مرت أشهر على اندلاع الأزمة الدبلوماسية والسياسية بين المغرب وإسبانيا، ومازالت المفوضية الأوربية، حريصة على النأي بنفسها على الاصطفاف الذي تحاول إسبانيا خلقه، محافظة على عدم تدخلها في الأزمة أو تبني الموقف الإسباني منها. الموقف الذي تتخذه المفوضية الأوربية من الأزمة المغربية الإسبانية، سبق وعكسته تصريحات سابقة لعدد من المسؤولين الأوربيين، وزاد الممثل الأعلى للاتحاد الأوربي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية ونائب رئيس المفوضية الأوربية جوزيف بوريل تأكيده، في تصريحات حديثة له. وفي السياق ذاته، وجه الإسباني خوسي رامون بوزا، عضو البرلمان الأوربي، سؤالا كتابيا لبوريل، يسائله فيه عن "تدابير مستقبلية" تضمن لإسبانيا عدم تكرار حادثة دخول آلاف المهاجرين إلى مدينة سبتةالمحتلة، على غرار ما وقع شهر ماي الماضي. بوريل الذي بات دبلوماسيا أوربيا، والذي سبق له أن شغل قبل سنوات قليلة منصب وزير الخارجية الإسباني، تفادى الإجابة عن السؤال الإسباني، وشدد على أن المغرب شريك مهم للاتحاد الأوربي، وأن المفوضية ستواصل حوارها مع المغرب، الذي يعد أكبر شريك متعاون مع أوربا في مجال الهجرة . يشار إلى أنه بعد نجاح إسبانيا في إقحام البرلمان الأوربي في أزمتها السياسية مع المغرب، بدفعه نحو التصويت على قرار حول "انتهاك اتفاقية الأممالمتحدة لحقوق الطفل، واستخدام السلطات المغربية للقاصرين في أزمة الهجرة إلى سبتة"، يبدو أنها باتت تتطلع لاستغلال عدد أكبر من المؤسسات الأوربية في هذا الخلاف. وعبرت وزيرة الخارجية الإسبانية التي غادرت منصبها حديثا، أرانشا غونزاليس لايا، في حوار صحافي لها أنها تخطط لتقديم طلب للاتحاد الأوربي، لتمكين "الوكالة الأوربية لحرس الحدود والسواحل" المعروفة باسم "فرونتكس"، من مراقبة محيط سبتة ومليلية المحتلتين. المساعي الحكومية الإسبانية لتوسيع مجالات إقحام المؤسسات الأوربية في الأزمة السياسية مع المغرب، تجد صداها داخل اليمين المتطرف الإسباني، والذي ذهب أبعد مما رسمته الحكومة الإسبانية، وقدم طلبا للبرلمان، من أجل دفع الحكومة نحو تقديم طلب لحلف "الناتو" لتعديل المادة 6 من معاهدة الشمال الأطلسي، لتصبح مدينتا سبتة ومليلية المحتلتين، تحت حمايته.