نجاة اعتابو فنانة شعبية ذاع صيتها في المغرب وخارجه بين أبناء الجالية المغاربية، استطاعت أن تخلق أسلوبا غنائيا خاصا تفردت بأدائه، رغم ظاهره الاحتفالي. أشيع مؤخرا خبر مرضها واعتزالها، الذي نفته قبل أيام. في هذا الحوار تفتح قلبها لقراء ، ولتتحدث عن حياتها الخاصة، وعن مسارها الفني الذي بدأت إعداد تجسيده في مسلسل تلفزيوني { إشاعة اعتزالك ومرضك كيف تلقيتها؟ الفكرة بالأساس أتت من مواضيع الأغاني التي أديتها. فقد كانت مواضيع مهمة جدا، لكونها مواضيع اجتماعية معيشة تستحق أن تجسد في مسلسل. اقترحتها على القناة الثانية وحبذت الفكرة. { من كتب سيناريو المسلسل ومن سيشرف على إخراجه؟ مخرج الفيلم سيكون هو هشام الجباري، أما السيناريو فقد اخترنا أن يكتبه عدد من الكتاب، وإلى حدود الآن كتبت منه ثلاث حلقات، لم أستطع الاطلاع عليه لأني كنت في جولة فنية أوربية، لكني سأتابع الكتابة خلال الأيام المقبلة. { هل سيقدم هذا العمل سيرتك الذاتية؟ لا أريد حرق المراحل لأني أريده أن يكون مفاجأة للجمهور. لكن يبق المهم أنه سيكون موضوعا اجتماعيا محضا. { هذه ليست تجربتك الأولى في التمثيل؟ نعم، فقد سبق لي أن مثلت في فيلم لمصطفى الدرقاوي «خبايا حرب الخليج»، للأسف لم يعرض في المغرب ! { يعني أنك مستعدة لهذه التجربة الجديدة؟ تماما، فالتمثيل ليس بالشيء الجديد عني، خاصة وأني كنت أمارس المسرح خلال سنوات دراستي. { لديك صوت قوي ومميز ارتبط طيلة مشوارك بالأغنية الشعبية، ألم تجربي أو تفكري في أداء لون آخر من ألوان الطرب مثلا؟ اختياري للأغنية الشعبية لم يكن اعتباطيا، فقد اخترتها لأن بمقدورها الوصول إلى مسامع الشعب. وبما أن الشعب المغربي كله يحب الفن الشعبي، فتطرقُ الفنان إلى موضوع ما بطريقة غير شعبية من شأنه أن يصعب عليه استيعاب ما نريد إيصاله، وبالتالي، يمكنه أن «يتذوق النغمة ويهتم بالكلمة». { يعني هذا أن المهم بالنسبة لك هو موضوع الأغنية؟ ما يؤسفني -لحد الآن- أني غنيت مواضيع كثيرة جميلة وعميقة ذات أبعاد إنسانية ! لم تنل حظها من الشهرة، كما أن الجمهور لم يتمكن من الإنصات إلى كلماتها بقدر ما ارتبط ب «النغمة». { رغم شهرة الكثير من أغانيك، مثل: «الوليد الوليد»، أو «شوفي غيرو»، ألا ترين أنها لم تنل حظها من النجاح !كيف ذلك؟ أنا لا أتكلم عن هذه الأغاني، وإنما عن مواضيع أخرى؛ فنجاة اعتابو لم تغن فقط «الوليد الوليد»، أو «شوفي غيرو»، و«هادي كذبة باينة»،و«سوفونير»، و«الميمة»؛ وإنما قمت بغناء أغاني أخرى ب«ميزان ثقيل»، لإرسال الكلمة التي لم تأخذ حقها في الفن الشعبي، كما هو الشأن في التلفزيون الذي يطلب من الفنان الشعبي أن يقدم «شي حاجة سخونة»؛ بمعنى أن الأغنية الشعبية تساوي «الشطيح». { تقصدين أن التلفزيون يكرس وجها نمطيا للفن الشعبي ويربطه ب «الشطيح»؟ أجل، تلك فكرة يروج لها التلفزيون، وأنا ضدها لأن الغناء الشعبي لا يعني «الشطيح». هناك قطع غنائية، تنجز بشكل خاص لهذا الغرض «الشطيح»، لا تتوفر على كلمات ذات معنى وجمالية، تماما مثلما هناك أغان أخرى بمعاني ورسائل أريد إيصالها تجعلني كفنانة أتعب وأضحي بأشياء كثيرة، من بينها: مسألة الوقت المخصص لعائلتي. هذا العمل ولو كان متعبا أسعد به لأني أكون مطمئنة، على اعتبار أني أديت رسالتي كما يجب؛ أما حينما أصعد على الخشبة من أجل فقط «باش نشطح الناس ونهبط»، فذلك أمر يحزنني. لذلك أقول للجمهور: «عافاكم سمعو كلام نجاة هو الأول». فالكثيرون يعرفون أغانيّ، لكن لا يعرفون كلماتها الصحيحة، ولا يهتمون لمعانيها. { مع من تتعاملين في كتابة كلماتك؟ تعاملت مع الزجال الكبير مولاي عبد العزيز الطاهري، والأستاذ عبد القادر الكرواني والمتوكل..، وغيرهم، لكني كنتُ من يختار المواضيع دائما، وبعد الكتابة أتدخل في الكلمات لأعدل ما أريد. { أليست لك الثقة في مبدعي الكلمات؟ الأمر لا يتعلق بمسألة الثقة من عدمها؛ وإنما كانت تلك شروطي حتى أكون مقتنعة تماما بما سأغنيه إحساسا، وأتحمل مسؤوليتي. { هل منعك التلفزيون مرة من غناء ما تريدين؟ التلفزيون يقولها بشكل مباشر: «ديري لينا شي حاجة اللي كتسخن وكتشطح ! بالنسبة لي، أنا أغني ولا أقدم فقط أغاني ل «الشطيح». وأحب أن أقدم لك في هذا السياق مثالا يصف حالة من يصله المعنى، ويحس بما تقوله نجاة: «حين يذبح الديك «كيشطح» يتركل من شدة الألم». فمثلما يوجد من يرقص على أنغام الأغنية أرى أمامي من يبكي، وكثيرا ما رأيت أمهات يبكين وأنا أغني مثلا أغنية «الميمة»، وهذه خاصية أنفرد بها في جميع أغنياتي. لذلك أقول دائما إني لا أشبه أحدا، ولا يشبهني أحد، أسلوبي خاص جدا. ولو أني أردت أن أسلك طريق «نشطح عباد الله كنظن ما يقدر علي حتى حد»، ولكانت لدي شهرة أكبر. { يعني أكبر من شهرتك الحالية، كيف ولمَ باعتقادك؟ أجل، شهرة أكبر بكثير من الحالية لأني أملك كل المقومات لذلك، على مستوى الصوت والرقص لأني رياضية وبصحة جيدة، وأعرف جيدا ما تحبه كل فئة من الفئات المحبة ل «الشعبي». لكن حينها سأكون بصدد قول أي شيء ودون معنى، وهذا ليس الاتجاه الذي أسلكه. { تريدين القول أنك مهتمة بالجانب الإنساني في فنك أكثر من اهتمامك بالربح المادي؟ أحب أداء رسالتي الفنية بإحساس صادق و «مابغيتش نضحك على الشعب». في أغاني دائما أعتمد على نظام خاص؛ يبدأ بالمقدمة ثم العرض وبعدها بالخاتمة. أحاول من خلالها تقديم حلول لمشاكل معينة. { هذا يعني أن أغانيك دائما موجهة إلى المرأة؟ لا، أغني مقدمة دائما عن «الكوبل»، كيف يمكن «للكوبل» أن يعيش ويستمر منسجما سعيدا، لأن الحياة تقوم على الثنائي، هذا الثنائي الذي قد ينفصل لأسباب تافهة في الوقت الذي يمكن فيه تفادي ذلك بالوضوح والحرص على التفاهم من كلا الطرفين. وأحب أن أقول هنا، إن النساء جميعهن جميلات، يبقى الاختلاف محددا في كيفية أن تقدم كل امرأة نفسها. { في زواجك الأول هل كنت تطبقين هذا؟ انفصالي عن زوجي الأول مع حسن ديكوك كان بشكل ودي، بعدما وصلنا إلى حد اكتشفنا من خلاله أن طريقة تفكيرنا متباعدة، ولا يمكننا أن نتابع مسارنا العائلي سويا. ولحد الساعة ما زلت ألتقي به رفقة زوجي وزوجته، وتربطنا علاقة طيبة. { ألا ترين أن هذا النمط من التفكير لا يمثل النسبة السائدة في المغرب؟ الحياة تتضمن الجميل والقبيح، لكن مشكلتنا في المغرب أن الطابع السائد لدى العقلية المغربية أنها لا تتذكر غير الأشياء السلبية في العلاقات الماضية، وتنسى الأشياء الطيبة التي لا يجب نسيانها، سيما إذا أثمرت بإنجاب أطفال. { كيف جاء زواجك الحالي؟ كان مفاجئا بالنسبة لنا، فقد شاءت الصدف أن نلتقي في أحد فنادق باريس، وزوجي في إطار عمله باعتباره رجل أعمال لم تكن تربطه أي علاقة بالفن، وأنا في إطار عمل ما. تعارفنا هناك، ولم تدم مدة التعارف طويلا حتى تزوجنا؛ يعني أن الأمر جاء في إطار «المكتاب»، وأنا أومن بأن الله إذا كتب للمرء شيئا فسوف يمنحه إياه، وإن كان غارقا في بئر. ولو كان كل الناس يؤمنون بذلك لارتحنا من الغيرة والحقد، وعاش كل منا سعيدا دون أن يسعى ليضر بغيره. { بعيدا عن حياتك الخاصة أعود بك إلى الفن، ما رأيك في الفن الشعبي عموما في المغرب؟ أجده متشابها جدا، الأغاني الشعبية يغنيها الجميع. وفي هذا السياق، تحضرني إحدى السهرات التي شاركت فيها غنى فيها خمسة فنانين الأغنية نفسها «العلوة»، وهذا أمر مؤسف وغير معقول. والسبب هو قلة الاجتهاد وإغفال الإبداع، وأن الكل لا سوى عن إخراج أغنية «محيحة»، ولا يهمه الاشتغال على مواضيع تهم الشعب. { ماذا يحتاج، برأيك، الفنان الشعبي ليرقى بالأغنية الشعبية؟ أول شيء نحتاجه للرقي بالأغنية الشعبية أن يكون من يؤديها فنان حقيقي، «ماشي غير ما لقا ما يدير وتعلم بنديرأو كمانجة، ويقول أنا فنان.. مالهم ما يزعمو على الرياضة؟ !» { حول المهرجانات الموسيقية في المغرب، كيف تقيمينها؟ أهم نقطة أشير إليها هنا هو أنها تعطي أهمية «أكثر من القياس» للفنان الأجني و»تهلك» نفسية الفنان المغربي. فكم من فنان لا يشتغل وهو فنان بما تحمله الكلمة من معنى، في الوقت الذي تدفع ميزانيات خيالية لفنان أجنبي واحد كان يمكن أن توزع على عشرين فنانا مغربيا تعطى لهم الفرصة لتقديم ما لديهم من إبداعات، وذلك لخلق المنافسة بينهم، وهذه الأخيرة هي ما من شأنه تحسين مستوى الأغنية. هذه اللامبالاة بالفنان المغربي هي ما تجعله يمتنع عن الاجتهاد والاشتغال، وخصوصا بعد أن أغلقت الاستوديوهات والشركات أبوابها في وجوههم. اليوم صار أغلب هؤلاء ينتظرون أن يطلق فنان مشهور أغنية من أجل التخاطف عليها قصد تأديتها. { هل حدث معك ذلك؟ كان ذلك في أغنية «جونيمار»، حيث كان أكثر من 50 فنانا يتصل بي لإعادة غنائها، «بلا حيا.. على قلة الكلام»، وكأني مت، أو أنه سيغنيها أفضل مني. لا أفهم لم لا يجتهدون والعمل على إبداع كلمات جديدة. ومع الأسف أعاد غناءها، أيضا، فنانون كبار، كالجاسمي، وأسماء لمنور، وفرقة غنائية من الكويت، وهذا الأمر ليس مشكلا بالنسبة لي، ما يعنيني هو أن يغنوها بنفس الإيقاع الذي أديتها به. { وكيف ترين أداءهم لها، هل كان ناجحا؟ هم يحاولون..، لكن بالإحساس نفسه الذي غنيتها به، لا أعتقد أن أحدا يستطيع أن ينجح في ذلك. { ما هي أقرب الأغاني إليك؟ جميعها، لأنها من اختياري، ولكل واحدة لها وقعها على قلبي. { هل بينها أغنية مرتبطة بحدث أثر في حياتك؟ هي أغنية «الميمة آش درت أنا» المرتبطة بهروبي من بيت عائلتي، والقطيعة التي تلتها لها أثر خاص لدرجة أني لا أستطيع أن أغنيها. كم دامت القطيعة مع أسرتك؟ 