إن ما وقع من أحداث صدرت من "مسؤول" رياضي، يقدم نفسه ناطقا رسميا لأحد الأندية الكروية، ونائبا للعصبة الوطنية لكرة القدم يدفعنا للتساؤل عن كيفية وصول مثل هؤلاء إلى مراكز القرار الرياضي؟ نعرف بأن فئة من الجماهير مشاغبة، وبأن بعض اللاعبين غير ناضجين، لكن أن ينزل مسير رياضي، في نهاية عقده الخامس، من مكانه بالمدرجات إلى أرضية الملعب لتعقب لاعب، يبلغ من العمر خمسة وعشرين سنة، طرد من المقابلة بعد تسجيله لهدف ضد فريق "المسؤول" الرياضي، ثم يبصق عليه، فتلك قمة "البلطجة" وقلة التربية. هذا التصرف دفعني شخصيا لأقول في قرارة نفسي كيف لهذا المسير أن يربي أبناءه، فبالأحرى أن يساهم في تأطير الشباب واليافعين في إطار المسؤوليات الرياضية التي يشرف عليها. إن هذا الحدث لا يمكن أن يمر مرور الكرام، بحكم أنه سيساهم في المزيد من الاحتقان بين الجماهير. فإذا كان دور المسير يتمثل في التسيير والتأطير الرياضي وخلق أجواء سليمة لمواكبة فئة الشباب، فما قام به صاحبنا ما هو إلا تصرف صبياني يؤكد لماذا فضل العديد من المستثمرين والشركاء عقد شراكات مع أندية رياضية اشتغلت على تلميع صورتها رياضيا وجماهيريا، بدل المجازفة وتمويل فريق خدش فاعلوه، بشكل سيء، الكرة الوطنية والصورة الجميلة التي رسمتها المنتخبات الوطنية، رجالا ونساء. إن جزءا من الأزمة المالية التي تعيشها بعض الأندية الرياضية، ما هي إلا تحصيل حاصل لتصرفات بلطجية تصدر عن بعض المسيرين. عندما أعلن فريق كروي عن تعاقده مع شركات عالمية ووطنية، بموجب عقود إشهار، قام بعض المقربين من فريق المسير البلطجي بمحاولات لخلق نقاش عمومي وهمي حول أهلية هذا الفريق في توقيع عقود إشهار وشراكات بحكم أنه فريق ممول من الدولة. كما لو أن الأندية الأخرى ممولة من المجتمع. وعجباه! هذا الاختراع العظيم الذي حققه هؤلاء "العلماء" أظهر، فيحينه، حاجة بعض الفاعلين الرياضيين لقراءة إسهامات "ميلتون فريدمان" في الاقتصاد، لأنهم نسوا بكل بساطة بأن السوق حرة، وبأن المستثمر حر في اختيار شركائه، أو بالأحرى كيف لشركة رأسمالها المليارات أن تستثمر في نادي له نزاعات مالية كبيرة، وتصرفات مسيريه مثل بلطجية صاحب عبارة "زنقة زنقة". كيف لمستثمر أن يستثمر في نادي غارق في الديون، ويترك نادي أخر أظهر مشجعوه الكثير من النضج، ولازالوا يشتغلون بصمت ليل نهار على تأطير جماهير النادي، فضلا عن تبني مسيريه لمبادئ الحكامة في تسيير ناديهم، رغم واجب التحفظ المفروض عليهم بحكم وظائفهم، ولديهم صفر نزاع في أروقة الجامعة. إن الرد على مثل هؤلاء ما هو إلا مضيعة للوقت، لأنه في الأصل اختلطت عليهم الصدمة النفسية بالمنطق والعقلانية، والدليل على ذلك، أن نقاشهم لم يذهب بعيدا، وترك في سلة المهملات بحكم سطحيته، رغم أن عمقه يحمل الكثير من الحقد. إن الأحداث السلبية، المتعلقة بالتذاكر، التي رافقت تألق المنتخب الوطني خلال مونديال قطر، والتصرفات البلطجية لبعض المسيرين الرياضيين بجب أن يوضع لها حد من طرف المؤسسات الوصية، إذ لا يعقل أن تقوم بعض الأندية، بجميع مكوناتها، بمجهودات من أجل التطور وتأطير فئة الشباب التي تشكل الكتلة الرئيسية لساكنة المغرب، وأن تعكر أندية أخرى هذه المجهودات بتصرفات لا يمكن الحد منها إلا بتطبيق القانون.