تتناسل ردود الأفعال بشأن تصريحات أدلى بها وزير العدل عبد اللطيف وهبي، بشأن عزمه إدخال تعديل على قانون المسطرة الجنائية لمنع الجمعيات من تقديم الشكايات ذات الصلة بالفساد ونهب المال العام، وجعل ذلك مجالا مخصصا لوزارة الداخلية وحدها. ووصف المرصد الوطني لمحاربة الرشوة وحماية المال العام، هذه التصريحات ب"التحقيرية" و"الصادمة"، تهدف إلى ما أسماه " محاصرة" هاته الجمعيات، و"منعها من ممارسة أدوارها الديموقراطية والدستورية والمجتمعية والحقوقية في مكافحة الفساد"، وكذا في "مساءلة ناهبي المال العام بما فيهم منتخبي الأمة المشتبه في ارتكابهم لافعال يجرمها القانون". واعتبر المرصد تصريحات الوزير بمجلس المستشارين "مندفعة وانفعالية ومتعجرفة، تتضمن مغالطات غير مقبولة"، و"لا تليق بمسؤول عمومي ملزم بالعمل الجماعي المتزن"، و" فضيحة مدوية مست باستقلالية القضاء المختص في تقدير ظروف وملابسات الشكايات المرفوعة إليه"، وكذا "تدخل سافر في اختصاصات ودور النيابة العامة والضابطة القضائية وقضاة التحقيق ، فضلا عن كونها اقحمت جهات حكومية في موضوع لا دخل لها فيه". ونوه المرصد بتصريح الناطق الرسمي باسم الحكومة والذي اعتبر فيه أن الموقف المعبر عنه من طرف وزير العدل لم ينبثق عن قرار حكومي؛ وتعليقا على ذلك أوضح المرصد أن توضيح بايتاس، "جنب بلادنا إشعال فتنة هي في غنى عنها". وفي المقابل، أكد المرصد الوطني لمحاربة الرشوة وحماية المال العام، أن تصريحات وزير العدل، "تغرد خارج السرب الحكومي" ، لاسيما و"أنه لم يشر في تصريحه ولو مرة واحدة إلى الحكومة"، علما، يضيف المرصد " أن مساطر وضع وتعديل القوانين هو اختصاص حكومي أصيل يتم تحت الإشراف والتتبع المباشرين لرئيس الحكومة". ويرى أن الوزير عبداللطيف وهبي "ارتكب خطأ جسيما تستوجب مساءلته على المستوى السياسي والحقوقي بشأن ما أدلى به من تصريحات مهينة لجمعيات المجتمع المدني". وأضاف أنه "لن يشفع له في هذا الخطأ كونه رئيس جماعة حضرية منتخب مسؤول ومنشغل بمسألة تدبير أموالها على غرار عدد من رؤساء الجماعات الترابية الذي يبدو أنه يستميت في حمايتهم من المساءلة"، بحسب تعبيره. علاوة على ذلك، قال المرصد نفسه إن تصريحات الوزير المذكورة تتضمن " لعدد من الادعاءات المضللة إزاء جمعيات المجتمع المدني، لاسيما في مجال تحديد معيار مجال تدخلها إزاء القضايا المرتبطة بتدبير المال العام، وعلاقة المساهمة الضريبية المواطنة بالمال العام"، و"تتنكر لمواقفه السابقة، ولخلفيته الحقوقية واليسارية الطويلة". وكان عبد اللطيف وهبي الأمين العام لحزب الاصالة والمعاصرة قال إنه سيعمل على إدراج تعديل في قانون المسطرة الجنائية يمنع جمعيات حماية المال العام والمنظمات الحقوقية من تقديم شكايات إلى القضاء بخصوص إفتراض وجود شبهات فساد في بعض المرافق العمومية التي يتولى تدبيرها أشخاص أسندت لهم مهام التدبير العمومي، مع جعل ذلك اختصاصا حصريا لوزارة الداخلية.