قال رشيد غلام إن الأغنية التي أهدها لمعتصمي رابعة هي ردت فعل عن ما يجري في مصر، رغم أن بعض الفنانين وأصدقائه من مصر لم يرقهم الأمر وعاتبوه، مشيرا إلى ان الأغنية كتبتها وهو على متن الطائرة. أصدرت مؤخرا أغنية مصورة تدعم من خلالها معتصمي رابعة، نعلم أنك كتبت ولحنت وأديت ووزعت الأغنية، كيف بادرتك الفكرة؟ الفكرة ببساطة أن كل ضمير حي حين يتفاعل مع أحداث أمته خصوصا مظاهر الظلم والاستبداد يتفاعل معها انطلاقا من قدراته، لذلك فقد تفاعلت مع ما يجري في مصر بكتابة قصيدة كانت بادئ الأمر باللغة العربية الفصحى قبل أن أحولها إلى اللهجة المصرية لتكون أقرب للمجتمع المصري، كتبتها وأنا على متن الطائرة بحيث وقعت أحداث رابعة عندما كنت في كندا وكتبت القصيدة في طريق العودة منها. كيف كانت ردود الفعل التي تلقيتها بخصوص الأغنية؟ ردود الفعل في غالبيتها سواء من مصر أو من باقي البلدان العربية كانت طيبة بعض الفنانين والأصدقاء من مصر لم يرقهم الأمر وعاتبوني وبعضهم اعتبروا أنني بعت نفسي وأن إخوان مصر أعطوني المال لأقدم تلك الأغنية. ولكن بالرغم من ذلك أغلب الأصداء كانت طيبة جدا والصدى الذي خلفته الأغنية أكثر بكثير مما كنت انتظره وأتوقعه. ألم تخش أن تعتبر مبادرتك هاته تدخلا في شأن داخلي وأن يقال لك مثلا بدارجتنا "ماشي سوقك"؟ أعتبر أن عبارة الشأن الداخلي هاته لغة مستحدثة وغريبة جدا، فالعدل والحق والشرعية والحرية قيم إنسانية يشمئز من عدم وجودها جميع الناس وهذا يستنهض المشاعر الإنسانية في أنحاء العالم. فأنا مثلا لم أغن لمرسي حين كان في الحكم لأن هذا يعتبر شأنا داخليا لا علاقة لي به ولكن اغتصاب الشرعية وقتل الناس شؤون إنسانية، وإذا كان المجتمع الدولي صامت بشأنها لا يعني أن نحذو حذوه، الأمر كما قلت إنساني ويستدعي تفاعلنا وتصرفنا بشأنه. فالأمر لا يتعلق بالإخوان وإنما بالإنسان وهنا أستذكر حين وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم حين مرت به جنازة فقيل له إن الميت يهودي فرد "أليست نفسا؟" نعرف أن لك حضور قوي في مصر من خلال مشاركتك في مجموعة من الحفلات، ألا تخش جراء موقفك ان تستبعد مستقبلا من مختلف الأنشطة والحفلات في مصر؟ أنا أعلم جيدا أن موقفي سيدفعني لمعاداة الجهة الحاكمة في مصر اليوم وكثير من الأنظمة المؤيدة لها ولكنني لست من النوع الحريص على النجومية مقابل الصمت الشيطاني لو كنت كذلك لقمت به في بلدي. كيف كان موقفك من بعض الفنانين المصريين الذين حلوا بالمغرب مؤخرا واستغلوا مناسبات فنية لتمرير مواقف سياسية مؤيدة للسيسي؟ أولا يجب أن نشير إلى موقف المغرب الرسمي المخزي الذي دفع لاستدعاء أولئك الفنانين المؤيدين للانقلاب، أما بالنسبة لأولئك الفنانين فأغلبهم مرتزقة وليست لهم مبادئ ثابتة، غنوا وطبلوا لمبارك وغنوا للعسكر ولو جاء جمال مبارك لغنوا له. هذا الفن الارتزاقي وهاته النخبة المثقفة والفنانون المزيفون صنعهم الاستبداد وهمهم الوحيد الدفاع عن مصالحهم ولو على حساب الأمة والمبادئ. ولكن فنانون كثر ممن يؤيدون السيسي اليوم كانوا معارضين لمبارك وأغلبهم يدعمون الانقلاب من منطلق الدفاع عن الفن حيث يؤكدون على أنهم عاشوا التضييق في فترة حكم مرسي؟ هذا خطأ، أولا ليس كل الفنانين مشاركون في هذه المهزلة وثانيا كل ما يقال عن التضييق هو مصطنع وكان يديره العسكر. الفئة الأكثر تشددا في مصر على مستوى الفن هو حزب النور المنافق الذي يدعم الانقلاب اليوم أما الإخوان فهم متقدمون جدا وأكثر حرية وديمقراطية من العلمانيين واليساريين، يكفي أنه في عهد مرسي لم يتم قتل الناس بالرصاص ولم تكمم أفواه أي من وسائل الإعلام عكس ما يجري اليوم. تقود رابطة تحمل اسم "صوت رابعة" هل أنت العضو الوحيد أم أن هناك فنانون آخرون؟ طبعا هناك فنانون آخرون ومشاريع أخرى إن شاء الله، ولكن للأسف أغلب الفنانين الذين نعرض عليهم الفكرة خوافون، ومن الصعب أن نجد فنانا ملتزما بقضايا أمته، للأسف أغلبهم حريصون على دنياهم وعلى نجوميتهم... هل لك أن تطلعنا على اسماء بعض الفنانين المنضوين تحت لواء الرابطة؟ لا أستطيع ذكر أسماء في الوقت الحالي، ولكن هناك عدد من الفنانين ونحن نعد لمشروع أوبريت سيشارك فيه فنانون عرب سيتطرق لما يجري في مصر وسوريا. تعلم أن هناك حملة تحمل شعار "برلمانيون ضد الانقلاب" تضم مجموعة من البرلمانيين من المغرب وخارجه، ألم تفكروا بالتنسيق معهم في إطار رابطة "صوت رابعة"؟ نتمنى ذلك ونتمنى أن يدعمونا، وإلى جانب تلك الحملة هناك مجموعة من الهيئات التي تشتغل على نفس الهدف ولكن للأسف لا ينتبهون إلى الجانب الثقافي والفني في التدافع بين الحق والباطل ولا ينتبهون لأهمية الفن والثقافة بالرغم من أنهم رأوا ويرون كيف أن العسكر في مصر استغل فئة الفنانين والمثقفين للتأثير في الرأي العام وعيا منه بأهمية الجانبين. هل صيرورة الأحداث في الدول التي شهدت الربيع العربي دفعتك للشعور بالتشاؤم من ذلك الربيع الذي انقلب خريفا؟ أنا بطبيعتي لست متشائما، أنا متفائل على الدوام وأنظر إلى الأحداث من حيث صنع الله فيها وليس صنع البشر، وأفكر دائما أن كل هذا سيسير إن شاء الله إلى الخير، فالأحداث اليوم تبين أننا في ذروة الصراع بين الحق والباطل، الصراع بين الإسلام والطوائف الأخرى من يسارية وقومجية وغيرها، لذلك أنا مطمئن لما يصنعه الله وأتفاعل مع أحداث أمتي وأتمنى أن يكون لي جزء من صناعة أمتي ومجدها حتى لا أكون مجرد متفرج كدودة عاشت وماتت ولم يتبق لها اثر وكأنها لم تكن أبدا.