انتهز عبد الإله بنكيران مناسبة تقديم ترتيب أكبر 500 مقاولة مغربية لكي يعلن تصالحه مع الباطرونا قبيل البدء شروع البرلمان في مناقشة مشروع قانون المالية الجديد. أمام ممثلي أفضل 500 مقاولة مصنفة في المغرب، تحدث رئيس الحكومة لمدة تزيد عن ساعة من الزمن، حيث انتزع ابتسامات المقاولين وأرسل العديد من الرسائل، ووعد المستثمرين بمستقبل حافل بالإنجازات.. كان ذلك، مساء أول أمس، بأحد أكبر فنادق الدارالبيضاء حين حضر رئيس الحكومة، الإعلان عن ترتيب أفضل 500 مقاولة بالمغرب. وقدم عبد الإله بنكيران إلى هذا اللقاء، الذي يعد النسخة 13 للترتيب السنوي لأقوى مقاولات المغرب، والذي نظمته مجلة «economie entreprise تحت شعار: «المقاولة في قلب استراتيجية الحكومة»، (قدم) مصحوبا بكل من عبد الله باها، وزير الدولة، ومصطفى الخلفي، وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، وعبد القادر اعمارة، وزير الطاقة والمعادن، وشخصيات اقتصادية أخرى مثل ميلود الشعبي وأعضاء اتحاد مقاولات المغرب. العربية بدل الفرنسية ودخل رئيس الحكومة القاعة وسط تصفيق الحضور من رجال وسيدات الأعمال، ليصعد إلى المنصة، ويقدم كلمته باللغة العربية في الوقت الذي كان التواصل فيه يتم بالفرنسية داخل قاعة المؤتمرات. وخلال مداخلته التي استمرت لمدة 45 دقيقة، استطاع بنكيران تذويب الجليد بينه وبين رجال الأعمال، وأن يحصل على تجاوب وتفاعل كبيرين بينه وبين القاعة، بل إن الانطباع العام الذي خلّفه بنكيران هو انعقاد صلح بينه وبين الباطرونا، حيث ذكر مرارا سواء في عرضه أو أثناء النقاش أن اتحاد أرباب المقاولات يُعد شريكا للحكومة، شرط فهم الباطرونا لتوجهات الحكومة السياسية. وقال رئيس الحكومة، إن الاقتصاد هو واحد من المجالات الحيوية التي ركزت عليها حكومة ما بعد دستور 2011، لإجراء أكبر عدد من الإصلاحات والتدابير، دون أن يغفل أن حكومته تواجه وضعا صعبا يستدعي اتخاذ إجراءات عاجلة وجريئة للسيطرة على التوازنات الاقتصادية الكلية، وزيادة الثقة في مناخ الأعمال، وتقديم رؤية إيجابية لمشغلي الاقتصاد الوطني والدولي. وفي هذا السياق، أشار بنكيران إلى أن كل هذه الإصلاحات، كان لها تأثير إيجابي على صورة المملكة وتصنيف اقتصادها، ما أدى إلى الحفاظ على جاذبية المغرب وقدرته التنافسية في بيئة غير مستقرة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا. إشارات ود وفيما يشبه المغازلة ذكّر رجال الأعمال بدورهم الحيوي في السياسات العمومية، كما لم يفوت فرصة السخرية من خصومه السياسيين، ملمحا إلى «أن الرداءة هي أن تكون صاحب مهنة هامشية في المجتمع وتستغل الفراغ لتصبح زعيما..» (في إشارة إلى حميد شباط)، كما عرّج رئيس الحكومة على ورش إصلاح العدالة معتبرا أن إصلاح القضاء سيجعل المقاول والمستثمر الأجنبي والمغربي يثق في المغرب ويتشجع على الاستثمار فيه. واعتبر رئيس الحكومة أن كل التدابير التي اتخذتها حكومته ساهمت في حفاظ المغرب على «درجة الاستثمار» حسب مؤسسات التصنيف الائتماني السيادي «فيتش» و»ستاندرد آند بورز»، وتحول وضع المغرب من تصنيف سلبي إلى مستقر، من قبل وكالة التصنيف «ستاندرد آند بورز». وقال بنكيران إن صندوق النقد الدولي اعتبر أن المغرب يعد نموذجا في المنطقة من خلال تحقيق ثاني أفضل التطورات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وينعكس هذا التأثير الإيجابي أيضا في تقدم المغرب ب5 مراتب في مؤشر التنافسية العالمية 2014-2015، كما ذكر بنكيران بأن المغرب لم يعد في القائمة الرمادية بين الدول التي لا تمتثل للمعايير الدولية في مجال مكافحة غسل الأموال. كل هذه التأثيرات انعكست أيضا على الزيادة في صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي في 2013 إلى 40 مليار درهم مقابل 32 مليار درهم في2012 و20.8 مليار درهم في عام 2011، كما تم الحفاظ على حجم تحويلات الجالية المغربية، التي بلغ مجموعها 58.3 مليار درهم في عام 2013، على الرغم من الأزمة الاقتصادية والمالية في بلد الإقامة، كما ذكر بأن المغرب ولأول مرة، تجاوز عتبة10 ملايين سائح في عام 2013، وتحسين ترتيب المغرب في مؤشر كفاءة الخدمات اللوجستية، حسب تقرير البنك الدولي، حيث أصبح المغرب يحتل المرتبة 50 في العالم بعدما كان يحتل المرتبة 94 في عام 2007، إذ تقدم ب 44 مقعدا في غضون خمس سنوات. لاخلاف مع الباطرونا وخلال النقاش الذي تلا العروض، وأطره حسن العلوي، مدير نشر مجلة«economie entreprise» ، حرص بنكيران على التأكيد أنه لا يوجد أي خلاف بينه وبين اتحاد مقاولات المغرب، مؤكدا أن التواصل بينه وبين رؤساء الاتحاد كان دائما مستمرا، بل إنه حريص على اصطحابهم خلال تنقلاته الدولية، كما طالب رئيس الحكومة أرباب المقاولات بتقوية تنافسيتهم على اعتبار أن الكفاءة المغربية أصبحت عملة مطلوبة في شتى أنحاء العالم، مشيرا إلى أنه لولا وباء إيبولا لكانت وتيرة التعاون الاقتصادي المغربي الإفريقي أكثر سرعة ونجاعة. وختم رئيس الحكومة إجاباته عن الأسئلة بأن هناك أخبارا سارة في الأفق، قد تفاجئ المقاولين المغاربة وستحمل للمغرب خيرا كثيرا.