الشيخ المقاصدي انتقد ما يجري في الأحزاب من التزام منتسبيها بنصرة جهته وفريقه وحزبه، ومناوءة خصومه ومخالفيه بصورة مطلقة وتلقائية، مهما كان رأيه وسط الجدل الدائر حول حرية التعبير في المغرب، خرج العالم المقاصدي أحمد الريسوني ليتحدث عن ضوابطها الشرعية ل"ما قد تتعرض له من سوء استعمالها وسوء التصرف بها." ضوابط أجملها نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في ستة منها " ابتغاء الحق والوقوف معه" مبينا أن مفهوم حرية التعبير في الاسلام لا يجعلها" فرصة للتصلب والتغلب، ولا وسيلة لإحراج المخالف وإضعاف موقفه، أو مجالا للتفنن في السفسطة وقلب الحقائق، " مشددا كذلك على كونها ليست "ساحة للتباري في الجدال والخطابة. " وحسب العالم المقاصدي، فإن الإسلام لا يسمح بمعارضة مطلقة أو موافقة مطلقة، "كما يجري الآن لدى الحكومات والأحزاب الديمقراطية وشبه الديمقراطية، بحيث يكون كل واحد فيها ملتزما أو ملزما بنصرة جهته وفريقه وحزبه، ومناوءة خصومه ومخالفيه بصورة مطلقة وتلقائية، مهما كان رأيه، ومهما تغير رأيه، حتى ولو كان يرى في قرارة نفسه الصواب عند خصمه، والخطأ عند جهته." حسب ما أورد الريسوني في مقال له حول ضوابط حرية التعبير، مستنكرا هذا السلوك "الذي أصبح سائدا ومسلما به لدى السياسيين اليوم، " معتبرا أنه "ليس في الحقيقة ممارسة لحرية التعبير، بل هو إفساد لحرية التعبير وتلاعب بها." حفظ حرمة الدين من أهم الضوابط التي تحكم حرية التعبير من وجهة نظر الشريعة الإسلامي كذلك، يؤكد الرئيس السابق لحركة التوحيد والإصلاح، حيث تمنع الشريعة "المساس والتلاعب بحرمة الدين الحق ومكانته،" وذلك لكونه "يمثل أساس كيان الأمة الإسلامية والمجتمع الإسلامي والدولة الإسلامية". كما حذر الريسوني من "ممارسة تضليل الناس وتوريطهم في ما يضرهم " تحت مسمى حرية التعبير قائلا أن الإسلام يسمح ب"حرية التعبير لا حرية التغرير" على اعتبار أن "عامة الناس فيهم الضعيف والصغير والجاهل والسفيه والمريض ممن لا يستطيعون دائما تمييز الخبيث من الطيب، ولذلك ليس في الإسلام حرية لممارسة أي شكل من أشكال التغرير والتضليل والخداع والإيقاع بالقاصرين والمضطرين، كما ليس في الإسلام حرية لمن يدعو ويروج للرذائل والموبقات. " مشددا على أنه لا يسمح لأحد أن "يدعو مثلا إلى الزنا والخمر والمخدرات ويتحدث عما فيهما من لذات وفوائد، وليس لأحد أن يدعو ويروج تحت لافتة حرية التعبير للأفكار والتصرّفات الشاذة المنحرفة." مدخلا في هذا الحكم "الإشهار التجاري لكل المواد المحرمة والفاسدة الضارة. ومثل ذلك استعمال النساء العاريات في الدعاية التجارية، وفي بعض الأعمال التي يعتبرونها تعبيرا فنيا." ودعا الريسوني في نفس السياق إلى " التثبت والتبين قبل القول والتعبير"، مؤكدا على أن الإسلام يأمر بأن " يكون للقول حجة ودليل، وأن يكون بعد تحر وتثبت، ولا يكون مجرد خرص وتخمين."هذا إلى جانب تشديده على "حفظ حرمات الناس وأعراضهم" وذلك ب"تحريم الغيبة والسب والتشهير وإفشاء أسرار الناس بغير إذنهم، والقذف بما هو صحيح،" مردفا "حتى الزنا الذي قد نشاهده ونتيقنه، لا يجوز إفشاؤه والتحديث به إلا بعد توافر أربعة شهود، احتياطا لأعراض الناس وحرماتهم". ومن ضمن الضوابط الشرعية لحرية التعبير التي شدد عليها الريسوني "منع التدخل في النيات والبواطن" وذلك في ما يتعلق ب"نقد الأشخاص في آرائهم وتصرفاتهم واجتهاداتهم، سواء أكانوا علماء ومفكرين أو زعماء وحاكمين أو من عامة الناس،" متابعا في نفس السياق"إذا كان الإسلام يسمح لنا بنقد أي واحد ومجادلته والإنكار عليه في ما نعتبره أساء فيه أو أخطأ، فإنما يسمح بذلك في حدود ما ظهر لنا فرأيناه أو سمعناه، من دون تجسس ولا تنقيب، ولا تأويل ولا سوء ظن."