على خلفية ما كشف عنه من الاستغلال المفرط وغير المشروع للموارد الطبيعية الحيوية و الاستراتيجية بالمغرب في قطاعي المياه والمقالع، رصد تقرير حديث للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، هيمنة القطاع غير المنظم على قطاع المقالع، الذي يتجلى سواء من خلال انتشار المقالع غير المصرح بها أو المقالع المُرخص لها التي تُقدم على ممارسات من قبيل الغش وعدم التصريح الكامل بالمداخيل، مما يؤدي إلى خلق منافسة غير مشروعة، وتفوت مداخيل ضريبية إضافية، إلى جانب مخاطر الاستغلال المفرط لبعض أنواع المقالع. وتحدث التقرير، عن بطء في دينامية إعداد المخططات الجهوية لتدبير المقالع جزئياً، بسبب الاكراهات المرتبطة بالحكامة والتنسيق بين الفاعلين على المستوى الترابي، مما يعرقل التنفيذ الفعلي لمقتضيات القانون المتعلق بالمقالع. وأظهر التقرير الذي أعده مجلس الشامي في إطار إحالة ذاتية، النقص الواضح في الإمكانيات البشرية والمادية المخصصة للرصد والمراقبة الدورية للمقالع. كمت كشف المجلس الاقتصادي في تقريره، أيضا، تفاقم البطء الملحوظ في مسطرة فتح المقالع المؤقتة المخصصة للأشغال العمومية بفعل تعدد المتدخلين. هذا الوضع من شأنه أن يؤثر سلبا على المستثمرين و يخل بتنفيذ المشاريع، ناهيك عن إضعاف فعالية المقاولات في قطاع البناء و الأشغال العمومية؛ قبل أن يقر المجلس بضعف إعادة تأهيل المقالع من قبل معظم المستغلين، الذين غالباً ما يكتفون بترك المواقع عند الانتهاء من استغلالها دون القيام بأشغال إعادة التهيئة اللازمة، أو القيام بها بشكل لا يتوافق مع المعايير المحددة؛ ورصد المجلس أيضا، ضعفا امتثال ظروف العمل في بعض المقالع، للنصوص التنظيمية والمعايير الفضلى في مجال المسؤولية الاجتماعية للمقاولات. وانطلاقا من هذا التشخيص، أوصى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، بتعزيز الإطار الحالي، مع ضمان الامتثال الكامل للاطار القانوني الذي ينظم آليات منح التراخيص ومراقبة الاستغلال، وذلك بهدف تعزيز قدرة البلاد على ضمان استدامة مواردها الطبيعية وتعزيز قدرتها على الصمود في مواجهة الأزمات المستقبلية. داعيا إلى تعزيز فعلية النصوص التشريعية والتنظيمية المعمول بها، مع الحرص على التنفيذ الفعّال لآليات منح التراخيص و المراقبة في مجال المياه والمقالع، وتبسيط المساطر واحترام الآجال القانونية لمنح التراخيص، فضلاً عن تسوية وضعية مستغلي الموارد بكيفية غير قانونية. ولتحسين الحكامة في قطاعي الموارد المائية والمقالع في ضوء تأثيرها على فعلية ونجاعة آليات منح التراخيص والمراقبة، دعا المجلس السلطات، إلى تعزيز وسائل وقدرات المتدخلين في مجال المراقبة، ووضع آلية للتنسيق ما بين المؤسسات تمكن من اتخاذ قرارات تحكيمية بشأن استخدام الموارد المائية المتاحة في حالات الأزمات. داعيا أيضا، إلى تعزيز كفاءات وقدرات جميع المتدخلين في المساطر القضائية ذات الصلة مع دراسة إمكانية إحداث غُرَفٍ خاصة يُناط بها النظر في مختلف قضايا البيئة على مستوى المحاكم المختصة، بما فيها قضايا الماء والمقالع. وشدد المجلس على ضرورة تحسين أداء عملية تحصيل الإتاوات المتعلقة باستغلال المياه الخاضع لنظام الترخيص والامتياز و تعزيز النجاعة الاقتصادية والضريبية المرتبطة باستغلال المقالع، مطالبا في هذا السياق بإحداث نظام معلوماتي وطني مندمج ومحيَّن باستمرار مُخصَّص لقطاعات المياه والمقالع.