خلافا للتوقعات، يتجه الفرقاء الليبيون نحو إنهاء زيارتهم للعاصمة الرباط دون إجراء جلسة حوار مباشرة للاتفاق حول توزيع المناصب السيادية في البلاد، وهو السيناريو نفسه، الذي عاشته الرباط، في شهر يوليوز الماضي. وفي الوقت الذي يجري فيه كل من رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي، خالد المشري زيارة للعاصمة الرباط، حيث استقبالا من طرف رئيسي مجلسي النواب، والمستشارين، ووزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، أعطى الفرقاء إشارة إلى أن هذه الزيارة لن تشمل لقاءً مباشرا بينهما. وفي السياق ذاته، نقل محمد عبد الناصر، الناطق الرسمي باسم المجلس الأعلى للدولة الليبي، تصريحا عن المشري، قال إنه أدلى به، اليوم، وهو في الرباط، يفيد أنه لن يلتقي صالح، مضيفا: "زيارتنا للمغرب جاءت بدعوة رسميّة للقاء رئيس مجلس المستشارين المغربي، والخارجيّة المغربيّة، وذلك بغرض تنسيق الجهود قبل مؤتمر برلين، ولقاء رئيس مجلس النوّاب السيّد عقيلة صالح ليس ضمن أجندتنا". وزيارة صالح، والمشري للعاصمة الرباط تأتي، قبيل عقد جلسة عامة في البرلمان الليبي، الأسبوع المقبل، يراهن عليها لتسمية شخصيات جديدة على رأس المؤسسات الاستراتيجية السبع، وهي محافظ البنك المركزي، ورئيس ديوان المحاسبة، ورئيس جهاز الرقابة الإدارية، ورئيس المفوضية العليا للانتخابات، ورئيس هيأة مكافحة الفساد، والنائب العام، ورئيس المحكمة العليا، التي تم التوافق على توزيعها محاصصة بين أقاليم ليبيا الثلاثة. ولم يتمكن المشري، وصالح من التوافق سوى على الأسماء، التي ستتولى منصبين، فيما لا تزال المناصب السيادية الأخرى محل الجدل، إذ من المتوقع أن يكون الخلاف الأكبر حول منصب محافظ المصرف المركزي. يذكر أن الخلاف اشتعل، أخيرا، بين البرلمان، والمجلس الأعلى للدولة حول طرق، وآليات، ومعايير اختيار شاغلي هذه المناصب الاستراتيجية، حيث اتهم المجلس الأعلى للدولة البرلمان بالتصرف بطريقة أحادية، وذلك بعد تشكيله لجنة لإعداد القوائم النهائية للمرشحين، وهو ما يتعارض مع ما تم الاتفاق عليه في محادثات بوزنيقة، والمادة 15 من الاتفاق السياسي، التي تنص على أن اختيار شاغلي المناصب السيادية يكون بالشراكة بينهما. والمغرب كان قد أدى أدوارا كبيرة في إخراج ليبيا من دوامة الصراع، على الرغم من ظروف الجائحة، حيث احتضن الفرقاء الليبيين في عدة جولات من الحوار في مدينتي طنجة، وبوزنيقة، مكنتهم من إعادة إطلاق المسار السياسي، الذي تعثر لسنوات، وحل محله صوت السلاح، والحرب، وأوصلهم إلى اتفاقات مهمة حول معايير اختيار الشخصيات في المناصب السيادية.