{ تشاركين للمرة الثالثة في تنشيط برنامج «للا لعروسة»، ماذا تعني لك هذه التجربة؟؟ بالنسبة إلي، هذه تجربة مهمة أردت من خلالها أن أرفع التحدي مع نفسي لأن برنامج «للا لعروسة» يعد بعيدا عن طبيعة البرنامج الذي كنت أنشطه من قبل، وأردت أن أخوض هذه التجربة انطلاقا من»للا لعروسة» باعتباره برنامجا كبيرا يستمر بثه لمدة ساعتين، إذ يتم الإعداد لهما طوال أيام من طرف فريق صحافي وتقني كبير، أيضا أردت أن أكتشف من خلاله مدى قدرتي على الخروج من الثوب الذي لازمني طوال فترة تنشيط «أسر وحلول». «للا لعروسة» أيضا بالنسبة إلي تجربة إنسانية بالدرجة الأولى لأننا من خلال البرنامج نرافق أزواجا شبابا طموحهم الفوز بهدف الحصول على شقة ونحن نعلم المشاكل التي تواجه الأزواج الشباب اليوم، خصوصا على مستوى السكن. { هناك من ينتقد توجه بعض الفنانين للتنشيط حيث يعتبر البعض أن هذا الاختيار يأتي رغبة منهم في ملء الفراغ الناتج عن غيابهم كممثلين سواء في السينما أو التلفزيون، ما رأيك؟ لإبداء رأيي سأعود بذاكرتي إلى الوراء قبل حوالي عشرين عاما حيث كنت أقوم بالتنشيط بموازاة ممارستي لمهنتي الأساسية كممثلة، وكانت أول تجربة لي في برنامج «بالواضح» مع الإعلامية نسيمة الحر، بعدها خضت تجربة تنشيط برنامج مسابقات مع الراحل عزيز شهال دامت أكثر من خمس سنوات، بعده برنامج حول الوقاية الطرقية تحت عنوان «طريق الخير» وهي التجربة التي دامت أربع سنوات مع القناة «الرابعة»، وبعدها قمت بتنشيط البرنامج الاجتماعي «أسر وحلول»، الذي سيأتي بعد برنامج «للا لعروسة». أذكر هذا لأقول إنني لست حديثة في هذا الميدان. النقطة الأخرى، التي أريد توضيحها هي أن غيابي عن التلفزيون والسينما هو اختيار وليس اضطرارا، أنا اخترت الابتعاد عن الأعمال غير الهادفة، فهناك كم كبير من الأعمال التي تعرض عليّ، ولكنني أرفض قبولها لمجرد حب الظهور، يجب أن أشعر بالعمل وأن أقتنع به لأقدمه، والحمد لله رصيدي الفني يتضمن أعمالا تعد على رؤوس الأصابع، ولكنها أعمال راسخة في ذاكرة الجمهور. { بعض الفنانين يضطرون أحيانا لتجاوز حرصهم على معايير معينة في انتقاء أعمالهم حتى يبقى خيط الوصل مستمرا بينهم وبين جمهورهم، ألا تفكرين بهذا المنطق أحيانا؟ هذا الموقف خاطئ ولا أستطيع الانسياق وراء فكرة مماثلة، الجمهور يتذكر الأعمال الجيدة مهما مر عليها من الوقت، مثلا الناس يذكرون أول عمل قدمته سنة 1989، والفيلم التلفزيوني «قسم 8» الذي قدمته قبل أكثر من ثمان سنوات وهو بدوره مازال في ذاكرة الناس. خلاصة القول إن العمل الجيد يظل راسخا ولا يُنسى بسهولة، ولكن حين يقدم الفنان عملا دون المستوى، فهو يُنسى ويُحسب عليه، كما أن الفنان الحقيقي الذي يحترم نفسه وجمهوره قد يصاب بالإحباط إذا ما قدم عملا سيئا. { ماذا عن توجهك لتقديم بعض الإعلانات الإشهارية، هل هو اختيار بهدف مادي أو أنه وسيلة لحفظ صلة الوصل مع الجمهور؟ أنزعج حين يطرح عليّ هكذا سؤال في شكل عتاب، لأن المفروض ألا يطرح مثل هذا السؤال على الفنان المغربي، فنحن نرى أن نجوما عالميين بالرغم من عدم حاجتهم يقدمون دعايات لصالح الشركات التجارية. أنا أعتبر الإشهار موردا ماديا بالدرجة الأولى وأفضل تقديم إشهار على تقديم عمل فني سيء. لا يمكن بأي شكل من الأشكال اعتبار الإشهار وسيلة للحفاظ على صلة الوصل بالجمهور، فصلة الوصل تتم عن طريق العمل الفني الجيد أو من خلال برنامج في المستوى، أما الإشهار فالهدف من ورائه دائما هو مادي صرف. ولكن هذا لا يمنع من ضرورة الانتقاء، أولا لا يجب السقوط في الإشهارات، وثانيا يجب أن أكون مقتنعة بالمنتج الذي سأقدم إشهارا لصالحه، فهناك منتوجات مثلا لا يمكنني منحها صورتي مهما بلغ المقابل المادي. { الملاحظ أن صبيب الإنتاجات السينمائية المغربية خلال السنوات الأخيرة ارتفع، ألم تجدي من بين كل تلك الأعمال دورا يقنعك؟ أولا أنا أحرص على معايير معينة، فالسينما تاريخ، وإن لم يكن الدور جيدا وينطوي على حمولة اجتماعية وإنسانية وفكرية وفنية، وسيمر مرور الكرام فمن الأفضل بالنسبة إليّ، لا أؤديه، ينضاف إلى كل ما سبق قيمة الفكرة التي يناقشها الفيلم، والمخرج والطاقم الفني الذي سيشارك في العمل. أنا لا أقول إن جميع الأفلام التي شاهدناها خلال الفترة الأخيرة ليست جيدة، ولكن ربما لا يوجد فيها دور نسائي يناسبني. أحيانا يعرض على الفنان دور معين ويرى أنه لا يمكن أن يضيف له شيء، ويرى فنانا آخر يمكن أداءه بشكل أفضل، فتلك الإضافة أو البصمة التي يمكن أن يتركها الفنان هي ما يجعل الدور مميزا. { ما رأيك في السينما المغربية اليوم، وهل في نظرك التطور الكمي الذي عرفته واكبه تطور على مستوى الكيف؟ لا أرى هذا مشكلا في الفترة الراهنة، لنقدم الكم أولا ولاحقا ومع السنوات سيتطور إلى كيف. لذلك لا يجب أن نوجه سهام النقد بقوة للأفلام المعروضة لأن الممارسة والكم ستؤدي إلى بروز أعمال جيدة. ولكن يبقى العائق أمام تطور السينما المغربية هو المشكل الإنتاج، فلا يعقل أن يكون المركز السينمائي المغربي هو الجهة الوحيدة الممولة للسينما، فمادامت السينما صناعة فهي تحتاج إلى التمويل الذي لا يمكن أن يأتي من جهة واحدة، لذلك يجب أن تكون هناك جهات أخرى منتجة خاصة وهذا نادينا به مرارا، للأسف هناك أشخاص يملكون المال، ولكنهم يرفضون دعم الصناعة السينمائية في بلادنا. { هل يُرحب بالاستثمار في السينما بالمغرب؟ الشخص الذي سيستثمر في السينما يجب أن يكون فنانا بالدرجة الأولى، وليس مجرد مستثمر، حتى لا يكون الربح المادي هو هاجسه الأول. إذ يجب أن يكون هدفه الأساسي هو النهوض بهذا القطاع، أما بالنسبة للربح فهذا أمر لا يمكن حسمه لأن الاستثمار في السينما يعتبر مغامرة ليس في المغرب فقط، بل على الصعيد العالمي. { ما رأيك في النقاش الذي أثير مؤخرا تحت عنوان الفن النظيف» والذي انقسم بخصوصه الفنانون بين مؤيد ومعارض؟ الفن بالنسبة إليّ لا يحتاج إلى تسميات، فهو ممارسة راقية تعكس المجتمع، ولكن لا تعكسه تماما كما هو، بل تضفي عليه شيئا من الجمالية، وهذا هو الإبداع، مسميات «النظيف» أو «الوسخ» لا مكان لها في هذا الميدان الفني، ولكن يبقى لكل شخص في هذا الميدان أسلوبه ومرجعيته وأفكاره وقناعاته الخاصة. { ما هي الخطوط الحمراء بالنسبة إلى فاطمة خير؟ في الفن لا توجد خطوط حمراء، بل المهم هو الإبداع على مستوى الكيف. سبق أن قدمت فيلم «سعيدة» الذي تطرق لأول مرة لظاهرة الاغتصاب، وهو عمل تلفزيوني، أي أنه دخل جميع البيوت المغربية، وتحدث عن تلك الظاهرة، ولكن بشكل تقبله الجميع من دون خدش حياء المشاهد. المشاهد ذكي ولا يحتاج لتوصيف الأمور بشكل مفصل أكثر من اللازم، فهو يستطيع أن يفهم الفكرة دون الحاجة إلى رسمها بشكل مبالغ فيه. { مجموعة من الفنانين يحرصون على المشاركة في السباق الرمضاني على اعتبار أن جميع الأعمال تتراكم في شهر رمضان كما أن تلك الفترة تعرف نسبة مشاهدة كبيرة للقنوات الوطنية، ألم يغرك هذا الأمر لتشاركي بدورك في أحد الأعمال الرمضانية؟ هذه الفكرة بدورها خاطئة، ففي شهر رمضان يشعر المشاهد بحالة من التخمة، في حين تشهد باقي الشهور حالة من الفراغ، وهذا المشكل لا يتحمل الفنان مسؤوليته، ففي أحيان كثيرة يشارك الممثل في عمل معين ولا يدري أنه سيبرمج في شهر رمضان، هذا قرار القنوات، فمثلا أنا حاليا بصدد تصوير مسلسل تلفزيوني رفقة القناة الثانية، لم أكن أعلم أنه سيبث خلال شهر رمضان، ولكن أظن أنه ستتم برمجته خلال تلك الفترة، في الأخير أنا مقتنعة أن العمل الجيد يمكن أن ينجح متى ما عرض خلال السنة. { ألا تشعرين كفنانة بالظُلم، خصوصا أنك بدأت في هذا الميدان قبل أكثر من عشرين عاما، مقارنة بفنانات أخريات لا يتوفرن على نفس رصيدك؟ مطلقا، أنا راضية على مساري ورصيدي ولست ممن ينظرون للزملاء بعين الغيرة، قدمت مجموعة من الأعمال التي تركت بصمة وراضية بشكل كبير على أعمالي. صحيح أنني أغيب لوقت طويل نسبيا، ولكن هذا نتيجة إيماني بمبدأ معين أعترف أنني أدفع مقابله ضريبة، ولكنني مقتنعة به. ألم تتمني أن تكوني من ضمن الفنانين الذين حصلوا على توشيح ملكي مؤخرا؟ أولا أبارك لجميع الذين تم توشيحهم، وقد اتصلت بثلاثة من الزملاء الذي حظوا بالتوشيح، وباركت لهم ومنهم من درسوا معي ومن أعتز بصداقتهم وبعملهم. ثانيا أنا أؤمن أنه إن كان من نصيبي الحصول على شيء سأحصل عليه مهما حدث، وإن لم يكن من نصيبي فلن يتحقق ذلك. { بعد مشاركتك في فيديو كليب أغنية «المستحيل» للفنان العراقي كاظم الساهر ظن الجميع أن تلك الأغنية ستكون المفتاح الذي سيشرع أمامك أبواب الشهرة على الصعيد العربي، ما الذي حدث؟ بالفعل شاركت في عدد من الأعمال العربية، اشتغلت مع اثنين من عمالقة الإخراج في العالم العربي، يتعلق الأمر بنجدة إسماعيل أنزور الذي قدمت رفقته مسلسل «الحور العين» ومسلسل ديني، كما قدمت مسلسل «ربيع قرطبة» رفقة حاتم علي. صحيح عرضت علي الكثير من الفرص الأخرى التي لم أتمكن من الاستجابة لها، فبالنسبة إلي هناك أمور أخرى أهم في الحياة على رأسها أسرتي، ولذلك كان من الصعب علي الاستجابة لفرص عمل تفرض علي السفر خارج المغرب. { مجموعة من الفنانين توجهوا مؤخرا للسياسة وبعضهم دخل البرلمان، هل من الممكن أن تتخذي هذا التوجه؟ السياسة حاضرة في حياتنا اليومية ونمارسها من دون الحاجة إلى دخول حزب أو البرلمان، كما أننا نمارس السياسة من خلال أعمالنا، وأنا أهنئ الفنانين الذين تمكنوا من دخول غمار السياسة ونتمنى أن يوظفوا صورتهم في محاربة الفساد والنهوض بالأوضاع الاجتماعية. { هل يمكن أن يكون الفن مصدر الرزق الوحيد في بلادنا؟ صعب. يجب أن يكون للفنان مصدر رزق آخر ليعيش عيشة كريمة وحتى لا يضطر ليقدم أعمالا دون المستوى لمجرد توفير لقمة العيش، الحمد لله زوجي يملك شركة للتعشير وهذا الأمر يساعدنا على انتقاء الأعمال التي تناسبنا وتحترم ذوق الجمهور. { قدمت مجموعة من الأعمال رفقة زوجك الفنان سعد التسولي، هل تشعرين براحة أكبر بالتعاون معه؟؟ لست أنا من تختار أن يكون زوجي إلى جانبي في الأعمال التي أقدمها، وحين نشتغل معا فأنا لا أرى فيه سعد التسولي زوجي، بل الشخصية التي يجسدها، فاطمة وسعد حاضران طبعا في الحياة وفي إطار الأسرة، ولكن حين نكون في نشتغل في عمل معين نتعامل بشكل مهني ونرى في بعضنا الشخصيات التي نقدمها. { أحيانا حين يكون أحد الزوجين فنانا فذلك يطرح مشكلا على صعيد الأسرة، أنت وزوجك تشتغلان معا في الميدان الفني، كيف تمكنتما من الحفاظ على تماسك الأسرة في ظل الالتزامات التي يفرضها العمل الفني؟ مسألة حرصي على انتقاء أعمالي بدقة كانت له إيجابيات أكثر من السلبيات، فقد تمكنت من الحضور بشكل مستمر إلى جانب أطفالي للإشراف على تربيتهم ودراستهم، وزوجي بدوره يحرص على التواجد باستمرار بجانب الأسرة، وإذا ما حدث واضطررنا للتغيب معا، تتكفل والدتي وحماتي بشؤون طفلينا. { هل من الممكن أن تقبلين بتوجه أحد طفليك للفن؟ لست ضد الفكرة، فما على الوالدين سوى تربية أبنائهم وتعليمهم تعليما جيدا ويبقى للأبناء حرية اختيار مسارهم من دون ضغوط، فابنتي الكبرى مثلا ليس لها ميول للفن وابني مازال صغيرا، لذلك، فالفكرة ليست مطروحة لدينا.