لم تحرز مفاوضات وقف إطلاق النار بين الطرفين المتحاربين في السودان والمنعقدة في جدة "تقدما كبيرا"، على ما أفاد دبلوماسي سعودي الإثنين، فيما يتواصل القتال في الخرطوم. ومنذ اندلاع المواجهات في 15 أبريل تشهد العاصمة السودانية حالة من الفوضى ناجمة عن المعارك بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف ب"حميدتي". وتلبية لمبادرة سعودية-أميركية، أرسل القائدان العسكريان ممثلين عنهما لمدينة جدة السبت لعقد مباحثات وصفتها واشنطن والرياض ب"المحادثات الأولية". وأفاد دبلوماسي سعودي فرانس برس أن "المفاوضات لم تحرز تقدما كبيرا حتى الآن". وتابع أن "وقفا دائما لإطلاق النار ليس مطروحا على الطاولة. كل جانب يعتقد أنه قادر على حسم المعركة". وللأسبوع الرابع على التوالي، لازم سكان الخرطوم البالغ عددهم خمسة ملايين نسمة منازلهم في ظل شح في موارد الماء والغذاء وسط ذعر وارتباك من الأعيرة النارية الطائشة. وقال أحد سكان جنوبالخرطوم لفرانس برس "نسمع أصوات القصف الجوي قادمة من منطقة السوق وسط المدينة". وذكر الجيش السوداني في وقت سابق أن وفده إلى المفاوضات "لن يتحدث سوى عن الهدنة وكيفية تنفيذها بالشكل المناسب لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية". من جهتها، تحاول الأممالمتحدة ومنظمات غير حكومية، في مدينة بورتسودان (شرق) على البحر الأحمر، التفاوض لإيصال مساعدات الى الخرطوم ودارفور حيث قصفت أو نهبت المستشفيات ومخازن المساعدات الانسانية. والأحد، وصل مفو ض الأمم المت حدة للشؤون الانسانية مارتن غريفيث إلى جدة بهدف لقاء ممثلي طرفي النزاع، إلا أن دوره في المفاوضات غير واضح حتى الآن. وقالت متحدثة باسم غريفيث الأحد إنه يسعى لبحث القضايا الإنسانية المتعلقة بالسودان. وأفاد مسؤول ثان في الأممالمتحدة فرانس برس الإثنين أن غريفيث "طلب الانضمام للمفاوضات"، مشيرا إلى أنه لم تتم الموافقة على طلبه بعد. ويعقد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة اجتماعا في 11 ماي لمناقشة "تأثير" المواجهات في السودان "على حقوق الإنسان". ويعتقد خبراء أن الحرب قد تطول مع عدم قدرة أي الطرفين على حسمها ميدانيا. وافادت وكالة الانباء السعودية الرسمية الأحد أن العاهل السعودي وولي العهد وجها مركز الملك سلمان للإغاثة "بتقديم مساعدات إنسانية متنوعة بقيمة 100 مليون دولار أميركي"، لتوفير مساعدات إغاثية وانسانية وطبية للنازحين. وأسفرت المعارك الدائرة منذ أكثر من ثلاثة أسابيع عن سقوط 750 قتيلا وخمسة آلاف جريح حسب بيانات موقع النزاعات المسلحة ووقائعها (أيه سي إل إي دي)، فضلا عن نزوح 335 ألف شخص ولجوء 117 ألفا إلى الدول المجاورة. وأكد وزير الخارجية المصري سامح شكري استقبال مصر "منذ بداية الأزمة أكثر 57 ألفا من الاشقاء السودانيين، فضلا عن مساهمتها في إجلاء أكثر من أربعة الاف مواطن أجنبي". وأفادت الأممالمتحدة بفرار 30 ألف سوداني إلى تشاد و27 ألفا إلى جنوب السودان. تأتي محادثات جدة بعد سلسلة من مبادرات إقليمية عربية، وأخرى إفريقية قامت بها خصوصا دول شرق القارة عبر منظمة ايغاد للتنمية، لم تثمر. كذلك يسعى الاتحاد الافريقي إلى التهدئة بين الطرفين، خصوصا مع استنفاذه آخر بطاقات الضغط على السودان بتعليق عضويته عام 2021 بعدما نفذ البرهان مدعوما من دقلو انقلابا عسكريا اطاحا فيه بالمدنيين من الحكم. ويرى الخبراء أن هناك تباين في دعم القوى الاقليمية لطرفي النزاع في السودان، إذ تبدو الإمارات في صف دقلو، على عكس مصر التي تدعم الجيش بينما تقف السعودية على مسافة واحدة من الجنرالين. وخلال اجتماع طارئ الأحد لوزراء الخارجية العرب في مقر الجامعة العربية في القاهرة تطرق الى تطورات الملف السوداني، قال الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط إن المفاوضات بين طرفي النزاع "تستحق الدعم، وأكرر مناشدتي بالتمسك بهذه الفرصة". وحذر أبو الغيط من أن يتحول النزاع الحالي إلى "جولة أولى في حرب تقسم السودان إلى أقاليم متناحرة، وتجعل منه ساحة لمعارك تهدد وجوده".