3 سنوات. { لو طلبت منك أن تحكي لنا عن تجربة الرحيل عن أسرتك؟ لم أختر الرحيل؛ وإنما اضطررت للهروب، وهي قصة معروفة وتؤلمني جدا، ولا أحب أن أتحدث عنها. { وماذا عن قصة عشقك للغناء، كيف بدأت؟ أحببت الغناء في سن صغيرة جدا، وكانت تتحلق حولي صديقاتي وأغني لهن أغاني من تأليفي الخاص، وأنا بعد طفلة ومراهقة، بعدها غنيت باللهجة «الدارجة». { ألم تكوني تقلدين أغاني الفنانين آنذاك؟ لا أبدا، ولحدود اليوم لم أغن أغاني أحد، باستثناء أغاني الفنان الأمازيغي أوحمو اليزيد الذي كان يعجبني، حيث كنت أغني أغانيه. { وإن سألتك عن فنان أثر فيك؟ لا أحد من الفنانين يمكن أن أقول إني تأثرت به، لكن يعجبني بعض الفنانين، كنعيمة سميح، وعبد الوهاب الدكالي، وعبد الهادي بلخياط، والرحل محمد ارويشة في الفن الأمازيغي. { ما رأيك في اعتزال عبد الهادي بلخياط الفن؟ أنا متفقة معه، لأن الغناء مهمة ليست بالسهلة، وعلى الفنان أن يتنحى حين وصوله سنا معينة، وألا ينتظر إلى أن يصل مرحلة يغني فيها ب «الغلط» وتتدهور قدراته الصوتية. على الفنان الرحيل في أوج عطائه قبل أن يصير أضحوكة ويتحول «من راس إلى رجلين». { أعود بك إلى طفولتك، احكي لنا عنها؟ كانت طفولتي جميلة، عشتها بحرية واسعة. وبحكم عمل والدي الذي كان جنديا كنا ننتقل من مدينة إلى أخرى، وذلك الانتقال كان بمثابة فرصة لأكتشف وأتعلم ثقافة كل منطقة أستقر بها، وساهم إلى حد كبير في تكوين شخصيتي، وأهم ثقافة تأثرت بها وتشبعت بها، هي ثقافة أهل مدينة الرشيدية، وهم أخيار الناس بالنسبة لي، تبعا للطيبوبة والأخلاق العالية التي يتحلون بها، ومن بين ما أخذته عنهم أن ألقي التحية في وجه كل من ألتقي به وأنا مبتسمة، وأيضا «كنسمح فحقي» لأتفادى المشاكل. { يمكن أن نقول إن مدينة الرشيدية أحب المدن إليك؟ الرشيدية التي عشت بها ما بين سن الثالثة والحادية عشرة عاما، لها مكانة خاصة في قلبي بين المدن، لذلك أزورها بين الفينة والأخرى. { هل تقرئين؟ لا بد، وهذا أمر أنصح به أبنائي دائما، لأن غالبية الناس تخلوا عن الكتاب في زمن «الأنترنيت» التي لا يمكن لها أن تنتج فكرا سليما في الغالب. { لماذا ليس لديك قناة خاصة على «الأنترنيت» على غرار مشاهير الفنانين؟ ذلك اختيار، علاقتي بالأنترنيت لا تتعدى البحث عن معلومات أو أخبار في حاجة لها. { هل مارست السياسة من قبل أو تهتمين بها حاليا؟ لا، كثيرا ما حاولت بعض الأحزاب استقطابي لكني رفضت، وأرفض دائما. { تقيمين اليوم بين فرنسا والمغرب، ما أهم الفوارق التي تجدينها كفنانة؟ في فرنسا يمكن للشخص عيش حياته على النحو الذي يريد دون إزعاج وبحرية. هذه الحرية التي لا يتوفر عليها المغرب غير «الكلمة»، بالإضافة إلى انعدام الإحساس بالأمان في المغرب، مؤسف أن ينعدم إحساسك بالأمان في بلدك. { هل تلمسين ذلك في حفلاتك في المغرب؟ الأمر ملموس في الحياة اليومية أيضا، كما في السهرات التي أحييها في المغرب، ولا مجال للمقارنة بين كيف تمر سهرة في المغرب وأخرى في بلد أوربي مثلا، في الثاني لا حاجة إلى رجل أمن واحد في الوقت الذي نحتاج فيه في المغرب لعشرات رجال الأمن، ومع ذلك قد تكون هناك مشاكل ويتأذى بعض من الجمهور. { من المسؤول عن انعدام «الأمن» برأيك؟ هو مشكل تفكير وتدبير عام. وفي الفن، يجب على المشرفين والمهتمين بإحياء هذا النوع من السهرات التي نحضرها إعادة النظر في كيفية انتقاء الفنانين لإحياء سهرة ما، والأخذ بعين الاعتبار طبيعة جمهور كل فنان، وأن يكونوا فنانين متقاربين، لأن المزج بين هذا الجمهور يعني بالتالي المزج في كثير الأحيان بين أنماط تفكير مختلفة، ومن شأن جمهور إيذاء جمهور آخر. فمثلا لا يمكن أن أقدم سهرة تضم نجاة اعتابو و «الغيوان»، لأنه لا يمكن أن توضع في مكان واحد امرأة أو فتاة تحب بقربها «واحد محشش»، وبالنسبة لي كفنانة «ما عندي رباح إذا خرجات امرأة تشوفني وتاكل العصا».
{ إشاعة اعتزالك ومرضك كيف تلقيتها؟ ألفت الإشاعات؛ من بداية مشواري والإشاعات تلاحقني. لكن إشاعة مرض مزمن تجعلني أحس أن هناك أياد خفية تكن لي الحقد، رغم أنه لا علاقة لي بأحد، ولا أغني أغاني أي أحد. { هلى تعتقدين أنه يمكن أن يكون مصدرها من الوسط الفني؟ أعتقد أن جل الدوافع هي الغيرة والحسد لا غير، لأنني لست في علاقة مباشرة مع أي فنان. ولم أشأ البحث عن مصدرها، رغم أن زوجي كان يريد المضي في ذلك، لأن ذلك لن يضيف لي شيئا. { ارتباطا بالإشاعة ما أهم إشاعة أثرت في نفس نجاة؟ إشاعة روجت لكوني أصبت بداء السيدا، حيث مت وتم حرقي وتم نثر رمادي، ألمتني تلك الإشاعة إلى أبعد حد حينها. { هي إشاعة شبيهة بالإشاعة الأخيرة التي قمت بنفي صحتها، ألا تعتقدين أنه بالإمكان أن يكون المصدر نفسه الذي روج لها؟ يمكن ذلك، ويبقى الشيء الوحيد الذي أنا متأكدة منه هو أن هناك أشخاصا يلاحقونني ويبحثون في تفاصيل خطواتي أين ما حللت وارتحلت. ويسعون للإساءة إلي، وذلك بشهادة جهات أحييت حفلات لها، إذ في الكثير من الأحيان ما عوتبت بكل وقاحة: «واش غير هي اللي كاينة باش تعيطولها»، يقولون لي «ما فهمناش آش عندنا مع هاد الفنانين؟» { ارتباطا بالأحداث أو المواقف الصعبة التي عشتها، ماذا يمكنك أن تخبرينا؟ في إحدى سهراتي بتونس سقط أمامي على الخشبة شاب في الثامنة عشر من عمره، كان يرقص أعلى المنصة ليلفظ أنفاسه مباشرة، توقفت لبعض الوقت من هول الصدمة وتأثير ذلك، لكني أجبرت بعدها على إتمام الحفل أمام الجمهور الذي حضر لمتابعتي ورفض المغادرة. حدث آخر كان له تأثير كبير على نحو لم أتصوره، وهو أني في إحدى سهراتي ببوردو الفرنسية زارتني في الكواليس سيدة يزيد عمرها عن المائة سنة، لا تقوى على المشي، اصطحبتها ابنتاها اللواتي كانتا تساعدانها على المشي، فوجئت بها ووقفت احتراما لسنها، تقدمت نحوها وعانقتها، فجلستْ وقالت: «يا ربي دابا ملي شفتها غير خذ روحي!». لم أتوقف عن البكاء بعدها، وأخبرتني ابنتاها أنها كانت تصلي دائما وتدعو الله أن يتيح لها اللقاء بك! { كلمة لمحبي نجاة؟! كلمتي إلى جمهوري الذي يسأل عن سبب غيابي، أقول له: إني أحبه، لكني لا أحب الظهور في التلفزيون «عمال على بطال»، دون جديد أقتنع به. وأقول، أيضا، إني أسامح الجميع من يحبني، وحتى الذي لا يحبني، وكفى من الكره ونصب الفخاخ فالحياة عبور لا أكثر.