إعداد: وداد الملحاف عند إبحارنا على مواقع التواصل الاجتماعي أو على المواقع الإخبارية تصادفنا أحيانا نداءات لجمع تبرعات لتغطية مصاريف علاج أحد المرضى، وهو أمر وإن كان يعكس روح التكافل والتضامن بين المغاربة، إلا أنه يؤكد أن الجهات الحكومية لم تستطع لحد الساعة أن توفر العلاج لكل المرضى مهما بلغت التكاليف، لأن تلقي العلاج حق دستوري، وقد قامت « اليوم24» بنقل صورة عن حالات طلبة يعانون أمراضا تثقل كاهل أسرهم وتؤثر سلبا على تحصيلهم الدراسي. جمع التبرعات لإنقاذ أنس كان أنس، البالغ من العمر 22 ربيعا، يعيش حياته بشكل طبيعي، إلى حين أن أصيب بحالة صداع شديد، وقرر إجراء فحوصات أولية لمعرفة سبب الألم، لتبين نتيجة فحص أشعة الرنين المغناطيسي أن الأمر يتعلق بورم سرطاني في الدماغ. ويقول والد أنس، وهو أستاذ جامعي بكلية عين الشق، في اتصال مع «اليوم24»: «تسبب الخبر في صدمة كبيرة للأسرة، أما تكاليف العلاج فقد جعلت وقع الصدمة أشد». يدرس أنس بكلية الطب والصيدلة بمدينة الدارالبيضاء، وقد عرف بين زملائه بتفوقه الدراسي وحبه للحياة، لكن منذ أن علم بالخبر قبل نحو 20 يوما توقف عن متابعة الدروس في مدرجات الكلية. وبغرض إيجاد حل سريع للتمكن من تغطية مصاريف العلاج، طرق والد أنس باب الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي الذي يستفيد من خدماته لتمكين ابنه من التغطية الصحية. «للأسف، لا يستطيع الصندوق تغطية تكاليف عملية ابني لأن الصندوق له شراكة فقط مع القطاع الصحي بفرنسا»، يقول الأب. ويستلزم التخلص من الورم السرطاني بشكل نهائي إجراء عملية دقيقة بالولاياتالمتحدةالأمريكية، تبلغ تكاليفها ما يقارب نصف مليار سنتيم، وهو مبلغ يستحيل أن يوفره والد أنس الذي يقول: «نحن في انتظار تحقيق الوعود التي قدمها بعض معارفنا، وأن يحن قلب أحد المحسنين لإنقاذ حياة فلذة كبدي» ويرى والد أنس أن التغطية الصحية ضرورية للطلبة حتى يتجنبوا إطلاق نداءات التبرع وانتظار من سيتكفل بعلاجهم. تكلفة بسيطة بثقل جبل عندما كانت هبة تدرس بالسنة الثانية بسلك الماستر أصيبت بإسهال حاد صاحبه خروج دم، لتكتشف أن الأمر يتعلق بمرض نادر للالتهاب المزمن للأمعاء المعروف اختصارا بRCH. والد هبة، التي تبلغ من العمر 26 سنة، لا يتوفر على عمل قار منذ عودته قبل سنوات من الولاياتالمتحدةالأمريكية. تقول هبة: «يمكن القول إننا نعيش حاليا في حالة فقر، فوالدي لا يتوفر على تغطية صحية لكي أستفيد منها، ووالدتي لا تشتغل»، وعند اكتشاف المرض دخلت هبة مرتين إلى المستشفى، وتتابع علاجا تبلغ تكلفته 500 درهم شهريا. «قد يبدو لعامة الناس أن المبلغ بسيط، لكن بالنظر إلى ظروفنا الاجتماعية الصعبة فهو يعد مبلغا مرتفعا جدا». المرض أثر بشكل سلبي على نفسية هبة وعلى متابعة دراستها بشكل عادي، خصوصا في البداية، لكونها لم تكن معتادة على تناول أدوية قوية تحتوي على مادة «الكورتيكويد»، وتحاول أسرة هبة التأقلم مع الوضع الجديد بالحرص على تطبيق حمية غذائية خاصة، والحرص على عدم التسبب في التوتر لها، وترى هبة، التي تحضر سلك الدكتوراه في المالية، أن التغطية الصحية يجب أن تراعي بشكل أساسي الوسط الذي ينحدر منه الطالب. إعاقة الإرادة أقوى قبل عامين وقعت حادثة سير قرب كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالمحمدية، قلبت حياة حمزة، البالغ من العمر 23 سنة، رأسا على عقب، فخطورة وضعه استلزمت تدخلا جراحيا ليعلم بعد ذلك أنه مصاب بشلل نصفي. يقول حمزة في اتصال مع « اليوم24»: «أتنقل حاليا بكرسي متحرك بسبب عدم قدرتي على التحكم في رجلي، وأتابع علاجا طبيعيا بشكل دائم»، ويقتضي تلقي حمزة العلاج بالترويض الطبي دفع مبلغ 1200 درهم أسبوعيا. إعاقة حمزة لم تثنه عن مواصلة دراسته بسلك الماستر بشعبة القانون الخاص الفرنسي، والقيام بأنشطة جمعوية وسياسية. والد حمزة، الذي يشتغل أستاذا بسلك التعليم الثانوي، يجد صعوبة في تغطية مصاريف علاج ابنه لكونه المعيل الوحيد للأسرة، ولوجود مصاريف أخرى. يقول حمزة: «إعاقتي جعلتني أشرع في صياغة مشروع قانون الحق في الولوجيات». وقد لفتت حيوية حمزة ونشاطه نظر زملائه وأصدقائه، حيث يؤكد: «ليست هناك إعاقة أكبر من إعاقة الإرادة»، إذ اجتاز امتحان الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة، التي يأمل من خلالها أن يستطيع إيصال صوت ذوي الاحتياجات الخاصة. يقول: «حالتي قد تكون أبسط من حالات أخرى أكثر خطورة لطلبة أكثر فقرا مني يتوقفون عن الدراسة ويضيع مستقبلهم بسبب الكلفة العالية للعلاج»، ويتمنى حمزة أن يستفيد الطلبة قريبا من التغطية الصحية التي يعتبرها حقا للجميع.