وصف تقرير تركيبي حديث أنجزه المرصد الوطني لمحاربة المخدرات والإدمان سنة 2015 ب»السنة المفصلية». وحسب التقرير، يتصدر الإدمان على التبغ، الذي يصفه بالمخدر الرئيس، قائمة أنواع المخدرات، متبوعا بالقنب الهندي ثم الكحول والمخدرات المهدئة والكوكايين، وبعده الهيروين ثم محلولات الأمفيتامين. ووفقا للمرصد، فقد استهلك ما بين 4 و5 في المائة من السكان في المغرب المخدرات بمختلف أنواعها خلال هذه السنة، بما يمثل أكثر من 800 ألف نسمة، أكثر من 750 ألفا منهم يدمنون استهلاك القنب الهندي، فيما أوضح التقرير أن ما بين 50 و70 ألف شخص يدمنون على استهلاك الكحول والمشروبات الكحولية. يلاحظ التقرير أن المدمنين على المخدرات في المغرب ليسوا بالضرورة مدمنين خطيرين، وأن 20 ألفا منهم يستهلكون الهيروين. ويبقى الخطير في هذا التقرير تأكيده أن تلميذا واحدا من أصل خمسة في المغرب استهلك السجائر على الأقل مرة واحدة في حياته، وأن تلميذا واحدا كذلك من أصل عشرة استهلك القنب الهندي. يكشف التقرير أيضا أن الفتيات يستخدمن بعض الأدوية الطبية كمخدر لمحاربة الأرق والقلق، وأن أطفال الشوارع يستهلكون بكثرة المحلولات المخدرة المذابة والمحلولات اللاصقة. والأدهى أن تلميذا واحدا من أصل ثلاثة حصل على المخدرات من أمام أبواب المدارس. التقرير الذي كان موضوع دراسة من طرف خبراء مغاربة وأوربيين استعرض بعض التوصيات الواجب اتخاذها، التي يمكن اقتباسها من تجارب دولية. بهذا الخصوص، يشير التقرير إلى التجربة البرتغالية التي يمكن اعتمادها بشأن استخدام الأموال المصادرة من عمليات تهريب المخدرات، وتخصيصها لبرامج محاربة الإدمان ومحاربة المخدرات، لاسيما وأن الإدمان على المخدرات في المغرب، حسب التقرير، يلحق الخراب بالمجتمع المغربي، بالنظر إلى كون 5 مغاربة من أصل 10، حسب التقرير، مستهلكين مدمنين على المخدرات، حسبما أوضحه التقرير الوطني الأخير حول الأسر، والمتعلق بالاضطرابات العقلية المنجز سنة 2013. ومن بين التوصيات التي تقدمت بها الدكتورة صابر ماريا، عضو الهيئة العلمية بالمرصد الوطني لمحاربة المخدرات والإدمان، والدكتور جلال توفيق مدير المرصد، نجد ضرورة وضع سياسات حكومية واضحة وجريئة في مجال التدبير الشامل لإشكالية استهلاك المخدرات بالمغرب، ذات طابع براغماتي ومتعددة الاختصاصات، تتلاءم مع منع التدخين واستهلال المخدرات في الأماكن العامة، وأن الوقت قد حان لإعداد برنامج وطني للوقاية يتلاءم مع فئة الشباب والفئات الهشة، والعمل على تقنين منع استهلاك التبغ والمخدرات أمام المؤسسات التعليمية، وإحداث خلايا للاستشارة والمساعدة النفسية في المؤسسات التعليمية والجامعية، وإعداد تشريعات تمنع استخدام وصفات طبية لأدوية علاجية للإدمان، كما هو الحال بالنسبة إلى التلميذات المغربيات اللواتي يلجئن لهاته الطريقة، وتعزيز مجالات البحث في مخاطر المخدرات، باعتبارها أوبئة، وإعداد برامج لتوسيع برامج تقديم العلاجات على المدمنين على كل التراب الوطني، وتقوية وتعزيز قائمة العلاجات المقدمة في مجال محاربة المخدرات والإدمان داخل المناطق الأكثر عرضة لوباء الإدمان على المخدرات. يوصي المرصد، كذلك، بإحداث برامج خاصة للوقاية والعلاج بالمراكز السجنية وفي مواقع العمل، وتقوية سياسة تقليص المخاطر، والزيادة في أسعار التبغ، ومحاربة الأسواق السوداء. توصي الدراسة، أيضا، بتوسيع حقوق المرضى المدمنين على المخدرات، من أجل الحصول على العلاجات الملائمة وبالمجان بالنسبة إلى الأكثر فقرا منهم.