تحركات دبلوماسية مكثفة تلك التي يجريها رئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران هذه الأيام، حيث حلّ صباح أمس الأحد بالعاصمة القطريةالدوحة، قادما إليها من باريس، حيث مثّل الملك محمد السادس في القمة الفرنسية الإفريقية حول الأمن والسلم. لقاء جمع بين ابن كيران وأمير قطر، تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني، بمجرد وصول رئيس الحكومة المغربية إلى هذا البلد الخليجي. فيما يستعد أمير قطر، حسب مصادر موثوقة، للقيام بزيارة رسمية إلى المغرب خلال شهر دجنبر الحالي، يُنتظر أن تكرّس الانفراج الكبير الذي شهدته علاقات البلدين، بعد تولي الأمير الشاب الحكم خلفا لوالده حمد بن خليفة آل ثاني. وتأتي هذه الزيارة استجابة لدعوة ملكية تضمّنتها أول برقية وجّهها الملك محمد السادس إلى الأمير تميم، والتي حملت تهاني ملك المغرب الحارة للأمير الجديد. رئيس الحكومة قال بعد استقباله من طرف أمير قطر، إن المباحثات همّت مناقشة مجالات التعاون الممكنة بين البلدين، من بينها التبادل الجامعي بين مؤسسات التكوين العالي في كل منهما، "وفتح قطرأبوابها لاستقبال اليد العاملة المغربية في إطار علاقات واضحة". ونقل ابن كيران عن أمير قطر، تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني، تعهّده بالمساهمة "بشكل إيجابي في النهوض بالتعاون الثنائي". فأجندة العلاقات المغربية القطرية، تتضمّن نقطة عالقة تتمثل في الدعم المالي الذي اتفقت دول الخليج العربي على تقديمه للمغرب والمقدّر بخمسة ملايير دولار على مدى السنوات الخمس المقبلة. فبعدما قدّمت كل من العربية السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة، حصتها من هذا الدعم، إما جزئيا أو كليا، تخلّفت قطر عن تقديم حصتها من الدعم المتعلق بالسنتين الماضيتين. وينتظر المغرب دعما اقتصاديا غير مباشر، من خلال توجيه استثمارات قطرية جديدة نحو نسيجه الاقتصادي. ورغم التقارب الكبير بين الأمير الجديد لقطر والمغرب، والذي تجسّد في التعاطي مع التحولات التي عرفتها مصر، حيث كانت قطر والمغرب ضمن أولى الدول التي سارع رؤساؤها إلى مباركة التغيير الذي أقدم عليه الجيش المصري، بإزاحته الرئيس المنتمي إلى حركة الإخوان المسلمين، محمد مرسي، وهنأ كل من الأمير تميم بن حمد، والملك محمد السادس، الرئيس المؤقت لمصر، المستشار عدلي منصور؛ إلا أن استمرار قناة "الجزيرة" القطرية في تغطيتها للأحداث المصرية من وجهة نظر مؤيدة للإخوان المسلمين، أعاد التوتّر إلى العلاقات القطرية السعودية، فيما يعتبر المغرب حليفا استراتيجيا ودائما للرياض. مؤشرات الانفراج وتجاوز سوء الفهم بين الرباطوالدوحة ظهرت بمجرّد تولي الأمير تميم حكم قطر، حيث استقبل الملك محمد السادس سفيرا جديدا ينتمي إلى جيل الشباب الذي ينتمي إليه كل من الملك والأمير الجديد لقطر. السفير الجديد التقى الملك شهر يوليوز الماضي حاملا رسالة خطّية من الامير تميم، وهي الرسالة التي تردّ على برقية التهنئة الاستثنائية التي بعثها الملك محمد السادس للأمير القطري الجديد فور مبايعته. البرقية الملكية كانت قد عبّرت عن استعداد فوري لتعميق التشاور الودي مع الأمير الجديد لقطر، وعزم ملك المغرب تسخير كافة الإمكانيات التي يمكنها الارتقاء بعلاقات البلدين. ووصف الملك محمد السادس الأمير تميم بصاحب "الخصال الإنسانية الرفيعة، والحنكة السياسية، والكفاءة العالية". ووجّهت البرقية الملكية دعوة صريحة للأمير القطري الجديد بزيارة المغرب، واعدة إياه بالصدر المفتوح والاستقبال الأخوي من جانب المغرب "ملكا وحكومة وشعبا". زيارة ابن كيران للدوحة، تأتي في إطار مشاركته في أشغال المؤتمر السنوي الثاني لمراكز الأبحاث العربية، والمتمحور هذه السنة حول "قضية فلسطين ومستقبل المشروع الوطني الفلسطيني". هذا الموضوع كان أحد الملفات الشائكة التي كادت تفجّر الخلاف بين الرباطوالدوحة في الفترة الأخيرة من حكم والد الأمير الحالي لقطر، بفعل تحركات هذه الأخيرة في ملف القدس. فيما يقف المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، وراء تنظيم هذا اللقاء بإشراف مباشر من رئيسه عزمي بشارة.