الدين والوظيفة والأسرة هي أولويات الشباب المغربي في الحياة. هذا ما توصلت إليه خلاصات استطلاع جديد أنجزه مكتب «أنفيست للموارد البشرية» بشراكة مع موقع «emploi.ma». وتوصل الاستطلاع الذي قام باستجواب 3223 شابا وشابة، «أن شريحة الشباب المغاربة، خاصة المتراوحة أعمارهم ما بين 18 و31 سنة (72.5%) يرون أن الأسرة تتقدم أولويات حياتهم بعد الوظيفة والدين، فيما ترى الأغلبية أن العمل، قبل كل شيء، وسيلة لتنمية المهارات (66.3%)، ومصدر للدخل (62.3%)، وأيضا يعطي معنى للحياة (38.4%). وتتقاطع نتائج الاستطلاع الحالي مع استطلاع سابق أنجزته وزارة الشباب والرياضة، والذي توصل إلى أن «الدين بالنسبة للشباب يأتي في المرتبة الأولى كعنصر محدد للهوية، حيث أن القيم الدينية مهمة جدا في حياة الشباب الذي يؤمن بضرورة اضطلاع الآباء بدورهم في المجال الديني»، مشيرا إلى أن الإخلاص في الدين عند الشباب لا ينقص من تسامحهم مع الديانات الأخرى، ف 60 في المائة يعتقدون أن تعايش كل الديانات بالمغرب شيء طبيعي وعادي. وفي ما يتعلق بمجال الشغل فإنه يمثل، حسب الاستطلاع، هما أساسيا بالنسبة للشباب، حيث يعتبر 40 في المائة منهم أن مسألة الولوج إلى سوق العمل يعد مصدرا رئيسيا للقلق، بالمقابل أبان الاستطلاع أن 52 في المائة منهم يميلون إلى إنشاء مقاولتهم الخاصة، معبرين عن قناعة بأن المدرسة تمثل العامل الأساسي الذي يتيح أفضل الفرص للنجاح في الحياة المهنية من خلال القيام بدراسات جيدة. غير أن 60 في المائة من المستجوبين يجدون أن البرامج الدراسية جد ثقيلة وغير ملائمة، وأن ظروف الدراسة غير مناسبة لتلقي تكوين جيد. أما بخصوص أنشطة الترفيه فتعد اللقاءات مع الأصدقاء أكثر حيوية فهي لا تتطلب استثمارا خاصا، بعده مباشرة يأتي الأنترنيت والتكنولوجيا الحديثة التي تمكن الشباب من الانفتاح على العالم الافتراضي اللامتناهي، وبالمقابل يعتبر 43 في المائة من الشباب أن القراءة من أنشطة الترفيه. ويرى 34.3% من الشباب المستجوب في استطلاع «أنفيست»، أن الوظيفة تعبير عن الوضع الاجتماعي وتحقيقا للذات (28.9%)، وأيضا وسيلة للتعارف (18.9%)، وللتبادل (17.5%)، فيما ترى قلة منهم أن العمل ليس بواجب بسيط (9.5%). وتحدث الاستطلاع عن كون الشباب المغربي، مهووسون بتغيير الشركات التي يشتغلون بها، حيث لا يستقر أغلبية الشباب (57%) في شركة واحدة لمدة لا تزيد عن ثلاث سنوات، فيما يفضل من يتجاوز سنهم ال31 البقاء في شركة بعينها ما بين 4 إلى 10 سنوات. إلى ذلك، عبر 41.8% من الشباب عن نيتهم في مغادرة شركتهم الحالية «في حالة وجود فرصة أفضل»، فيما يرى 30.7% أنهم سيغيرون وجهتهم في أقرب مناسبة ممكنة، على أن 27.8% منهم يعتزم إتمام الدراسة بصيغة التكوين المستمر.. ويبرر الشباب المستجوبين نيتهم في مغادرة موقعهم الوظيفي الحالي صوب وجهات أخرى، إلى «ضعف الأجور والتعويضات» التي تمنحها الشركات كمعيار أول، يليها «عدم وضوح الرؤية المهنية» و «عدم التمكن من تنمية المهارات»، فيما يرى الشباب المغاربة أن ضغط العمل وغياب التأطير والتواصل، ثم المضايقات تعتبر محددات أخرى للتفكير في ترك الشركة والتوجه إلى أخرى. من جهة أخرى، كشف الاستطلاع، الذي شمل أيضا مسيري الشركات، أن أكبر الصعوبات التي تواجههم مع الشباب المستخدم لديهم تتجلى في «نقص الاستقلالية الذاتية»، وعدم احترام التعليمات، وقلة الاهتمام بالعمل، زيادة على المطالبة «المبالغ فيها» في الأجور والتعويضات المادية. عوامل أخرى تعرقل عمل الشركات من لدن الشباب، من وجهة نظر المسيرين، تتمثل أيضا، حسب الاستطلاع، في قلة الجاهزية (30%) والتغيب عن العمل (23%)، ورفض التنقل الجغرافي (22%)، وكذا قلة الاحترام الواجب وفق التدرج الإداري (20%). ورغم أن نتائج الاستطلاع تحدثت عن الأهمية التي يوليها الشباب المستخدم تجاه مدرائهم المباشرين، حيث يرى 70% منهم ذلك تطويرا لمهاراتهم الذاتية، وفرصة لكسب ثقة مسيريهم (50%)، إلا أن هؤلاء عبروا عن وجهة نظر مغايرة اتجاه المستخدمين، حيث قال 50% منهم، إن الشباب لا يتحلّون بكثير من النضج والصبر إذا ما وجهت لهم ملاحظات بشأن أخطائهم المهنية.