بعد أسبوع من توقيف «داعشي» سوري بمطار محمد الخامس في الدارالبيضاء، نجحت الشرطة في تفكيك خلية «إرهابية» فريدة من نوعها من حيث وظيفتها الرئيسية داخل البلاد التي استعصت حتى الآن، على «داعش». وهذه هي ثاني خلية تُفككها السلطات بالمغرب في هذا الشهر. بلاغ لوزارة الداخلية أعلن أن المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، تمكن يوم الثلاثاء، من تفكيك «خلية إرهابية» تتكون من 8 عناصر ينشطون بمدن طنجة وبوزنيقة وخريبكة وتاونات، تدين بالولاء لأبي بكر البغدادي، أمير «الدولة الإسلامية»، وكانت تخطط لتصفية مسؤولين أمنيين وضرب منشآت حساسة. غير أن ما هو مثير للانتباه هو أن التحريات كشفت أن زعيم هذه الخلية نسق مع قادة ميدانيين ل«داعش» من أجل «إيواء مقاتلين تلقوا تدريبات مكثفة في مجال التفخيخ وصناعة المتفجرات وحرب العصابات بمعسكراته قبل تزويدهم بجوازات سفر أجنبية، وذلك في أفق تأسيس «كتيبة» تتولى القيام بسلسلة من العمليات» بالمغرب. وبحسب مصدر قريب من التحقيق، فإن الخلية كانت ستستقبل، ثم ستأوي أول مُقاتل داعشي هو السوري الموقوف في مطار الدارالبيضاء، «وهو مجند في تنظيم الدولة الإسلامية، ويمتلك خبرة قتالية، لكن اعتراضه في مطار محمد الخامس وهو يحاول دخول البلاد بجواز سفر مزور، أفشل المخطط». ونجحت الشرطة في الوصول إلى عناصر الخلية بسرعة بعد فحص هاتف السوري «وتمكنها من تحديد مواقع الأشخاص الذين كان من المقرر أن يحتضنوه في المغرب». وقال المصدر ذاته إن السوري كانت لديه محادثات مع شخص واحد من الخلية (هو زعيمها) بينما بالنسبة إلى الآخرين، فقد كانت معلوماتهم بشأن هوية الداعشي السوري محدودة، «وهذه تقنية تلجأ إليها الخلايا لمنع أي تسريبات قد تؤدي إلى إفشال خططها، وتترك عمليات التنسيق محدودة في أطراف قليلة العدد». وهذه أول مرة يظهر فيها أن الخلايا المحلية تستعين بخبرة مقاتلين أجانب في تنظيم «داعش»، ويوافق التنظيم الأم على إرسالهم تحت هذه الطلبات، لتشكيل خلايا قادرة على توجيه ضربات. ومنذ 2012، كانت جميع الخلايا المفككة تنسب إليها تهم التخطيط لإرسال مقاتلين مغاربة إلى التنظيم الأم، في سوريا والعراق. وكان من الواضح أن هذا التغيير قد حدث في استراتيجية «داعش» لمصاحبة خلاياها المحلية في الدول المستعصية كالمغرب، إذ أوقفت الشرطة في ثلاث عمليات روتينية بالمطارات، وفي أقل من شهر، خمسة أجانب كانت لهم صلة معينة ب»الإرهاب»، ابتداء من المواطنين الأفغان الثلاثة الذين تم توقيفهم في نهاية يونيو الفائت بمطار مراكش، ثم بالمواطن الروسي الذي اعتقل في مطار الناظور، وأخيرا بالسوري الذي تم توقيفه بمطار محمد الخامس في الدارالبيضاء. وبينما لم يؤكد المصدر ذاته ما إن كان المواطنون الأفغان والمواطن الروسي لديهم علاقة مباشرة بموضوع إيواء مقاتلين من «داعش»، فإن وزارة الداخلية أشارت إلى أن أعضاء بالخلية المذكورة «لديهم ارتباطات بمقاتلين سابقين في تنظيم القاعدة بأفغانستان، وأن نساء مغربيات أقمن بأفغانستان لفترة قبل أن يعدن إلى بلدهن ويعلن الولاء ل»داعش». بيد أن توقيف المواطن السوري بيّن أن التنظيم شرع في تنفيذ استراتيجيته في المغرب بشأن بعث مقاتلين لتأطير خلايا محلية خارج منطقة سوريا والعراق. وبحسب مصدرنا، فإن الاستراتيجية التي يعتمدها «داعش» في هذا الصدد، تقوم على إرسال مقاتلين أجانب بجوازات سفر مزورة إلى بلدان معينة، وكأنهم سياح، وعلى سبيل المثال، يرسل السوري بجواز سفر تونسي مزور إلى المغرب، فيما يرسل المغربي بجواز سفر جزائري مزور إلى مصر. «وبهذه الطريقة، يقلل «داعش» من الاحتمالات المرتبطة بتوقيف المبعوثين، لأن التمويه هنا يكون أكبر». وحتى عام 2013، كان دخول مواطنين أجانب إلى المغرب بهدف دعم عمليات تجنيد مقاتلين مغاربة وإرسالهم إلى سوريا معروفا، لكنه لم يفرز أي اعتقالات من لدن الشرطة المغربية. غير أن التوقيفات الأخيرة لمواطنين أجانب كشفت أن «داعش» غيّر من استراتيجيته بشأن المغرب، وأصبح الأجانب ورقة لعب جديدة.