في الوقت الذي يسود الجمود الواجهة السياسية للوساطة الأممية في ملف الصحراء بين المغرب وجبهة البوليساريو، كشف التقرير الأخير للأمين العام الأممي بان كي مون، عن نشاط استثنائي في الواجهة العسكرية للتدبير الأممي لهذا الملف الحساس، حيث شهد العام 2014 مشاورات مكثفة وغير مسبوقة مع المسؤولين العسكريين لكل من المغرب وجبهة البوليساريو، تتعلّق بالاتفاق العسكري رقم "1" المندرج ضمن اتفاقية وقف إطلاق النار المبرمة منذ بداية التسعينيات. مشاورات انطلقت بعد ضغوط أممية كبيرة على الطرفين وسعيها إلى تدقيق البنود التي تعتبرها غامضة وتسمح لهما ب"خروقات" متبادلة. فيما يكشف جدول أعمال مجلس الأمن الدولي لشهر أبريل، تخصيص جلسة يوم الخميس المقبل الخاصة بملف الصحراء، لموضوع بعثة ال"مينورسو" بحضور الدول المساهمة في تشكيلتها العسكرية. بان كي مون أشاد بهذه المشاورات التي تقودها بعثة ال"مينورسو" المكلفة بمراقبة تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار في الصحراء، وبما قدّمه الطرفان العسكريان المغربي والانفصالي بهذا الخصوص، دون أن يكشف عن الاقتراحات المقدّمة. في المقابل كشف التقرير الأممي الذي حصلت "اليوم24″ على نسخة منه، عن أن البعثة الأممية خاضت ثلاث جولات من المشاورات مع مسؤولين في القوات المسلحة الملكية، انعقدت خلال شهور مارس وأبريل ويونيو من العام 2014، فيما احتاجت إلى عقد أربع جولات من المشاورات مع عسكريي جبهة البوليساريو، انعقدت في كل من مارس وأبريل وماي ويونيو من السنة نفسها. التقرير الأممي تحدّث عن مساع للقيام ب"ملاءمة" الاتفاق العسكري الأول بين الجانبين، فيما أحال مصدر متابع لكواليس ملف الصحراء "اليوم24″ على تقرير الأمين للأمم المتحدة عام 2012، "هناك توجد كل التفاصيل والحيثيات التي تفسّر الشروع في التفاوض مع الطرفين لتعديل الاتفاق العسكري رقم 1″. هذا التقرير الذي يتوفّر "اليوم24″ على نسخة منه، يوضّح أن الأمر يتعلّق باتفاق وافق عليه الطرفان سنتي 1997 و1998، ويتعلّق بتدبير المعدات العسكرية والمنشئات الدفاعية الجديدة وعمليات الانتشار في المناطق المتاخمة للجدار الرملي للحفاظ على الوضع القائم منذ وقف إطلاق النار عام 1991. وعن السبب الذي يجعل الأممالمتحدة ترغب في تعديل هذا الاتفاق، قالت مصادر "اليوم24″ إن التقرير الجديد المقدّم هذا الأسبوع أمام مجلس الأمن الدولي، "يكشف استمرار موقف بان كي مون تجاه هذا الاتفاق حيث يعتبره غير دقيق ويسمح بجملة من الخروقات التي يتّهم بها كلا من القوات المسلحة الملكية وقوات البوليساريو، ويرغب في ملء ما يعتبره ثغرات تسمح بها". بان كي مون عاد في تقريره الجديد إلى ترديد هذا الموقف، حيث قال في تقريره الجديد إن اختلاف الطرفين في تأويل مهام المينورسو يحدّ من فعاليتها، حيث يصرّ المغرب على كونها مكلّفة فقط بمراقبة وقف إطلاق النار، فيما تقول البوليساريو إن مهمتها هي تنظيم الاستفتاء. تقرير بان كي مون الجديد اشتكى من كون سيارات بعثة المينورسو تحمل لوحات ترقيم مغربية، وهو ما قال إنه يحدّ من موضوعيتها. فيما كان تقرير 2012 قد اتّهم صراحة الطرفين بعدم احترام الاتفاق العسكري رقم1، حيث "يشدّد المغرب على نطاق التهديدات الأمنية في الأرجاء الجنوبية من الإقليم لتبرير عدم امتثاله في ما يتخذه من تدابير عسكرية. ونسبت المخالفات السابقة من قبل جبهة البوليساريو إلى أفراد من قادتها، ولكن يبدو أنه قد تم استخدامها كوسيلة للاحتجاج على حالة الجمود في العملية السياسية". تقرير 2012 الذي تحدّث بإسهاب عن أسباب انزعاج الأممالمتحدة من الصيغة الحالية للاتفاق العسكري رقم1، قال إن أمن أفراد بعثة المينورسو بات محطّ قلق كبير، بفعل تنامي الأخطار، خاصة شرق الجدار الرملي، أي المنطقة العازلة التي لا يراقبها الجيش المغربي.