مؤسف ذلك الواقع الذي باتت تعيشه رياضة ألعاب القوى في المغرب، بعد تتالي الخيبات التي حلّت بها كلّما همّ العداؤون المغاربة لتمثيل البلد في إحدى المسابقات ذات الطابع الدولي، والتي غالبا ما تنتهي بمشاركة باهتة لا يتخلل بعضها أي تتويج، في الوقت الذي لا يزال المغاربة يتذكرون بحسرة كيف كان العلم الأحمر يرفرف عاليا، والنشيد الوطني يصدح في كبريات المدن العالمية. هذه النحاسية التي فكّ بها العداء عبد العاطي إيكيدير، امس الأحد، لعنة "النحس" التي طاردت المغرب لثماني سنوات في بطولة العالم لألعاب القوى وحرمتهم من منصات التتويج، تبقى غير مقنعة ولا كافية لإرضاء المغاربة، وهم الذين كانوا يسيطرون فيما مضى على مضمار المسافات المتوسطة والطويلة (من 800 م حتى سباق الماراثون)، ويستحوذون في بعضها على المعدن النفيس. وبمجموع 22 عداءً وعداءة، دخل المغاربة غمار بطولة العالم لألعاب القوى في بكين، التي انتهت منافساتها، اليوم الأحد، وسجلوا حضورهم في سبورة المياداليات بواحدة يتيمة موقعين بذلك على مشاركة غير مرضية على غرار الدورات الثلاث الماضية (2009، 2011، 2013)، التي عادوا منها بخفي حنين، وهو ما لا يليق بسمعة ألعاب القوى، التي بسطت سيطرتها دوليا من خلال مشاركتها في البطولات العالمية وتحقيقها لأرقام قياسية. وعن سبب الإخفاق المتكرر للمغاربة في "أم الألعاب"، يرى عدد من متتبعي الشأن الرياضي الوطني أن غياب الرؤية المتكاملة الهادفة إلى تطوير الرياضة التي تستحوذ على ميزانية كبيرة من خزينة الدولة، إضافة إلى غياب الاهتمام بالقاعدة وإيلاء العناية اللازمة بالفئات الصغرى، فضلا عن انعدام خطة مستقبلية مبنية على المدى الطويل، والتراجع على مستوى التأطير والتكوين تبقى أبرز الأسباب. وحول المشاركة الأخيرة لممثلي الرياضة الوطنية في بكين، يقول أحمد خويا علي، الإطار التقني الوطني في رياضة ألعاب القوى، إن ما تم تحقيقه في الدورة الحالية لبطولة العالم لا يمكن تبخسيه بأي حال من الأحوال، ويمكن اعتبار ما يمر منه القطاع "كبوة جواد"، أما التباين الحاصل في نتائج العدائين مرده إلى حجم الإرادة لدى كل واحد منهم لا غير. وفيما يخص المعيقات، فقد لخصها خويا علي في غياب تهييء الرياضيين والاستمرارية في متابعتهم وتكوينهم، وعدم وجود الخلف القادر على حمل المشعل. ومن جانبها، قلّلت زهرة واعزيز المكلفة بمراكز التكوين في الجامعة الملكية المغربية لألعاب القوى، من حجم الانتقادات المصوبة نحو هذا القطاع، معتبرة أن ما حققه بعض العدائين من مراكز في بكين، يبقى أفضل بكثير مما شهدته المشاركة المغربية "المخجلة" في أولمبياد لندن، أي الاقصاء المبكر لأغلب المشاركين وفضيحة تعاطي بعضهم للمنشطات. كما نوّهت العداءة السابقة في مسافة 5000 متر، بقدرات الشابة رباب العرافي التي حققت المركز الرابع في سباق 800 متر، علما أنها انقطعت عن الميدان حوالي 3 سنوات، وشددت واعزيز على أنه إذا ما هيأت العرافي نفسها جيدا فبإمكانها الوصول إلى منصة التتويج خلال الألعاب الأولمبية المقبلة.