها في تكاليف المعيشة سوى بتلك الحرفة التي تعتبر مصدر رزق مهم لنساء المنطقة. قصص مختلفة لنساء من مختلف الأعمار أغلبهن لم يدخلن المدرسة قط، إبداعهن متوارث ويحاولن الإبقاء عليه وتوريثه بدورهن لحمايته من الاندثار بالحفاظ على الرسومات التي تم توارثها عبر عدة أجيال، رسومات تختزل قصصا إنسانية عميقة لتاريخ من الكفاح. الساعات الطوال التي يقضينها أمام المنسج لا تعفي أولئك النسوة من أشغال أخرى، فهن ملزمات بالقيام بجميع أعباء البيت والاهتمام بالأطفال والزوج، ورغم كل ذلك فهن لا يتدمرن أبدا، بل إنهن يبحثن عن سبل لتطوير حرفتهن ويشعرن بثقل مسؤوليتهن لحماية ذلك التراث القيّم من الاندثار.