صوتت فرق المعارضة، أول أمس، ضد الجزء الأول من قانون المالية، بأغلبية 15 صوتا مقابل 7. وكان أبرز موقف سجلته المعارضة هو رفض تعديل الحكومة الذي ينص على إعفاء أصحاب الأموال المهربة من العقوبات والغرامات مقابل إعادة أموالهم إلى المغرب وأداء مساهمة لخزينة الدولة تقدر ب 10 في المئة من قيمة الممتلكات بكل أنواعها و5 في المئة من قيمة المبالغ المالية المودعة في حسابات أجنبية. ولم تنفع ملتمسات وزير المالية محمد بوسعيد، المتكررة للمستشارين للتصويت على هذا التعديل، حيث التمس التصويت عليه «بالإجماع، لخدمة مصلحة البلاد»، مستشهدا بما حصل في حكومة التناوب حينما طبق قرار العفو الجبائي، وقال إن الأبناك المغربية تحتاج إلى إعادة الأموال المهربة لأن بنك المغرب يمنح أسبوعيا 75 مليار درهم لهذه الأبناك لضخ السيولة. وعرفت لجنة المالية بمجلس المستشارين صخبا كبيرا حول هذا التعديل، انتهى بالتصويت ضده ب 15 صوتا من فرق المعارضة وتأييده من طرف 7 برلمانيين من الأغلبية. ولوحظ أن فريقي الاتحاد الاشتراكي والاستقلال، كانا أشد معارضة لهذا الإجراء، إذ وصل الأمر برئيس الفريق الاستقلالي محمد الأنصاري، إلى حد القول بأن اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال، عقدت اجتماعا حول هذا الموضوع، معبرة عن رفضها حيث تم تكليفه من طرف القيادة، بأن يعبر عن الموقف المتخذ، وتلا خلال اللقاء بيان اللجنة التنفيذية الرافض للمقترح، الذي وصف ب»التعديل الخطير جدا»، معتبرا أن المقترح يعكس فشلا في محاربة الفساد، ولجوء من الحكومة إلى «استجداء الفاسدين ومهربي الأموال»، مؤكدا أن الحكومة «تمارس الضغط والابتزاز لإصدار عفو عام، عمن ارتكبوا جرائم ومخالفات يعاقب عليها القانون». وطالب الأنصاري بنشر لائحة المواطنين المتورطين في تهريب الأموال، والكشف عن المبالغ المهربة. أما محمد العلمي، رئيس الفريق الاتحادي في مجلس المستشارين، فقد دعا إلى رفع هذا المقترح إلى المجلس الوزاري، حتى يأخذ بشأنه الملك محمد السادس قرارا سياسيا، معتبرا أن الحكومة غير مؤهلة لاتخاذ مثل هذا القرار، وهو ما رد عليه محمد بوسعيد، وزير الاقتصاد والمالية، الذي قال إن الحكومة تقدم الخطوط العريضة لمشروع قانون المالية في المجلس الوزاري، وفق ما ينص عليه الدستور. العلمي، اتهم بعض كبار مسؤولي الدولة، دون ذكر أسمائهم بتهريب أموالهم، «متسائلا عن مصدر الأموال المهربة إلى الخارج، وهل هي ناتجة عن الاتجار الدولي في المخدرات، أم تبييض للأموال؟». أما حكيم بنشماس، رئيس فريق حزب الأصالة والمعاصرة، فقد كان موقفه مختلفا، حيث اعتبر أن العفو عن مهربي الأموال « ثورة حقيقية»، وقال «الحمد لله بأن الحكومة فهمت مطلب الفريق (البام) الذي طالب منذ زمان باسترجاع، الأموال المهربة»، متسائلا عما إذا قامت الحكومة بدراسات حول حجم الأموال، ومصدرها، وعدد المستفيدين من العفو عن الغرامات، وكيفية التعامل معهم؟. أما محمد دعيدعة، رئيس فريق نقابة الفيدرالية، فقد انتقد تقديم الحكومة لهذا التعديل في آخر لحظة، وقال إن هذا المقترح «جاء في آخر جولة من التصويت على مشروع قانون المالية، ما أدى إلى قلب هذا القانون برمته»، متسائلا بدوره عن حجم الاموال المهربة، محذرا من تبييض الأموال عن طريق هذه العملية. ونفى إدريس الأزمي الإدريسي، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، وجود أي مخاطر، لأن هذا المقتضى الحكومي، يهم أملاك عقارية قائمة في دول أجنبية، حصل أصحابها على صكوك الملكية، وتخضع للتضريب هناك، وودائع بنكية، وأصول في البورصة، إذن فهي غير محل شك جنائي، حيث سيتم استرجاعها عبر الأبناك، بفتح حساب بالعملة الصعبة، ما يحفظ السر المهني، كما أن تلك الأبناك، تخضع لمراقبة قانون مكافحة تبييض الأموال، وليس عن طريق الإدارة الجبائية، أو المطارات، يقول الوزير. وبعد رفض المعارضة، تتجه الأنظار إلى كيفية تعامل هذه الفرق في الجلسة العامة المقررة اليوم، حيث وعدت بعض الفرق بتقديم تعديل في هذا الشأن، وهو ما رحب به وزير المالية بوسعيد. وكيفما كان الحال، فإن وزارة المالية عازمة على التصديق على هذا التعديل خلال عرضه من جديد في مجلس النواب الذي ستكون له كلمة الحسم.