في تصريحات غير مسبوقة، عبرت إسبانيا، نهاية الأسبوع الجاري، عن رغبتها في التفاعل مع أي مقترح يقدمه المغرب بخصوص قضية الصحراء، متطلعة إلى طي صفحة الخلافات بين مدريدوالرباط، التي تدخل شهرها الثاني. وفي هذا السياق، قالت وزيرة الخارجية الإسبانية، أرانشا غونزاليس لايا، في حوار أجرته مع وسائل الإعلام: "نحن نفهم تماما أن المغرب لديه حساسية كبيرة بشأن هذه القضية، نريد حلا تفاوضيا في إطار الأممالمتحدة، وفي هذا الإطار، نحن على استعداد للنظر في أي حل يقترحه المغرب، مع الأخذ في الاعتبار أنه ليس من مسؤولية إسبانيا لعب دور الوساطة، لأن هذا الدور يجب أن تقوم به الأممالمتحدة". وأبدت لايا تذمر إسبانيا من الموقف الأمريكي تجاه الأزمة الإسبانية/ المغربية، وقالت: "لقد دعم الاتحاد الأوروبي إسبانيا بالكامل، لكن الولاياتالمتحدة كانت أبعد من ذلك بكثير، وركزت واشنطن نظرها على أمر آخر، حيث تزامنت أزمة سبتة مع أحداث غزة". وكانت الحكومة الإسبانية قد بدأت تدرس القيام بالاتفاتة تجاه المغرب، لمنع تصعيد جديد، وتفاقم جو التوتر السائد، منذ أزيد من شهر، ومن بين الخيارات، التي بدأت دراستها أن يقوم أحد الوزراء الإسبانيين بزيارة المغرب، أو أن يتصل الملك فيليب السادس بالملك محمد السادس. والخيارات، التي تناقشها الحكومة الإسبانية، لا تزال غير واضحة تماما بالنسبة إليها، حسب صحف إسبانية، إذ إن زيارة وزير منها للمغرب كان إجراءً معتمدا دائما في حل الأزمات بين البلدين، وكان يتم الاعتماد على وزير الخارجية، إلا أنه في الأزمة الحالية، تتخوف إسبانيا من الاعتماد على وزيرة خارحيتها، أرانشا غونزاليس لايا، لأنها كانت جزءً من الأزمة مع المغرب. وتحدثت مصادر دبلوماسية إسبانية عن هواجس مدريد من جو انعدام الثقة بينها، و الرباط، ومخاوفها من أن يساء فهم أي حادث عرضي، يمكن أن يقع بين البلدين، في الأيام المقبلة، خصوصا أن مدريد تبدي استعجالها في العودة إلى العلاقات الطبيعية مع المغرب، لحل الإشكالات العالقة المستعجلة، منها إعادة القاصرين المغاربة، وإعادة العاملات الموسميات في حقول الفراولة الإسبانية، واتخاذ قرار بخصوص عملية مرحبا لعودة المغاربة المقيمين بالخارج. وشددت المصادر ذاتها على أن الأولوية بالنسبة إلى الحكومة الإسبانية، في الوقت الحالي، هو العودة إلى العلاقات الدبلوماسية الطبيعية مع المغرب، وإعطاء إشارات إيجابية، قد تجعل السلطات المغربية تطوي صفحة هذا الخلاف، مشيرة إلى أن أولى هذه البوادر تتمثل في إبلاغ مدريد للرباط عبر القنوات الدبلوماسية الرسمية بعزم زعيم جبهة "البوليساريو" الانفصالية مغادرة أراضيها، يوم الأربعاء، في استجابة لتحذيرات المغرب من مغبة إخراج غالي بطريقة سرية من البلاد. يذكر أن المغرب استبق مغادرة زعيم الجبهة الانفصالية للتراب الإسباني بالإعلان أن "جوهر المشكل هو مسألة ثقة تم تقويضها بين شريكين"، معبرة كذلك عن أن "جوهر الأزمة هو مسألة دوافع خفية لإسبانيا معادية لقضية الصحراء، القضية المقدسة لدى الشعب المغربي قاطبة". وقالت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج إن "الأزمة ليست مرتبطة بحالة شخص. إنها لا تبدأ بوصوله مثلما لن تنتهي بمغادرته. إنها قبل كل شيء قصة ثقة واحترام متبادل تم الإخلال بهما بين المغرب، وإسبانيا. إنها اختبار لموثوقية الشراكة بين المغرب، وإسبانيا". وأردفت الوزارة: "هناك بالطبع صعوبات طبيعية مرتبطة بالجوار، وحتمية الجغرافيا، بما في ذلك أزمات دورية تتعلق بالهجرة، لكن ذلك لا ينبغي أن ينسينا أبدًا أن التضامن هو الشراكة، وحسن الجوار، والصداقة مرتبطان بالثقة، والمصداقية. هذا التضامن هو الذي أظهره المغرب دائما تجاه إسبانيا. والتاريخ الحديث يخبرنا بأن المبادرات كانت كثيرة".