عن الاحتجاجات التي عرفتها عدة مدن بالجهة الشرقية، وإقليم الحسيمة، في الفترة الأخيرة، يتحدث حفيظ إسلامي رئيس الفرع الجهوي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، ويكشف عن أسباب تلك الإحتجاجات وقدرتها على الاستمرارية. كيف تفسر تنامي الاحتجاجات في المدن الصغيرة والهامشية بالمنطقة الشرقية؟ في الواقع الاحتجاجات دائما متواترة بالعديد من المدن، و المدن الصغرى بالمنطقة الشرقية ( بوعرفة – جرادة – بني تجيت – عين بني مطهر – الناظور ...)، و هذا راجع لعوامل كثيرة يتعلق بعضها بالتهميش الممنهج لهذه المناطق في المشاريع التنموية، أو في درجة الغبن و الاستغلال الذي تعيشه هذه المناطق نتيجة تدهور واقع الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية ( طرد العمال في مجموعة من الشركات – تشغيل العاملات و العمال بأبخس الأجور في مناجم المعدن في بني تجيت – استغلال و غياب ظروف العمل التي تضمن الكرامة في الساندريات بجرادة- إضافة إلى التدهور الكبير للواقع الصحي و للبنية التحتية و لمختلف الخدمات و انتشار البطالة ...)، و ينضاف إلى هذه العوامل درجة كبيرة من الفساد الإداري و الرشوة و الامتهان لكرامة المواطنين الفقراء، و عدم الاعتراف بحق المواطنين في الاحتجاج بل تجريم ذلك ( اعتقالات زايو السنة الماضية – و اعتقالات جرادة و عين بني مطهر لهذه السنة...)
كيف تنظرون إلى تجاوب الدولة مع هذه الحركة الاحتجاجية؟ الدولة لا تزال لا تعترف بالقوانين المنظمة للحريات على علاتها بكونها جزء من منظومة القوانين القائمة، بل إن الهاجس الأمني يلغي الحق في الاحتجاج و التظاهر و حرية التعبير و محاربة الفساد و الاستبداد أو يقيده و يجرمه، و بدل تجريم المفسدين و محاسبة المسؤولين عن انتهاك الحقوق المدنية و السياسية و الاجتماعية و غيرها يتم محاكمة الضحايا، فكيف يعقل مثلا أن يحاكم المحتجين في عين بني مطهر و يتم السكوت عن مظاهر الاستهتار بالوضع الصحي و التنموي المتدهور و المسؤولين عنه بهذه المدينة؟. و كيف يعقل أن تجند الدولة كل إمكانياتها القمعية و القضائية لقمع سكان يحتجون على حقوق مدبجة في الدستور القائم ؟ ثم إذا كانت بعض هذه الاحتجاجات عفوية و قليلة التنظيم فإن الدولة تتحمل المسؤولية لأنها لا تسمح للفاعلين التقدميين و الديمقراطيين الحقيقيين بتنظيم المجتمع مما يجعل الناس يعبرون بالوسائل المتاحة أمامهم .
ما هي مرتكزات الاستمرارية بالنسبة لهذه الحركة الاحتجاجية الهامشية إن صح التعبير، في الوقت الذي نرى تراجعا كبيرا لحركة الاحتجاج في الحواضر الكبرى؟ إن المؤشرات الموضوعية كالزيادات في الأسعار الأخيرة و المقبلة و الفوارق الاجتماعية الكبيرة و انسداد البدائل أمام الحاكمين ، يجعل المجتمع "طايب" على حد تعبير الباحث ع الله حمودي لكن انبطاح العديد من القيادات السياسية و النقابية و من المثقفين جعل العامل الذاتي يكبل نسبيا سرعة الفعل النضالي و وحدته و قوته، لكن الأكيد أن الحركات الاحتجاجية مرشحة للتزايد، وعلى مختلف القوى التقدمية و الديمقراطية أن تتحمل مسؤوليتها من خلال حركة 20 فبراير التي تعبر عن التكثيف الأعلى لمختلف مطالب الطبقات الشعبية في الديمقراطية و العدالة الاجتماعية و مناهضة الاستبداد و الفساد و ذلك من أجل نقل هذه الحركات إلى درجة أعلى من التنظيم و الانخراط في الفعل النضالي الوطني.