اهتزت فرنسا قبل أيام على وقع كتاب رفيقة الرئيس فرنسوا هولاند، بشكل جعل ضربات فاليري تريرويلر الاشتراكيين ، وليس الرئيس فحسب، يترنحون، واليمينيين يفرحون.«اليوم24» تنشر كتاب الصحفية السابقة في باري مارتش على حلقات. في هذه الحلقة سنكتشف كيف عرفت فاليري خيانة فرنسوا لها. فقدت وعيي ولم أكن أطلب شيئا أكثر. لم تكن لدي أي فكرة عن الزمن أو الوقت الذي قضيته نائمة. فهل الوقت نهار أو ليل؟ ولم أكن أعرف ما حصل. شعرت بأنهم يحاولون إيقاظي. وعلمت فيما بعد بأننا كنا في منتصف النهار. نظرت نحو الأعلى كما لو كنت أرى من خلال سحابة من الضباب. رأيت وجه اثنين من أعز أصدقائي: بريجيت وفرنسوا. قالت لي بريجيت إنه يمكنني أن أدخل المستشفى، وإنها قامت بتحضير حقيبتي. كان طبيبان ينتظراني في الغرفة المجاورة. تكفل بالأمر أوليفيي ليون كاين، مستشار الإليزيه المكلف بالصحة، الذي اتصل هاتفيا بالبروفسور جوفن الذي يسير مصلحة الطب النفسي بمستشفى «بيتيي سالبتريير». طلب مني كل واحد منهما الموافقة من أجل دخول المستشفى. وتساءلت مع نفسي: ماذا يمكن أن أفعل غير ذلك؟ كنت في حاجة إلى من يحميني من هذا الإعصار. ومن هذه العاصفة الهوجاء، حتى وإن كنت في هذه اللحظة أعرف بالكاد من أنا وماذا يجري. طلبت رؤية فرنسوا قبل دخول المستشفى، لكن أحد الأطباء اعترض على ذلك، ولكني وجدت القوة لأقول إنني لن أدخل المستشفى قبل رؤيته. ذهب الطبيبان للبحث عنه، وعند ما ظهر عشت صدمة جديدة، وانهارت ساقاي، لأن رؤيته تحيلني على الخيانة، كان ذلك أكثر عنفا من الليلة السابقة. تسارعت الأحداث بعد ذلك، وتم اتخاذ قرار إدخالي المستشفى في الحال. كنت غير قادرة على الوقوف، فوقف كل واحد من الضابطين المكلفين بالأمن إلى جانبي، وحاولا تقديم الدعم لي بقدر ما يمكنهما. كنت أرى السلم طويلا لا نهاية له. رافقتني بريجيت حاملة حقيبتي: حقيبة جميلة قدمت لي هدية بمناسبة عيد ميلادي، من طرف الفريق الذي كان يشتغل بجانبي في قصر الإليزيه لاستخدامها في أسفاري الرسمية، ولكننا كنا بعيدين عن مظاهر حفلات الاستقبال.. فالسيدة الأولى تشبه دمية من القماش المفكك، غير قادرة على الوقوف أو السير في خط مستقيم. كانت بريجيت برفقتي داخل السيارة. جلست صامتة طوال الطريق. وكان من المستحيل علي أن أنطق ببنت شفة. وضعت تحت العناية الطبية منذ وصولي إلى المستشفى. وخلال فترة قصيرة وضعت فوق سرير.. ولكن أي كابوس قادني إلى هنا؟ خضعت لعمليات حقن بشكل متواصل، كنت غارقة في نوم عميق، لا أعرف كم من الوقت.. يوم واحد أو يومان؟ لا أعرف. لقد فقدت كل علاقة لي بالزمن أو بالوقت. وكان تفكيري بعد الاستيقاظ هو الاندفاع بسرعة نحو هاتفيّ المحمولين. لم أجدهما، قال لي الطبيب إنه تمت «مصادرتهما» لحمايتي من «العالم الخارجي». طالبت باستعادتهما وهددت بمغادرة المستشفى، وأمام إصراري، وافق الأطباء على إرجاعهما لي. رأيت ضابط الأمن الذي كان مرافقا لي منذ انتخاب الرئيس يقوم ب«إنزال» في غرفتي. كان يرتدي قميصا أبيض، ومن أجل إضفاء سرية أكثر، جلس على مقعد في مدخل الغرفة متنكرا في صفة ممرض. وكان هو من يشرف على الزيارات المرخصة أو غير المرخصة والتي كانت نادرة. ولم أكن أعرف حتى الآن أن كل شيء كان يخضع للمراقبة، فقد تم التعامل مع هذه القضية على أنها قضية دولة. ولم يتم التعامل معي إلا بصفتي ملفا. أكدت لأحد الصحفيين خبر دخولي إلى المستشفى. وشعرت بأن ثمة شيئا ما يحدث من جانب قصر الإليزيه. ويمكن التحقق من هذا الانطباع، وما إن أصبح الخبر على الفور شائعا ومعروفا، حتى أصبحوا يريدون إخراجي من المستشفى، لأن وجود السيدة الأولى فيه ليس بالأمر الجيد بالنسبة إلى صورة الرئيس، علما أن صورة الرئيس نالت ما نالته في هذه القضية، وعلى الخصوص تلك الصورة التي التقطت له في زنقة «لوسيرك»، وهو يضع قبعة على رأسه. هذه المرة قاومت وقلت للطبيب إنني أريد البقاء بضعة أيام أخرى. فأين يمكن لي أن أذهب؟ هل العودة إلى زنقة كوشي.. إلى منزلي؟ أو إلى منزلنا؟ كنت شديدة التخدير إلى درجة أنه لم يعد بإمكاني أن أبقى واقفة. انخفض ضغطي إلى الدرجة 6. وكان في أحد الأيام قد انخفض حتى إنه لم يعد ممكنا قياسه. تحدث الأطباء عن إرسالي إلى مصحة للراحة. وكانت ذكرياتي غامضة ومهتزة. رأيت ثانية الممرضات اللواتي كن يقمن بقياس ضغطي بشكل منتظم. وحتى في الليل، لا أتذكر كل الزيارات التي كان أصحابها يسألون عن وضعي الصحي ويريدون الاطمئنان علي بعد أن بلغ إلى علمهم دخولي إلى المستشفى، باستثناء زيارات أبنائي الذين كانوا في كل مرة يجلبون لي معهم الورود والشوكولاطة، وزيارات والدتي أيضا، التي جاءت من خارج العاصمة في حالة يرثى لها. وكذلك زيارات فرنسوا، أعز أصدقائي الذي كان يزورني كل يوم. أما بريجيت، فقد كانت تقوم بمهمة الربط مع الإليزيه. قالت لي بعد ذلك إنها شعرت بالذهول وبالدهشة من الوحشية التي تم التعامل بها معها، فقد كان هناك شبه جدار يفصل بينها وبين قصر الإليزيه. وحتى بعد مرور خمسة أيام على دخولي المستشفى، لم يكن فرنسوا هولاند من بين زواري، بالرغم من أنه كان يرسل إلي رسائل نصية مقتضبة جدا يوميا. ولقد بلغ إلى علمي أن الأطباء منعوه من زيارتي ومن المجيء لرؤيتي. لم أفهم هذا القرار الذي كان مهينا بالنسبة إلي، فضلا عن كونه كان قرارا كارثيا على المستوى السياسي. وبعد نقاش صاخب وشديد اللهجة، تنازل الطبيب أمام حججي ورفع قرار المنع، وقرر الترخيص بزيارة فرنسوا لي لمدة عشر دقائق، غير أنها استمرت أكثر من ساعة. هنا أيضا كانت ذكرياتي غامضة ومهتزة، وكانت المناقشة بيننا هادئة.. وهل كان من الممكن أن تكون غير ذلك مع جرعات المهدئات الكثيرة التي تناولتها في المستشفى؟ كان البروفيسور «جوفن» يزورني كل عشر دقائق من أجل المتابعة والمراقبة والاطمئنان على أن كل شيء يتم بشكل جيد.. ثم يغادر الغرفة بعد ذلك. وقد كشف لأحد أصدقائه أنه كان ينتابه شعور بأنه يرى عاشقين يلتقيان. كانت الذكرى الوحيدة التي ترسخت في عقلي أنني أعلنت لفرنسوا مشاركتي في حفل تقديم التهاني المقرر في بلدية تول «tulle» هذا الأسبوع. من الواضح أن ذلك لم يكن ممكنا. حاول في البداية الحديث حول وضعي الصحي قبل أن يحسم في الأمر بعد ذلك بالقول إن ذلك على المستوى السياسي غير ممكن. باختصار، كان لا يريدني بجانبه هناك. شعرت بأنني على استعداد لمواجهة نظرات عيون الفضوليين كما هو الحال بالنسبة إلى نظرات العيون المؤذية الميالة إلى الشر. لم أكن أفوت على نفسي منذ عدة سنوات فرصة المشاركة والحضور في هذا الموعد السنوي، فحتى قبل أن يصبح فرنسوا هولاند رئيسا، رافقته إلى هذا الحفل. كان ذلك بمثابة عادة أو طقس سنوي بالنسبة لنا وبالنسبة لسكان بلدية «تول». وكما كان عليه الحال خلال أيام الانتخابات، فقد رافقته مرات عديدة في جولاته لمكاتب التصويت، وكثيرا ما وجدنا نفسينا داخل قبو بلدية la guenne نتذوق النبيذ الجيد. ثلاثة أشهر بعد خروجي من المستشفى، يوم 24 مارس، خلال إجراء الدورة الأولى للانتخابات البلدية لسنة 2014، استيقظت باكية، بسبب عدم وجودي بجانبه ومرافقته ذلك اليوم. كان ذلك بالنسبة لي نوعا من الألم، فقد أيقظ هذا الاستحقاق الانتخابي ذكرياتي. والسعادة التي كانت تهزني بجانبه خلال هذه اللحظات الخاصة جدا، وكذا في كل الانتخابات، كما هو الحال خلال الجامعة الصيفية، التي ينظمها الحزب الاشتراكي في مدينة روشيل la rochelle.