رغم حسم الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة في المبادئ العامة التي ستحكم القوانين التنظيمية الخاصة بالسلطة القضائية، ومشاركة القضاة بمختلف انتماءاتهم ومستوياتهم في هذا النقاش، قامت مجموعة من الجمعيات المهنية الممثلة للقضاة بفتح جبهة جديدة للمواجهة مع وزير العدل والحريات، عبر إطلاق حملة «لوبيينغ» جديدة داخل أروقة البرلمان، دشّنتها بلقاء أولي مع فرق المعارضة في مجلس النواب. الائتلاف المغربي للجمعيات القضائية، الذي يضم كلا من الودادية الحسنية للقضاة ونادي قضاة المغرب وجمعية المرأة القاضية، جلس هذا الأسبوع إلى كل من الفريق الاستقلالي والدستوري والاتحادي وفريق الأصالة والمعاصرة، كما التقى برئيس مجلس النواب رشيد الطالبي العلمي، وقدّم مذكّرة تتضمّن ملاحظات حول مشروع القانون التنظيمي الخاص بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، أبرزها الإبقاء على الشق الإداري، المتمثل، أساسا، في كتابة الضبط، تحت سلطة الوزارة. المستشار محمد الخضراوي، الذي حضر هذا اللقاء باسم الودادية الحسنية للقضاة، قال ل» اليوم24» إن الأمر لا يتعلّق بمخاطبة المعارضة أو أحزاب بعينها، «بل نحن نتوجّه إلى البرلمان ونتحدّث إلى ممثلي الشعب، ونحن في طور التحضير للقاء مماثل مع فرق الأغلبية، وعيا منا أن مثل هذا القانون يجب أن يبقى بعيدا عن منطق الأغلبية والمعارضة ومنطق الأحزاب». وأوضح الخضراوي أن الائتلاف طرق باب البرلمان للتعبير عن رفضه لمشروع القانون التنظيمي، «لأنه لا يؤسس لسلطة قضائية فعلية، ووزير العدل الذي خرج من السلطة القضائية بقوة الدستور يعود إليها من نافذة أخرى من خلال تحكّمه في الموظّفين وعدم تمكين القضاة ومجلسهم الأعلى من شراء ولو قلم واحد، وكل القرارات التي سيتخذونها سيوكل تنفيذها إلى سلطة أخرى، وبالتالي سيتحول المجلس الأعلى للسلطة القضائية إلى مجرد هيئة للتعيين والتأديب دون القدرة على تنفيذ قراراته بنفسه». انتقاد ردّ عليه مصدر رفيع بوزارة العدل والحريات باستغراب، حيث قال: «كيف يمكن أن نقول إن قرارات المجلس سوف لن تنفّذ؟ وهل يعقل أن تتأخر وزارة المالية في تنفيذ قرارات التعيين أو الترقية الصادرة عن المجلس وهو مؤسسة دستورية». المصدر نفسه أوضح أن الدستور وضع بشكل صريح الإدارة كاملة تحت سلطة الحكومة، محيلا على الفصل 89 الذي يقول: «تعمل الحكومة، تحت سلطة رئيسها، على تنفيذ البرنامج الحكومي وعلى ضمان تنفيذ القوانين. والإدارة موضوعة تحت تصرفها، كما تمارس الإشراف والوصاية على المؤسسات والمقاولات العمومية». وتساءل المصدر نفسه عما إن كان القضاء في فرنسا أو بلجيكا أو سويسرا أو غيرها من الدول يتوفّر على الإدارة، «ثم ألن يجرّ حصول القضاة على اعتمادات مالية هذه الفئة إلى المحاسبة التي يستوجبها تدبير المال العام؟». وخلص المصدر نفسه إلى أن «استقلال القضاء لا يعني أن يصبح عندنا كيان مستقلّ تماما عن الدولة، بل هناك مؤسسات وسلط ينصّ الدستور على أنها مستقلة، لكنها أيضا متعاونة ومتوازن