على بُعد أسبوعين من الجمع العام رقم 65 لتجديد ثلث المجلس الإدراي للتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، المقرر عقده بأكادير ابتداء من 24 أكتوبر الجاري وبينما بدأت منافسة شرسة بين النقابات الممثلة فيه، خرجت الشبكة المغربية لحماية المال العام والجمعية المغربية لمنخرطي التعاضدية العامة بتقرير «أسود» عما «وصفته «استمرار مسلسل الفساد» في هذه المؤسسة المؤتمنة على انخراطات 450 ألف منخرط منذ عهد الفرّاع وإلى اليوم. بالموازاة مع ذلك، توصل رئيس التعاضدية، عبد المولى عبد المومني، بعد سنة وثلاثة أشهر من التأخير بوصل من المحكمة الابتدائية في الرباط يوم 3 أكتوبر الجاري بعدما قضت باختصاصها النوعي من أجل النظر في مضمون الدعوى التي كان قد رفعها رئيس الجمعية المغربية لمنخرطي التعاضدية، عبد السلام بالفحيل، ضد عبد المولى حول «لا قانونية» الجمع العام للتعاضدية المنعقد في أكتوبر 2011 بمراكش. ويأتي التقرير ليزيد من الضغط على رئيس التعاضدية العامة، خاصة وأنه توقف عند كثير من «الاختلالات البنيوية»، مشيرا في ذلك إلى تقرير المفتشية العامة للمالية، طالت أكثر من ملف بدءا من «التعاضد الإفريقي»، ومركز أمل للمعاقين بأكادير، والإصرار على خرف المادة 44 من نظام التأمين الإجباري عن المرض، وتدهور الخدمات الموجهة للمنخرطين، وتبديد أموال دور الاصطياف، فضلا عن «لا شرعية المجلس الحالي بناء على مراسلات وقرارات وزارتي المالية والتشغيل». فبخصوص ملف التعاضد الإفريقي، أكد التقرير أن احتضان التعاضدية العامة للاتحاد التعاضدي الإفريقي «ليس من اختصاصاتها حيث لا يمكن أن تحل محل السلطات الحكومية»، وليس من حقها أن تصرف أموالا على ذلك من أموال المنخرطين، لأنها «لا تفيد المنخرطين وذوي حقوقهم في شيء». بل إن اختيار الرباط لاحتضان مقر هذه الاتحاد الإفريقي كانت «وراءه حسابات سياسية، لا علاقة للعمل التعاضدي السليم بها». وتطرق التقرير إلى مركز أمل الذي «تم وضعه وتمريره خارج الأجهزة التقريرية»، وكشف أن «كلفة كل طفل في الشهر تتجاوز ما هو معقول وتثقل ميزانية التعاضدية»، علما أن التعاضدية «لا يمكن أن تحل محل السلطات الحكومية في مجال رعاية وحماية الأطفال المعاقين»، وليس من اختصاصاتها ذلك. وبينما يسجل تدبير المركز عجزا ماليا مستمرا، خصصت له التعاضدية من ميزانية المنخرطين غلافا ماليا وصل إلى 5 ملايين درهم في سنة 2013، لكن المثير أن عدد الأطفال لا يتعدى 22 طفلا. وبخصوص المادة 44 من مدونة التغطية الصحية التي تنص على ضرورة أن تفوت التعاضديات بتفويت تدبير العلاجات والعيادات في إطار التدبير المفوض بدل القيام بها مباشرة، سجّل التقرير أن التعاضدية لازالت ترفض تفعيل هذه المادة، بل إن ميزانية 2013 واصلت خرق هذا المقتضى لأنها خصصت مبلغ 6 ملايين درهم لإحداث مركز لدار العجزة والولادة بأكادير؛ لتنضاف إلى ذلك السيارة المتنقلة للحملات الطبية التي كلفت أموال المنخرطين التي قدرت ب 300 مليون سنتيم. وبرمجت التعاضدية مشاريع لتهييء بنايات لإيواء عيادات الفحوص الطبية في أربع مدن، ضدا على القانون. أما عن تدهور الخدمات الموجهة للموظفين، فتحدث التقرير عن «تأخير أداء التعويضات عن ملفات المرض»، بحيث تتأخر التعاضدية في تعويض المنخرطين لمدة 5 أشهر، في حين أن المؤسسات المماثلة لا تتعدى 21 يوما مثل الكنوبس. ناهيك عن «تفشي المحسوبية والزبونية، وتخصيص شباك امتيازي للمناديب والمتصرفين في خرق فاضح لمبدإ المساواة». وكشف التقرير أن مطلع سنة 2013 عرفت تفجر «فضيحة اختفاء وتبديد عشرات الملايين من مداخيل دور الاصطياف»، ودعا التقرير إلى فتح تحقيق نزيه حول ذلك، رغم أن الملف بات الآن بيد القضاء. وقال التقرير إن دور الاصطياف وُجدت أصلا لصالح المرضى الذي يحتاجون إلى نقاهة. لكنها تحولت إلى وسيلة ل»إرشاء المناديب والمتصرفين» أيام الانتخابات وغير ذلك. وأعاد التقرير التذكير بما سبق أن كشفه تقرير المفتشية العامة للمالية قبل أشهر، خاصة فيما يتعلق بالصفقات الذي كانت «تفتقر إلى الشفافية والوضوح»، وتجزيء الصفقات لكي لا تمر عبر طلبات عروض، وتفويت مشاريع لشركات تبدأ العمل فيها قبل توقيع العقد نهائيا.