نشرت صحيفة النيويوركية الشهيرة «نيويورك تايمز» سيناريو لتقسيم خمس دول عربية وتحويلها إلى 14 دولة، من خلال انفصال تسعة كيانات عرقية ومذهبية، ما أغضب العرب الذين كانوا مجتمعين في نييويورك التي تحتضن أشغال الجمعية العامة للأمم المتحدة. نيويورك: اليوم24 في الوقت الذي تلتئم فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها ال68، باعتبارها أكبر لقاء دولي تشهده السنة والمعبّر عن التكتل والاتحاد؛ صُدم الدبلوماسيون العرب المشاركون في أشغال الجمعية والموجودون في مدينة نيويوركالأمريكية، بمقال نشرته أكبر صحيفة نيويوركية وأكثرها شهرة وتأثيرا في القرار الدولي، نيويورك تايمز، تحدّثت فيه عن سيناريو تقسيم خمس دول عربية وتحويلها إلى 14 دولة، من خلال انفصال تسعة كيانات عرقية ومذهبية. وتحت عنوان «لنتخيّل مراجعة خريطة الشرق الأوسط»، كتب الباحث الأمريكي الشهير روبين رايت، المتخصص في العالم الإسلامي ومؤلف كتاب «الغضب والتمرد في العالم الإسلامي، مقالا أرفقته الصحيفة النيويوركية الشهيرة بخرائط توضّح كيفية احتمال تقسيم كل من ليبيا والمملكة العربية السعودية وسوريا واليمن والعراق. مصير ليبيا حسب هذا المقال الذي اعتبره مصدر دبلوماسي عربي في نيويورك «مستفزا»، كان هو التقسيم إلى ثلاث دويلات، واحدة تضم الثلث الشرقي من ليبيا، المحادي لمصر وعاصمته بنغازي، والثانية فوق الرقعة الجنوبية من الثلثين المتبقيين، وعاصمتها سبها، فيما الدولة الثالثة هي تلك المحادية للحدود مع كل من تونس والجزائر، وعاصمتها طرابلس. كاتب المقال قال إن الأحداث التي شهدتها المنطقة العربية في السنوات الأخيرة قد تكون عاملا ممهدا لانشطار عدد من الدول وتقسيمها إلى دويلات، مضيفا أن الحرب التي تشهدها سوريا ستكون نقطة تحول في هذا المسار. وأضاف الباحث الأمريكي عبر الجريدة النيويوركية المؤثرة، أن العامل الحاسم في تحديد الخريطة المقبلة للمنطقة العربية، سيكون هو إعادة النظر في التوازنات الدولية واتفاقات القوى الكبرى. وجعل روبين رايت سوريا على رأس الدول العربية المرشحة للتقسيم إلى عدة دول، مبررا ذلك بتناقضاتها الداخلية وتعدديتها الدينية والمذهبية والعرقية، واستدل الباحث الأمريكي على هذه الإمكانية بالانقلابات التي شهدتها سوريا بعد استقلالها عن فرنسا. «اليوم وبعد 30 شهرا من الاقتتال، أصبح التنوع قاتلا، وباتت سوريا مقسمة عمليا إلى ثلاث مناطق مختلفة عن بعضها البعض، لكل منها عَلمها وقواتها العسكرية الخاصة». وخلص كاتب المقال الصادم إلى رسم حدود كل دولة من الدويلات التي قال إنها ستنجم عن انشطار سوريا، واحدة «علوية» على طول الشريط الساحلي المطل على البحر الأبيض المتوسط، وثانية سنية تضم العاصمة دمشق وجنوب سوريا، وثالثة في الشمال تخصص للأكراد وتتوحّد مع شمال العراق. هذا الأخير بدوره مرشح، حسب الباحث الأمريكي، للتقسيم إلى عدة دول، حيث سينضم قسمه الغربي المحادي لسوريا إلى دولة سنية تتوحّد مع القسم السني من