خرج وزير الدولة مصطفى الرميد، بمذكرة توضيحية بشأن مشروع قانون مجموعة القانون الجنائي، فيما يشبه نوعا من الإحراج لزميله في الحكومة، وزير العدل محمد بنعبد القادر، لإخراج القانون قبل نهاية الولاية؛ بينما الوزير الاتحادي لا يبدو أنه متحمس لذلك. وخلص الرميد، في المذكرة التي نشرها في وقت متأخر من ليلة أمس، إلى أنه "بالنظر لكون الولاية التشريعية الحالية على وشك الانتهاء، فإنه يتعين بذل المجهود اللازم في إطار ما يقتضيه ذلك من تعاون وثيق بين الحكومة والبرلمان، وتفاعل إيجابي مع تطلعات مختلف الفاعلين، لإتمام الدراسة والتصويت على هذا النص الهام قبل اختتام الدورة التشريعية الحالية". واعتبر الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، أن رغبته في استكمال مسطرة المصادقة على المشروع، تأتي، "حرصا على تنفيذ أحكام الدستور، وتحقيقا للمصلحة الوطنية وتعزيزا للحقوق والحريات". ومهد الوزير لمذكرته بالتأكيد، على أن "الحكومة سبق لها أن أحالت منذ تاريخ 24 يونيو 2016 مشروع قانون رقم 10.16 يقضي بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي على مجلس النواب، بيد أن مسار دراسته والتصويت عليه عرف تعثرا كبيرا"، موضحا أن مذكرته "ترمي إلى التذكير بالسياق العام لإعداده (أولا) وإبراز مرتكزاته (ثانيا) وأهم مستجداته (ثالثا)، قبل التطرق لأهم المراحل التي ميزت مسار دراسته بالبرلمان (رابعا)". السياق العام شدد وزير الدولة في مذكرته، على أنه "خلال الولاية التشريعية التاسعة، وبناء على استشارات موسعة مع مختلف الفاعلين في المجال الحقوقي والقانوني، قامت وزارة العدل والحريات بإعداد مسودة متكاملة لتعديل مجموعة القانون الجنائي، تساير التطور الحقوقي الكبير الذي عرفته بلادنا خاصة بعد اعتماد دستور 2011، وما رافقه من إصلاحات تشريعية ومؤسساتية ترتبط بإعمال مقتضيات الدستور والوفاء بالالتزامات الدولية في مجال حقوق الإنسان ومجال مكافحة الجريمة". وأوضحت المذكرة، أنه "بالنظر لضيق الزمن التشريعي الذي تزامن مع قرب نهاية الولاية التشريعية السابقة، ولما أثارته عدة مواد من مسودة مشروع القانون المذكور من خلافات مجتمعية عميقة، فقد تعذر اعتماد المشروع ككل وعرضه على البرلمان، لاسيما وأن ذلك تزامن مع تنزيل القانونين التنظيميين المتعلقين بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية وبالنظام الأساسي للقضاة"، مشيرا إلى أن ذلك، "اقتضى آنذاك الاقتصار على تقديم مشروع القانون رقم 10.16، الذي يهدف إلى تنزيل أحكام الدستور وتنفيذ مضامين ميثاق إصلاح منظومة العدالة، فضلا عن الاستجابة للالتزامات الدولية للمملكة في مجال مكافحة الجريمة وتعزيز حقوق الإنسان". مرتكزات المشروع المشروع المثير للجدل، جاء بحسب الوزير، من أجل "تنفيذ أحكام الدستور الذي جدد التزام المملكة بحماية منظومة حقوق الإنسان، كما هي متعارف عليها عالميا ومنظومة القانون الدولي الإنساني". ويرى الرميد، أن "من أهم الالتزامات التي جدد الدستور التأكيد عليها، حظر ومكافحة كل أشكال التمييز، بسبب الجنس أو اللون أو المعتقد أو الثقافة أو الانتماء الاجتماعي أو الجهوي أو اللغة أو الإعاقة أو أي وضع شخصي، مهما كان، ثم حماية السلامة الجسدية للمواطنين وتجريم التعذيب، وأيضا، تجريم الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري وحظر التحريض على العنصرية