أوردت مجلة فورين بوليسي أن تواصل تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية قد يقوض المساعدات المالية السخية التي تمنحها بلدان خليجية، خاصة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية والكويت وغيرها، لبلدان عربية تربطها بها علاقات ثنائية استراتيجية، ولا تتوفر على أرصدة كبيرة من النفط والغاز الطبيعي، وكانت منذ عقود تتلقى الدعم من دول الخليج، متمثلة في المنح والاستثمارات. ولفتت المجلة إلى أن تلك المساعدات التي تأتي من خزائن دول الخليج نحو دول من الشرق الأوسط، كالأردن، أو بلدان في شمال إفريقيا، مثل المغرب ومصر، ليست من أجل أنظمة هذه الدول، وإنما هي أموال تصرف لغايات سياسية. وفي هذا السياق، قلل المحلل الاقتصادي، هشام الموساوي، من أهمية هذه الفرضية، وقال، في تصريح ل» اليوم24»: «إذا كان الانطباع الأول يذهب في اتجاه استنتاج أن انخفاض أسعار النفط سيدفع دول الخليج نحو ترشيد المساعدات والتبرعات الموجهة إلى المغرب، غير أنني لا أعتقد أن هذه الفرضية صحيحة، وذلك لسببين رئيسيين: أولا لأن هذه المساعدات مؤطرة من خلال شراكة استراتيجية تعكس التزاما صريحا من جانب دول الخليج صوب المغرب. وثانيا، لأن هذا الدعم المالي ليس عملا خيريا، بمعنى أن المغرب يتلقى المساعدات مقابل خدمات يقدمها للطرف الآخر المانح، وتتعلق أساسا بالدعم السياسي والعسكري من المغرب نحو دول الخليج العربي». فمن الواضح، يضيف الموساوي، أن دول الخليج «لا تقدم مثل هذه المساعدات للمغرب هكذا، خصوصا عندما تكون التهديدات الإرهابية التي يواجهها الخليج في ذروتها». وأوضح أستاذ الاقتصاد بجامعة السلطان مولاي سليمان ببني ملال، أنه إذا انتقل سعر برميل النفط من 115 دولارا في يوليوز الماضي، إلى أقل من 85 دولارا اليوم، فإن هذا السعر لا يزال مربحا الآن لدول الخليج، ويتيح لها الحصول على عائد جيد، على الرغم من أن أية دولة لا تريد أن ترى إيراداتها تنخفض، مضيفا أنه «عندما تنخفض أسعار النفط دون 70 دولارا، وهو أمر مستبعد، فإن الوضع آنذاك سيكون حرجا، لأن الانخفاض الحالي في أسعار النفط مؤقت، ومن المحتمل أن يصعد خلال وقت قريب، وهو ما يعني أن الشراكة الاستراتيجية بين المغرب ودول الخليج لن تعرف تراجعا أو نهاية قريبة»، يضيف المحلل الاقتصادي. وبالرجوع إلى ما أوردته المجلة الأمريكية، نجدها تؤكد على أن دول الخليج الغنية اعتادت منذ عقود خلت على ضخ أموالها لفائدة المغرب ومصر والأردن، بهدف استمالتها سياسيا، وتشكيل تحالف يضمن الاستقرار في الخليج، للحفاظ على اقتصاديات هذه الدول، ودرء خطر حكومات غير صديقة. وأمام استمرار تراجع أسعار النفط في العالم، تضيف المجلة الأمريكية، فإن عواصمالرباط والقاهرة وعمان باتت تضع أياديها على قلوبها خشية إصابة الصحة المالية لدول الخليج بسوء، ومن ثم التأثير سلبا على الدعم الذي تقدمه هذه البلدان لها كل عام. ومن المتوقع أن بلدانا مثل السعودية قد تواجه عجزا إذا ما واصلت أسعار النفط تراجعها، حيث إن انخفاض أسعار النفط قد يؤدي بدول الخليج إلى تقليص فوائضها المالية المتوقعة البالغة 175 مليار دولار. وأشارت «فورين بوليسي» إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي الست تمتلك ثروة مجتمعة تبلغ 2.5 تريليون دولار، فالسعودية وحدها لديها احتياطي تبلغ قيمته أكثر من 750 مليار دولار، والكويت أكثر من نصف تريليون دولار.