أكد مولاي الحسن الداكي الوكيل العام للملك، رئيس النيابة العامة، اليوم الجمعة، أن ظاهرة غسل الأموال أضحت اليوم تشكل عائقا حقيقيا أمام تحقيق الأمن الاقتصادي للدول، بالنظر لما يترتب عنها من مخاطر جسيمة تمس بالأساس المصلحة الاقتصادية العامة للدولة، بالاعتداء على نظامها الاقتصادي والمالي، مشددا على أن النيابة العامة تولي أهمية بالغة لجهود محاربة هذه الظاهرة. وجاء ذلك خلال مشاركة الداكي في اليوم التواصلي المنظم من طرف وزارة العدل حول موضوع: "دور القانون رقم 12.18 في تعزيز المنظومة القانونية لمكافحة جريمتي غسل الأموال وتمويل الإرهاب على ضوء المعايير الدولية". وسجل الداكي، أن القانون رقم 43.05 الصادر سنة 2007 وإن كان قد سد الفراغ التشريعي الذي كانت تعرفه بلادنا في مجال مكافحة جريمة غسل الأموال، إلا أنه كان من الضروري إعادة تحيينه وتعديله بالشكل الذي يتوافق مع الدينامية الجديدة التي تعرفها القوانين والتشريعات الدولية وتقييمها بسرعة، وكذا بما يواكب أيضا تطور جرائم الأموال وذلك نظرا لطبيعة هذه الجريمة وتعدد المتدخلين فيها، إضافة إلى التقدم الكبير الذي يعرفه مجال التواصل والتكنولوجيا الحديثة وظهور أنماط جديدة لغسل الأموال وتمويل الإرهاب. وأشار الداكي في كلمته إلى المقتضيات الجديدة التي جاء بها القانون رقم 12.18 لا سيما ما يتعلق بالرفع من الحد الأدنى والأقصى للغرامة المحكوم بها على الأشخاص في جريمة غسل الأموال، من شأنها أن تساهم بشكل فعال في تحقيق الردع والحد من تفشي هذه الجريمة، باعتبار ذلك وسيلة ناجعة لمعاقبة المتورطين في هذه الجريمة حيث تصل الغرامة إلى 500.000 درهم في حدها الأقصى، بالإضافة إلى مصادرة جميع العائدات المتحصلة من الجريمة، مما سيحول دون انتفاع الجناة من عائدات الجريمة. كما أشار إلى أن التعديل الجديد وسع المدخل على القانون لائحة الجرائم الأصلية لجريمة غسل الأموال ولو إرتكبت خارج التراب الوطني، وذلك بإضافة جرائم الأسواق المالية وجريمة البيع وتقديم الخدمات بشكل هرمي إلى لائحة الجرائم الأصلية، وهي بحق مقتضيات سوف تغطي الفراغ التشريعي الذي كانت تعرفه الترسانة القانونية الوطنية بهذا الخصوص إلى عهد قريب، لما لهذه الأفعال من مخاطر كبيرة، بالإضافة إلى أنها تدر مبالغ مالية مهمة يصعب تحديد مصدرها، بالنظر إلى كونها تعرف تطورا سريعا مستغلة التقدم الكبير الذي تتيحه الوسائل التكنولوجيا الحديثة. وشدد الداكي على أن النيابة العامة بادرت إلى الانخراط في الاستراتيجية الوطنية المخصصة لمكافحة هذا النوع من الإجرام الخطير سواء على المستوى الوطني، من خلال حث النيابات العامة ومواكبتها في الحرص على سرعة وفعالية الأبحاث التمهيدية والمساعدة في تجهيز الملفات لتقليص أمد البت فيها في الدعوى العمومية، أو على المستوى الدولي من خلال تفعيل إجراءات التعاون الدولي وتنزيل المعايير الدولية، وعلى رأسها توصيات مجموعة العمل المالي بمناسبة إدارة الأبحاث التمهيدية، وجمع وسائل الإثبات وتحريك المتابعات. وفي هذا الإطار، سجل الداكي، أن رئاسة النيابة العامة عملت خلال شهر أبريل من هذه السنة مباشرة بعد اعتماد فريق المراجعة للخطة المقررة لبلادنا من أجل الخروج من عملية المتابعة المعززة على توجيه النيابات العامة العامة من أجل دعوتها إلى إيلاء عناية خاصة لقضايا غسل الأموال وتمويل الإرهاب والجرائم الأصلية، منبها إلى أن هذه القضايا لا تهم فقط النيابة العامة بالرباط باعتبارها صاحبة الاختصاص الوطني في قضايا غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وإنما تهم جميع النيابات العامة بالمملكة باعتبارها هي التي تسير الأبحاث في الجرائم الأصلية، وهي التي يمكنها أن ترصد حالات الاشتباه بغسل الأموال بمناسبة تلك الأبحاث. ومن أجل المساهمة الفعالة في تنفيذ مخطط العمل المسطر في الشق الذي يهم عمل النيابة العامة، قال الداكي إنه قد تمت دعوة النيابات العامة إلى تفعيل مجموعة من التدابير، على رأسها إجراء الأبحاث المالية الموازية بمناسبة البحث في الجرائم الأصلية، لرصد حالات الاشتباه بغسل الأموال وإحالتها على النيابة العامة المختصة في هذا النوع من الجرائم، إضافة إلى طلب المعلومات المالية من الهيئة الوطنية لمعالجة المعلومات المالية بمناسبة الأبحاث التي يشرفون عليها، متى تبين أن للقضية جوانب مالية، وتفعيل إجراءات التعاون الدولي، وذلك بغية تعقب الأشخاص والأموال الموجودة بالخارج، فضلا عن تفعيل إجراءات الحجز والتجميد وتقديم ملتمسات للمحكمة من أجل مصادرة الأموال في الحالات التي يسمح فيها القانون بذلك، مع إحداث سجلات خاصة تدون فيها المعلومات المتعلقة بالأموال والأشياء المحجوزة والمصادرة.