أجرت المفوضية الأوربية عمليات تفتيش مباغتة في ألمانيا داخل مكاتب مجموعة غازبروم الروسية للاشتباه بأنها استغلت موقعها المهيمن للتسبب بارتفاع أسعار الغاز في أوربا. ويشتبه بأن روسيا حدت منذ العام الماضي من عرض الغاز في أوربا لإثارة فورة في الأسعار تفاقمت مع شن الهجوم على أوكرانيا أواخر فبراير. وأفادت المفوضية في بيان أنها نفذت عمليات دهم غير معلن عنها مسبقا وبالتعاون مع الهيئة الألمانية المعنية بالمنافسة "في مكاتب عدد من الشركات الناشطة في إمداد ونقل وتخزين الغاز الطبيعي في ألمانيا". ولم تؤكد بروكسل أن التحقيق استهدف مجموعة غازبروم العملاقة، لكن مصدرين أوربيين أفادا وكالة فرانس برس أن عمليات التفتيش التي جرت الأربعاء استهدفت مكاتب تابعة للمجموعة الروسية ولفرعها "وينغاز" لتوزيع الغاز الطبيعي، وهو ما كانت وكالة بلومبرغ كشفته في وقت سابق. وأوضحت المفوضية أن "عمليات التفتيش المباغتة تشكل مرحلة أولية من التحقيق حول الشبهات المتعلقة بممارسات مناهضة للمنافسة. وقيام المفوضية بمثل هذه العمليات لا يعني أن الشركات أقدمت على سلوك مناهض للمنافسة ولا يستبق نتيجة التحقيق نفسه". وأعلنت أوكرانيا في كانون الأول/ديسمبر أنها تقدمت بشكوى بحق غازبروم إلى المفوضية الأوربية الموكلة قضايا المنافسة في الاتحاد الأوربي، متهمة مجموعة الغاز بتعمد "إحداث نقص مفتعل في الغاز". وبحسب مجموعة "نفتوغاز" الأوكرانية العامة، فإن غازبروم "خفضت بشكل حاد بيع غازها في السوق الفورية الأوربية" فيما "جمدت" الإمدادات من المجموعات الروسية الأخرى ومنعت عبور الغاز من آسيا الوسطى إلى أوربا عبر روسيا، ما يشكل "انتهاكا مباشرا لقانون مكافحة الاحتكار الأوربي". وقال يوري فيترينكو الرئيس التنفيذي لمجموعة "نفتوغاز"، إن "هذا هو السبب الرئيسي للأزمة والارتفاع القياسي في الأسعار في أوربا". ومع بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 شباط/فبراير، سجل ارتفاع إضافي في أسعار الغاز الأوربي المرجعي ليصل في 7 آذار/مارس إلى مستوى غير مسبوق قدره 345 يورو للميغاوات/ساعة. وتراجع سعر الغاز منذ ذلك الحين من غير أن يتدنى بشكل دائم عن عتبة مائة يورو، وسجل 125 يورو قبيل ظهر 31 آذار/مارس، بالمقارنة مع أقل من 50 يورو في الفترة ذاتها من العام الماضي. وسلطت الحرب في أوكرانيا الضوء على اعتماد الاتحاد الأوربي المسرف على الغاز الروسي الذي يمثل 40% من استهلاكها، ما يحد قدرتها على التحرك ضد موسكو. وإذ فرضت الدول ال27 عقوبات غير مسبوقة على روسيا منذ بدء الهجوم على أوكرانيا، امتنعت عن استهداف قطاع الغاز رغم أنه مصدر عائدات أساسي لروسيا يمكنها من تمويل مجهودها الحربي. وتطالب كييف بوقف استيراد المحروقات من روسيا. ودعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الخميس هولندا التي تملك أكبر حقل من الغاز الطبيعي في أوربا، إلى مقاطعة الغاز الروسي "حتى لا تدفع مليارات للحرب"، في كلمة ألقاها عبر الفيديو أمام البرلمان الهولندي. لكن ألمانيا، القوة الاقتصادية الأولى في أوربا، تحذر على غرار إيطاليا ودول أخرى من أوربا الوسطى، بأن فرض حظر على الغاز الروسي سيتسبب بانقطاع حاد في الإمدادات، معتبرة أنها لن تتمكن من الاستغناء عن الغاز الروسي قبل منتصف 2024. وفعلت برلين وفيينا الأربعاء خطة طوارئ على ثلاث مراحل لإدارة إمداداتهما بشكل محكم، تحسبا لوقف موسكو إمداداتها. غير أن وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك أكد أن "أمن الإمدادات" بالغاز مضمون حاليا في ألمانيا وخزانات الاحتياط ممتلئة بنسبة 25%، مشددا على أن "الإجراء المتخذ اليوم هو مسألة وقائية". أما في النمسا، فيصل مستوى التخزين إلى 13% من الطاقات. وقررت دول الاتحاد الأوربي ال27 الجمعة منح المفوضية الأوربية تفويضا لشراء الغاز بشكل مشترك، ما يمكنها من استغلال الوزن الاقتصادي للتكتل من أجل الاستفادة من أسعار مؤاتية. وحددت بروكسل هدفا لخفض إمدادات أوربا من الغاز الروسي بنسبة الثلثين هذه السنة. وتجري المفوضية محادثات مع الدول الرئيسية المنتجة (النرويج وقطر والجزائر) وأعلنت التوصل إلى اتفاق مع واشنطن لزيادة إمدادات الغاز الطبيعي المسال الأمريكية.