قتل 136 شخصا على الأقل في الاشتباكات المتواصلة لليوم الرابع على التوالي بين مقاتلين من تنظيم الدولة الإسلامية والقوات الكردية المدعومة من التحالف الدولي على أثر هجوم للجهاديين على سجن غويران في شمال شرق سوريا، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان الأحد. وتحدث المرصد في أحدث حصيلة عن مقتل "84 من تنظيم الدولة الإسلامية و45 من الأسايش وحراس السجن وقوات مكافحة الإرهاب وقسد (قوات سوريا الديموقراطية) وسبعة مدنيين". والهجوم الذي يشنه تنظيم الدولة الإسلامية على سجن غويران، هو "الأكبر والأعنف" منذ إعلان القضاء على خلافته في مارس 2019 وخسارته كل مناطق سيطرته. وكان هجوم الجهاديين على السجن الكبير في مدينة الحسكة الذي يضم آلافا من عناصر التنظيم، بدأ ليل الخميس الجمعة. وتحاول القوات الكردية احتواء هذا الهجوم المتواصل لليوم الرابع بدعم من قوات التحالف. وتراجعت حدة المعارك مساء الأحد، إلا أن مخاوف سادت حول مصير مئات الأطفال الموجودين في السجن حيث لا يزال جهاديون يقاومون قوات سوريا الديموقراطية. وجاء في بيان لقوات سوريا الديموقراطية الأحد، "قواتنا سيطرت بشكل كامل على الوضع الاستثنائي الذي كان داعش يحاول الاستفادة منه للفرار. ليس بإمكان مرتزقة داعش المتبقين في أسوار السجن الفرار الآن". وبحسب المرصد "تمكنت القوات المشاركة في العمليات من السيطرة على محيط السجن بشكل شبه كامل باستثناء جيوب لا يزال يتواجد فيها عناصر التنظيم، بالإضافة لقسم كبير من السجن باستثناء المهاجع التي لا يزال السجناء يحكمون السيطرة عليها". وتلقى هذه القوات إسنادا جويا من التحالف الدولي. وأعلنت قوات سوريا الديموقراطية مساء أن "العائق الكبير" أمام تقدمها "هو استخدام الإرهابيين للأطفال من +أشبال الخلافة+ المرتبطين بداعش والبالغ عددهم 700 قاصر، كدروع بشرية". وحم لت القوات "إرهابيي داعش مسؤولية إلحاق أي ضرر بهؤلاء الأطفال داخل السجن". من جهتها أعربت منظمة الأممالمتحدة للطفولة "يونيسف" عن قلقها إزاء مصير هؤلاء الأطفال، داعية الأحد إلى حماية الأطفال المعتقلين في سجن غويران. وجاء في بيان للمنظمة "مع تواصل المعارك يزداد خطر إصابة الأطفال أو المجندين"، داعية إلى الإفراج عنهم فورا. وقال المرصد الأحد "شهد السجن ومحيطه بعد منتصف ليل السبت الأحد اشتباكات عنيفة بين قوى الأمن الداخلي وقوات سوريا الديمقراطية". وأشار المرصد إلى اعتقال مئات السجناء "من داعش بينما لا يزال العشرات منهم فارين" من دون تحديد العدد الإجمالي للسجناء الذين تمكن وا من الهرب. سمع مراسل وكالة فرانس برس في حي غويران أصوات اشتباكات عنيفة في المناطق المحيطة بالسجن الذي يضم ما لا يقل عن 3500 شخصا ي شتبه بانتمائهم إلى تنظيم الدولة الإسلامية. وقال المراسل إن "قوات سوريا الديموقراطية" تنتشر بكثافة في الأحياء المحيطة بالسجن، وتنفذ عمليات تمشيط، وتستخدم مكب رات الصوت لدعوة المدنيين إلى مغادرة المنطقة. وقال أحد المدنيين الفارين بعد عبوره المناطق المشتعلة "الوضع سيئ جدا والاشتباكات عنيفة (..) يدخلون البيوت ويقتلون الناس فيها". وأضاف الرجل الثلاثيني الذي كان يحمل طفلا رضيعا لف ببطانية من الصوف "نجونا بأعجوبة". وتحدثت همشة سويدان (80 عاما) التي كانت محاصرة في منزلها القريب من السجن، عن معاناة المدنيين "بدون خبز أو ماء" مع احتدام المعارك. وقالت لفرانس برس بعد هروبها من منطقة الاشتباكات "نكاد نموت من الجوع والعطش (…) لا نعرف إلى أين نذهب الآن". ومنذ إعلان إسقاط خلافته في مارس 2019 وخسارته كل مناطق سيطرته، يشن التنظيم بين حين وآخر هجمات ضد أهداف حكومية وكردية في منطقة البادية المترامية الأطراف، الممتدة بين محافظتي حمص (وسط) ودير الزور (شرق) عند الحدود مع العراق، وهي المنطقة التي انكفأ إليها مقاتلو التنظيم. لكن هجومه الأخير على السجن يعد الأكبر منذ دحره، ويمثل مرحلة جديدة في عودة ظهور التنظيم. قال تنظيم الدولة الإسلامية في بيان نشره عبر حساب وكالة أعماق الدعائية التابعة له على تطبيق تلغرام، إنه سيطر على مخزن أسلحة في السجن وأطلق سراح مئات من مقاتليه منذ بدء العملية. ونشر التنظيم شريطا مصورا عبر وكالة أعماق يظهر عددا من مقاتليه يرفعون علم التنظيم الأسود ويهاجمون السجن حيث يحاصرون ما يبدو أنه مجموعة من حراس السجن. ونشر أيضا شريطا مصورا ثانيا السبت، يظهر نحو 25 رجلا قال التنظيم إنه اعتقلهم خلال هجومه على السجن، وبعضهم يرتدي الزي العسكري. وتعليقا على هذه المشاهد، قال مدير المركز الإعلامي لقوات سوريا الديموقراطية فرهاد شامي إن "هؤلاء من العاملين بمطبخ السجن"، موضحا أن "قواتنا فقدت الاتصال معهم خلال التصدي للهجوم الأول"، من دون كشف مزيد من التفاصيل. وقال المحلل نيكولاس هيراس من معهد نيوزلاين في واشنطن "تشكل عمليات الفرار من السجن أفضل فرصة لكي يستعيد التنظيم قوته"، مشيرا إلى أن سجن غويران استهدف نظرا لاكتظاظه. لكن التحالف الدولي اعتبر أن "محاولة الفرار هذه" لتنظيم الدولة الإسلامية "لا تشكل تهديدا كبيرا". وجاء في بيان للتحالف الأحد أن "تنظيم الدولة الإسلامية لا يزال يشك ل تهديدا لكن الواضح أنه لم يعد يتمتع بقوته الغابرة".