ما زال النظام الجزائري ماضيا في مسار التصعيد ضد المغرب، في سياق الإعداد لعمل عسكري يقول كل المهتمين بالشأن المغاربي، إنه سيكون انتحارا ذاتيا وتدميريا للجزائر قبل المغرب. آخر فصول هذه المواجهة فضلا عن الحرب الإعلامية المتواصلة على قدم وساق لتبشيع الجار الغربي وشيطنته، استضافة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، للقول بأن النظام الجزائري يقف إلى جانب القضية الفلسطينية في مواجهة المغرب المطبع مع إسرائيل.. ويتجاهل من دعا محمود عباس لزيارة الجزائر، أنه ما كان لعباس أن يصل إليهم لولا موافقة سلطات الاحتلال الصهيوني على سفره، بل أكثر من ذلك يتجاهل أن عباس هو قائد "الحركي" الفلسطينيين، لأنه على الأرض يمثل الأداة الأمنية التي تراقب الضفة الغربية وتتحكم فيها لمنع مواطنيها من الدفاع عن أنفسهم في مواجهة الاحتلال، كما أنه مازال يحاصر قطاع غزة، ويرفض دعوات المصالحة من مختلف الفرقاء الفلسطينيين. وبعيدا عن عمليات الشحن الإعلامي والديبلوماسي والعسكري ضد الجارة المغرب، يستمر قادة النظام الجزائري في تشكيل المشهد السياسي الجزائري في الداخل بما يعيد المياه إلى مجاريها، وإستعادة تشكيلة التحالف الحكومي القديم الذي من أجله انطلق الحراك وسالت من أجله دماء، بين الثالوث السياسي المحلل لكل سياسات الاستبداد والفساد:جبهة التحرير والتجمع الوطني الديمقراطي وحركة مجتمع السلم، بعد أن تمت إضافة حركة البناء الوطني.. لا يهم الأسماء الآن، بل المهم أن رمزية الثورة التي حلم بها الجزائريون، وتطلعوا لأن تكون مدخلا لمرحلة جديدة باتت الآن وراء ظهورهم، وأن التحدي الآن لا يتعلق بالديمقراطية، وإنما بما إذا كانت الجزائر ستستمر في الوجود أم أنها ستدخل في معركة عسكرية ستنسف آخر ما تبقى من أحلام الاستقرار في المنطقة.. لاحظوا كيف استحالت مطالب الجزائريين من التوق إلى الحرية والتعددية الحقيقية إلى مطالبتهم أن يحميهم الله من ويلات حرب لم يأخذ أحد رأيهم فيها. والمثير في الأمر ليس هذا الحجم الكبير من العداء الواضح في خطاب قادة النظام الجزائري ضد المغرب على خلاف اللهجة الديبلوماسية التي يتم التعامل بها مع فرنسا الاستعمارية، وعلاقات الود التي يتعامل بها قادة النظام الجزائري مع روسيا وأتباعها في المنطقة. لا أخفيكم سرا أن الورقة، التي يلعبها النظام الجزائري، وهي الأخطر ، ليس على الجزائر فقط وإنما على المنطقة برمتها، هي المسعى لإقحام إيران في المنطقة من بوابة إعادة نظام بشار الأسد الدموي إلى جامعة الدول العربية، تحت شعار تنقية الأجواء العربية، بينما الأمر يتعلق بإدخال الخنجر الإيراني في خصر المنطقة المغاربية لتفتيتها. فليس خافيا على أحد العلاقات التي تربط النظام الجزائري بدمشق و طهران، اذ تم تحت إشراف هذه الأخيرة تنظيم الحشد الشعبي في العراق، الذي يستوحي أسماء ميليشيات عسكرية شيعية فتت العراق ومزقته على مدى العقدين الماضيين. وخلاصة القول إن النظام الجزائري بهذه العلاقات المعقدة لاسيما مع إيران، إنما يؤدي وظيفته في خلق فتنة طائفية وتفتيت المنطقة وتقديمها لقمة سائغة للقوى الاستعمارية، وربما يتم قريبا إذكاء النعرة الطائفيةً في الجزائر، ومنها إلى دول المغرب الكبير ، وبالتالي أصبح لزاما دق ناقوس الخطر، لأن الطائفية لم تدخل بلدا إلا وتركته مخربا . فليق الله الجزائر وأهلها وبلاد المغرب الكبير من ويلاتها.