عائلة باكستانية بكاملها تقاذفتها الأمواج قبالة سواحل ليبيا. شيفاز أمضى تسع ساعات متعلقا مع والدته بخشبة قبل أن يتم إنقاذه، لكن أمه وشقيقته توفيتا أمام عينيه. قصة الشاب السوري سامي لا تقل مأساوية عن قصة الشاب الباكستاني. قال مسؤول في الهلال الأحمر الليبي، إبراهيم العطوشي، اليوم الجمعة (28 غشت)، إن ليبيا انتشلت 82 جثة جرفتها المياه إلى الشاطئ، بعد غرق قارب مكتظ الخميس أمام مدينة زوارة على بعد حوالي 160 كلم غرب طرابلس. وفيما تم إنقاذ نحو 198 مهاجرا، ما يزال عشرات المهاجرين في عداد المفقودين في البحر. وليس لدى الهلال الأحمر الليبي أو المسؤولين في زوارة حتى الآن العدد الفعلي للمهاجرين الذين كانوا على متن المركب، علما أن مسؤولا في جهاز خفر السواحل قدر عددهم بما بين 300 إلى 400 شخص. والدة الشاب الباكستاني شيفاز حمزة كانت من بين الذين قضوا في هذا الحادث، بينما كان هو من المحظوظين الذين تم إنقاذهم. وقال شيفاز (17 عاما)، وهو يجلس إلى جانب شقيقه على الأرض في مركز أمني قرب زوارة بين مجموعة من المهاجرين الذين جرى إنقاذهم: "انطلقنا عند نحو الساعة الواحدة والنصف فجرا. كان مركبا خشبيا، على متنه نحو 350 شخصا، بينهم والدي، ووالدتي، وشقيقتي الصغرى (11 عاما)، وشقيقتي الكبرى (27 عاما)، وشقيقي (16 عاما)". وأضاف واضعا يده على جبينه وهو ينظر باتجاه الأرض: "بعد ساعة ونصف بدأ المركب يهتز، ثم بدأت المياه تتسرب إليه، وسرعان ما وجدنا أنفسنا في البحر، وقد تفكك المركب وتحول إلى قطع خشبية. تمسكنا والدتي وأنا بإحدى هذه القطع، ولمحت شقيقي وشقيقتي الصغرى إلى جانبي". وتابع شيفاز: "حاول أحدهم أن يتمسك بسترة النجاة التي كان يرتديها شقيقي على اعتبار أنه لم يكن يملك واحدة، لكن شقيقي لكمه فابتعد. أما شقيقتي الصغرى، فقد وضع شخص يديه على كتفيها، وراح يدفعها ولمحتها للمرة الأخيرة تحت المياه وهو فوقها". وتابع: "تسع ساعات قضيتها مع أمي في المياه، نتمسك بقطعة من الخشب. ظللت أقول لها إن الأمور ستسير على ما يرام. لكن قبل وصول فرق الإنقاذ بربع ساعة، فارقت الحياة. لقد توفيت بين يدي. طلبت من الرجل أن يسمح لي بأخذ جثتها معي، لكنه رفض. أمي ماتت. شقيقتي الصغرى ماتت". وفي أثناء الحديث معه علم شيفاز أن والده وشقيقته الكبرى نجيا ونقلا إلى المستشفى. وفي المركز الأمني قرب زوارة، على مسافة قريبة من شيفاز الذي كان يأمل ب"فرصة أفضل" لعائلته في ايطاليا بحسب ما يقول، يردد سامي مقصود الوافد من سوريا، مع صديق له أتى من غزة، على مسامع رجل الأمن المشرف على المركز السؤال ذاته: "ماذا سيحل بنا؟" من دون أن يحصلا على جواب. وسامي (25 عاما) المتحدر من مدينة اللاذقية السورية، جاء إلى ليبيا قبل أربعة أشهر من الجزائر حيث كان يعمل منذ ثلاث سنوات. ويقول سامي وقد أغرورقت عيناه بالدموع: "قضى ثلاثة من أصدقائي أمامي. رايتهم يموتون واحدا تلو الآخر بعدما أنهكت قواهم". ويضيف: "لم أر عائلتي التي لجأت إلى هولندا، منذ ثلاث سنوات. صعدت في المركب لأراهم بعدما لم أتمكن من الحصول على إذن بلم الشمل. رفض طلبي، فانتقلت من الموت في بلدي، إلى الموت في البحر". وتابع سامي وهو يبكي: "تسع ساعات وأنا أفكر بعائلتي وبما سيحل بي. لماذا أنا في البحر أموت، وهناك أناس تجلس في بيوتها مرتاحة؟ هل كتب علينا في سوريا أن نتنقل من موت إلى موت؟ الله كريم على كل حال". في هذه الأثناء على شاطيء زوارة، واصل مسعفو الهلال الأحمر الليبي عملهم بحثا عن الجثث حيث انتشرت على امتداد نحو كيلومترين الأحذية وبقايا الملابس وعبوات المياه البلاستيكية. وتوقف الموكب بعد العثور على جثة رجل فنزل خمسة أفراد من سيارة إسعاف يرتدون معاطف بيضاء ويغطون أفواههم بكمامات، ووضعوا الجثة في كيس بلاستيكي برتقالي، ونقلوها إلى سيارة الإسعاف. وعلى بعد أمتار قليلة، عثر الفريق على جثة ثانية، ثم على جثة ثالثة.