سوريا، فيما ينضم الشمال بعاصمته أربيل إلى الشمال السوري لتأسيس دولة الأكراد، فيما يخصص الجنوب لدولة «شيعيستان» الشيعية. فالعراق ورغم صموده، حسب الكاتب الامركي، آخذ في الانهيار بفعل الضغوط الدولية، بالإضافة إلى تأثير الوضع السوري عليه، والتي سيشكل انقسامها، حسب روبين رايت سابقة تفتح باب تقسيم باقي دول المنطقة. وذهب المقال إلى أن القسم السني من العراق سيشعر تدريجيا بالقرب والانسجام أكثر مع الأغلبية السنية في سوريا، وبالتالي يتجه نحو الانفصال عن العراق وتشكيل دولة سنية منسجمة، خاصة أن السنة يشكلون أقلية في العراق الحالي. وعزّز صاحب المقال طرحه هذا بوجود روابط قبلية وعرقية على جانبي الحدود بين العراق وسوريا، ستساعد في تحقيق هذا السيناريو. أما عن الدولة الكردية في الشمال، فقال روبين رايت إنه ورغم الخلافات الطويلة بين أكراد العراق وأكراد سوريا، إلا أن فتح الحدود بعد اندلاع المواجهات في سوريا، أدى فورا إلى تدفق 50 ألف كردي من سوريا نحو الجانب العراقي. الباحث الأمريكي قال إن الخريطة التي نجمت عن تقسيم الامبراطورية العثمانية، لم تعكس حقيقة الأوضاع العرقية والمذهبية للمنطقة العربية، وهو ما أدى برأي الكاتب الأمريكي، إلى فصول دموية من الحرب الأهلية في لبنان والصراع الدائر حتى الآن في العراق وسوريا. وأضاف روبين رايت أن الربيع العربي لم يأت فقط لإسقاط الحكام الدكتاتوريين، بل لأن مجموعات بشرية في المنطقة تتطلّع إلى التخلص من حكم مركزي لا ينسجم مع هويتها، والتمكن من استغلال ثرواتها الطبيعية بشكل مباشر. لينتقل الباحث الأمريكي إلى الملف اليمني، ويعتبر أن الحل الممكن للصراع الطويل بين الشمال والجنوب، سيكون بإلحاق القسم الجنوبي من اليمن بالمملكة العربية السعودية، مبررا ذلك بكون جل سكان الجنوب اليمني سنيين مثلهم مثل السعودية، وكثير منهم لهم امتدادات عائلية داخلها، وبالتالي سيصبح بإمكان اليمنيين الفقراء الاستفادة من ثروات المملكة العربية السعودية، فيما تحصل هذه الأخيرة على منفذ نحو بحر العرب ومميزاتها التجارية، والتخلص بالتالي من شبح الخوف من هيمنة إيران على الخليج العربي ومراقبة صادراته النفطية. لينتقل المقال المنشور في الجريدة النيويوركية في عدد أول أمس الأحد، إلى افتراض ضرورة تقسيم المملكة العربية السعودية نفسها، معتبرا أنها مجرد تجمّع لعدد من القبائل تم توحيدها بالقوة وتحت راية المذهب الوهابي. ورغم ناطحات السحاب والطرق السيارة التي بنتها، يقول كاتب المقال، فإن المملكة مازالت تحتفظ ببنياتها القبلية المتفككة وتوتراتها بين الأغلبية السنية والأقلية الشيعية. وأضاف روبين رايت عوامل أخرى تتمثل في تنامي البطالة والتوترات الاجتماعية داخل المملكة، ليقسم المملكة العربية السعودية، في خارطة مرفقة بالمقال، إلى خمس دول. وخلص الكاتب إلى أنه وبعد قرن من اتفاقية سايكس بيكو بين فرنسا وبريطانيا لاقتسام المنطقة العربية، بات من الممكن إعادة النظر في الحدود الحالية.