استيقظ المغاربة أمس على أول زيادة في أسعار المحروقات بعد تطبيق نظام المقايسة، ولكن هذه هي المرة الثانية التي ترفع فيها حكومة بنكيران في أثمنة الغازوال والبنزين والفيول وهي لم تتمم بعد عامها الثاني. في الوقت الذي انتظر فيه المغاربة إصلاحا جذريا لصندوق المقاصة، والذي طالما تحدث عنه وزراء حكومة الإسلاميين منذ تنصيبها، بادرت وزارة الشؤون العامة والحكامة بداية الأسبوع الجاري، عوضا عن ذلك، إلى لجوء إلى حل جزئي، ورفعت أسعار البنزين بقيمة 0.59 درهم للتر الواحد، وأسعار الغازوال بقيمة 0.69 درهم للتر، وأسعار الفيول الصناعي بقيمة 622.88 درهم للطن الواحد. وكشفت معطيات صادرة عن وزارة الشؤون العامة والحكامة، أن الزيادة الجديدة تؤشر لبداية العمل بنظام المقايسة الجزئية للمواد البترولية السائلة، والذي يهم ثلاث مواد بترولية سائلة فقط، تشمل الوقود الممتاز والغازوال والفيول رقم 2، إذ سترتفع أسعار الأول من 12.24 إلى 12.77 درهم للتر الواحد، والثاني من 8.20 إلى 8.84 درهم للتر، والثالث إلى 5328.92 درهم للطن الواحد، فيما لن تعرف المواد المدعمة الأخرى، خاصة غاز البوطان، والفيول الموجه لإنتاج الكهرباء والدقيق والسكر، أي تغيير. الزيادة الجديدة، يسجل المحلل الاقتصادي عزيز لحلو في اتصال مع « اليوم24 »، «ستضيّق الخناق على المستهلكين، وستضرب القدرة الشرائية للمواطنين، وستزيد من الفوارق الاجتماعية التي يكرسها نظام الدعم الحالي»، مضيفا، «أنه كان حريّا بالحكومة التركيز على النمو الاقتصادي بدل الزيادات المتتالية في الأسعار، التي من شأنها الرفع من مستويات التضخم، في وقت تدّعي فيه الحكومة أنها حققت سنة فلاحية جيدة ووقفت على تطور تحويلات المهاجرين المغاربة وعائدات السياحة». وقال لحلو في تصريحه ل « اليوم24 »، إن «الحكومة تلعب بالنار عبر الزيادة الجديدة، إذ لا بد من مراجعةٍ عقلانية لصندوق المقاصة ونظام الدعم، عبر إجبار ذوي الدخول العليا على المساهمة في المجهود الضريبي ورفع موارد الدولة، وبالتالي لا بد من مراجعة استعجالية للمنظومة الضريبية، لأن المشكل في المغرب هي الفوارق الاجتماعية والجهوية، لأننا ندعم بطريقة غير عادلة وعلى حساب المستهلك، ونحافظ على صلب نظام الدعم». وفي الوقت الذي رفض فيه إدريس الأزمي الإدريسي الوزير المكلف بالميزانية، التعليق على الزيادات الجديدة في اتصال ل« اليوم24 »، فإن تبريرات الزيادة في أسعار المحروقات، ترتبط بالتأثير السلبي لارتفاع أسعار النفط على ميزانية الدولة٬ حيث بلغ الغلاف المالي المخصص للدعم٬ خلال الفترة الممتدة من شهر يناير حتى شهر يوليوز 2013، ما يناهز 7.3 مليار درهم٬ وذلك رغم انخفاض الاستهلاك الوطني من المحروقات ما بين 8 و10 في المائة خلال الفصل الأول من السنة وبنسبة 4 في المائة و5 في المائة خلال الفصل الثاني من السنة الجارية، زيادة على الكلفة الباهظة للدعم وتأثيراتها المحتملة على التوازنات المالية٬ خصوصا وأن الحكومة مقبلة في 10 أكتوبر القادم على الالتقاء بخبراء البنك الدولي الذين سبق لهم شهر يونيو الماضي أن تقدموا بتوصية للحكومة تقضي بضرورة إصلاح نظام الدعم. من جانبهم، أكد مجموعة من المهنيين، أن قرار الرفع من أسعار المحروقات من شأنه التأثير على مجموعة من القطاعات، وفي مقدمتها النقل، وفي هذا الصدد، سجل مريجي حسن، أمين عام النقابة الوطنية المتوسطية للنقل والمهن، «أن هذه الأخيرة ستنظم إلى جانب اتحاد جامعات المهنيين إضرابا وطنيا في 23 شتنبر الجاري احتجاجا على قرار الزيادة»، مضيفا في تصريح خص به « اليوم24 »، «أن مجموعة من النقابات بادرت نهاية الأسبوع الماضي، إلى عقد لقاء بمدينة سلا، أعقبته بوقفة احتجاجية أمام وزارة الداخلية، وذلك بتزامن مع الإضراب الوطني الذي سيستمر لحوالي 72 ساعة قابلة للتمديد». وفضلت نقابات سيارات الأجرة التريث قبل اتخاذ أي قرار ضد الزيادات الجديدة، إذ سجل كل من عبد العالي نصري عن الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، «أننا سننتظر تنفيذ وعد الحكومة بتفعيل نظام دعم المهنيين عبر دفع الفرق المترتب عن الزيادات المتوقعة، وبالتالي فإن ردنا يأخذ بعين الاعتبار مدى التزام الحكومة بتنفيذ ما وعدت به». إلى ذلك، ورغم الزيادة التي اعتمدتها الحكومة في أسعار المحروقات، إلا أنها حافظت على دعم جزء من أسعار هذه المواد، وتتحدد قيمة هذا الدعم، يسجل بلاغ لوزارة الشؤون العامة والحكامة، في 2.6 درهم للتر الواحد من الغازوال٬ و0.8 درهم للتر الواحد من البنزين٬ في حين ستتحمل ما قيمته 930 درهما في الطن الواحد من الفيول الموجه للقطاع الصناعي.