وجهت الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة (ترانسبرانسي المغرب) مذكرة إلى رئيس الحكومة عزيز أخنوش حول "أولويات محاربة الفساد في المغرب". وقال أحمد برنوصي الكاتب العام للجمعية في لقاء صحافي صباح اليوم بالرباط، إن ترانسبارانسي، سجلت أن حكومة أخنوش تفتقد الإرادة السياسية لمحاربة الفساد، مشيرا إلى أمثلة من قبيل سحب مشاريع قوانين من البرلمان، مثل مشروع القانون الجنائي الذي تضمن محاربة الإثراء غير المشروع، ومشروع قانون تقنين احتلال الملك العمومي البحري، وإعلان وزير العدل سعيه لمنع الجمعيات من وضع شكايات ضد المنتخبين المشتبه بهم. كما أشار البرنوصي إلى الحاجة إلى إصدار قانون يمنع تضارب المصالح، ومنع التسريبات غير المشروعة التي تضر بالمنافسة. وقال إن تجربة ارتفاع أسعار المحروقات أظهرت أن "هناك مسؤولين يعيشون في تضارب للمصالح، خاصة المساهمين في مجموعة "أكوا" في إشارة إلى عزيز أخنوش رئيس الحكومة. كما أِشار إلى عدم فعالية مجلس المنافسة في التصدي لموضوع أٍسعار المحروقات، وعدم تفعيل هيئة النزاهة ومحاربة الرشوة. وجاء في مذكرة ترانسبارنسي، أنها تعكس "انشغالاتنا وانتظاراتنا تجاه حكومتكم من حيث إقرار سياسة فعالة في مجال الشفافية والحكامة الجيدة ومكافحة الفساد." وفيما يلي أهم ما جاء في الرسالة: إننا تتوقع من حكومتكم توضيح مواقفها وسياستها في مجال مكافحة الفساد، وتحديد الأولويات وماهي الإجراءات المزمع اتخاذها من طرف حكومتكم لتفعيل وتنفيذ الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد. كما نود ان تعمل الحكومة الى توضيح سياستها في مجال تضارب المصالح والإثراء غير المشروع، وماهي الإجراءات التي ستتخذها لتعزيز موارد الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها من أجل ضمان استقلاليتها وفعاليتها، وجعل قانون الحق في الحصول على المعلومات فعالاً حقا بما يتفق مع مقتضيات وروح الدستور والمعايير الدولية في هذا المجال؟ وماهي التدابير التي ستتخذها حكومتكم لتوفير حماية فعلية للمبلغين عن جرائم الفساد بالنظر إلى فراغ القانون 37-10 الذي تم إقراره سنة2011، وما هي مقترحاتكم لجعل القانون الحالي للتصريح بالممتلكات فعالاً. وحسب الرسالة فإن "الكثير من الأسئلة التي نطرحها ومعنا الرأي العام الوطني والتي ستمكن الإجابة عليها لقياس الإرادة السياسية لحكومتكم في العمل على إعطاء مصداقية للتصريح الحكومي في مجال مكافحة الفساد كأولوية وطنية". وتضيف الرسالة "بعد أيام قليلة من تنصيب حكومتكم، كان أول عمل لكم هو سحب الحكومة لمشروع القانون المتعلق بمجموعة القانون الجنائي من مجلس النواب والمتضمن لمقتضيات تجريم الإثراء غير المشروع. وتؤكد ردود الفعل المختلفة إثر هذا الإجراء رغبة حكومتكم في استبعاد هذه الجريمة من التعديلات المستقبلية على القانون أو إفراغها من مضمونها. وأعقب هذا الانسحاب سحب مشروع قانون تنظيم احتلال الملك العمومي، وقد تأكد هذا الموقف الاستفزازي من خلال التصريحات التي أدلى بها وزير العدل في حكومتكم بإقرار مشروع قانون يمنع منظمات المجتمع المدني من تقديم شكاوى ضد منتخبين من أجل شبهة هدر واختلاس المال العام في تجاهل لنص الدستور والقوانين المنظمة للنظام القضائي والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب في هذا الصدد. وتضيف الرسالة: تعلمون جيدا، أن الفساد المستشري ببلادنا ذو طبيعة مزمنة ونسقية وهو ما تأكده المراتب المتدنية التي يحتلها المغرب في مؤشرات مدركات الفساد حيت حصل على نقطة 100/39 والمركز 87 في نسخة 2022 ، مسجلاً انخفاضا قدره 4 نقط في درجته و 14 مركزا مقارنة بعام 2018 من بين 180 دولة. إن الفساد المستشري ببلادنا في مختلف القطاعات تمس العيش اليومي للمواطنين في الإدارات مثل المستشفيات والمحاكم والمرافق الإدارية، والتي يعاني منها أيضا رؤساء المقاولات في مجال الاستثمار أو في مجال الصفقات العامة. إن أفق مجتمع يتمتع فعلا بقيم المواطنة والجدارة لهو بعيد المنال في مواجهة استمرار إدارة تستند على الزبونية واستشراء الفساد، ويتناقض فعلا مع الجوانب الاجتماعية التي يدعو إليها برنامجكم. إن تشييد منظومة وطنية للنزاهة هو إطار مرجعي لنا في جمعية ترانسبارانسي المغرب، والذي يتوخى تعزيز الفصل بين السلطات، وتعزيز دور المؤسسات المستقلة، وتعزيز دور المجتمع المدني، ومحاربة الإفلات من العقاب، وتفعيل مبدأ المساءلة … فهل يمكن اعتبار تشييد هذه المنظومة بمثابة وهم؟ سيكون الجواب بالإيجاب، إذا أخذنا في الاعتبار انسحاب الدولة من محاربة الفساد، وتقييد الحريات الأساسية، بما في ذلك الصحافة الاستقصائية على وجه الخصوص، وتدهور احترام حقوق الإنسان. وتذكرنا محاكمات الصحفيين والمدونين بهذا الأمر بشكل جلي. يتمثل تحيزنا في اعتبار بناء منظومة وطنية للنزاهة أمرا ضروريا. وهو أيضا بمثابة منحى التاريخ، إذأن البيئة الدولية آخذة في التغيير، و تأثير الفساد على تنمية بلدنا سينعكس بشكل متزايد. وأشارت الرسالة إلى استراتيجية محاربة الفساد وجاءا فيها: لقد كانت نتائج تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد بعد ست سنوات من اعتمادها في دجنبر 2015 أكثر من محبطة. وفيما يلي بعض الميزات البارزة: تم تشكيل اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد برئاسة رئيس الحكومة في نوفمبر 2017. ومنذ ذلك الحين اجتمعت مرتين فقط، في حين ينص مرسوم إنشائها على عقد اجتماعين على الأقل في السنة؛ عدم التزام شبه كلي لمختلف الوزارات في تنفيذ محاور الاستراتيجية ودحرها إلى مستويات إدارية أدنى وعدم توفير ميزانيات خاصة؛ وهيمنة الأسلوب الإداري الذي يتجلى في أغلب الأحيان من إصدار الدوريات. وتعكس هذه الوضعية الافتقار إلى الإرادة السياسية الفعالة للتنفيذ الملموس للبرامج والإجراءات القادرة على التعامل هذه الآفة. وقد تفاقم هذا الوضع بسبب التدابير الاستثنائية التي تم اتخاذها على مدى العامين الماضيين فيما يتعلق بإدارة وباء كوفيد 19 كما يتضح من المؤشرات والتصنيفات المختلفة لبلدنا، ولا سيما تراجع مؤشر الديمقراطية، ومؤشر حرية الصحافة، ومؤشر دولة القانون.