أو الكراهية أو العنف، وتجريم الإبادة وغيرها من الجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب وكافة الانتهاكات الجسيمة والممنهجة لحقوق الإنسان". ويهدف المشروع أيضا، إلى "تقوية الحماية القانونية والقضائية لحقوق الأفراد"، و"دعم النزاهة والشفافية وتجريم تنازع المصالح واستغلال التسريبات المخلة بالتنافس النزيه والانحرافات الماسة بالمال العام"، فضلا عن "الحرص على تجسيد الاتفاقيات الدولية التي انخرطت فيها المملكة، والتي تقتضي المزيد من ملاءمة مجموعة القانون الجنائي لمقتضياته". مستجدات المشروع وتوقف الوزير في مذكرته على مستجدات مشروع القانون، وقال إنه نص على جرائم جديدة، من بينها، "تجريم الاختفاء القسري وتجريم تهريب المهاجرين، وتجريم استفادة الغير بسوء نية من الجرائم المالية المتعلقة بالاختلاس والغدر والرشوة واستغلال النفوذ، وتجريم الإثراء غير المشروع لتعزيز منظومة مكافحة الفساد". وأوضحت المذكرة أيضا، أن المشروع، نص على "تجريم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب للملاءمة مع اتفاقيات جنيف الأربع، المتعلقة بالقانون الدولي الإنساني ونظام روما المحدث للمحكمة الجنائية الدولية، وعلى مراجعة أركان بعض الجرائم أو تعاريفها، منها مراجعة تعريف جريمة التعذيب بما يستجيب للتعريف المنصوص عليه في اتفاقية الأممالمتحدة لمناهضة التعذيب". وفي مجال العقوبة، توخى المشروع، تؤكد المذكرة، "ما يحقق ردع مرتكب الجريمة وإصلاحه في نفس الوقت، ومن الاختيارات التي أخذ بها المشروع في هذا الإطار، -منح المحكمة صلاحية التوقيف الجزئي للعقوبات السجنية التي لا تتجاوز عشر سنوات دون أن تنزل عن نصف العقوبة المحكوم بها، وإعادة النظر في العقوبة المقررة للمحاولة بإقرار عقوبات أخف من العقوبة المقررة للجريمة التامة، وتصل إلى حد النصف في الجنح". مراحل دراسة المشروع يمكن التمييز، بحسب وزير الدولة، في مراحل دراسة مشروع القانون بين مرحلتين أساسيتين، الأولى تتعلق بدراسة مشروع القانون في نهاية الولاية التشريعية السابقة، حيث خلال الدورة التشريعية الثانية من السنة التشريعية الأخيرة من الولاية التشريعية السابقة، أحالت الحكومة على مجلس النواب المشروع، وبعد ذلك تم تقديمه من طرف وزير العدل والحريات بلجنة العدل والتشريع بتاريخ 28 يونيو 2016. كما أنهت اللجنة مناقشته التفصيلية بتاريخ 14 يوليوز 2016، غير أن بعض الفرق النيابية ماطلت في إتمام مسطرته التشريعية، يضيف الوزير، مما أدى إلى انتهاء الولاية التشريعية دون المصادقة عليه". ثم تأتي، "مرحلة دراسة مشروع القانون في الولاية التشريعية الحالية، حيث في مستهل الولاية التشريعية الحالية"، تضيف المذكرة، "حرصت الحكومة على تثبيت جميع مشاريع القوانين المتبقية قيد الدرس بالبرلمان بعد اختتام الولاية التشريعية التاسعة". وأوضح الوزير، أنه "تم تقديم مشروع القانون الجنائي من جديد من لدن وزير العدل بلجنة العدل والتشريع بتاريخ 06 يوليوز 2017، وبعد ذلك عقدت اللجنة 12 اجتماعا لمتابعة دراسته، حيث أنهت مناقشته التفصيلية بتاريخ 02 يوليوز 2019، ومنذ ذلك الحين برزت خلافات بين الفرق النيابية تتعلق بتقديم التعديلات، مما حال دون برمجة البت فيه". بيد أنه عشية اختتام دورة أكتوبر من السنة التشريعية الحالية، تقول المذكرة، "بادر رئيس مجلس النواب بموجب رسالته المؤرخة بتاريخ 09 فبراير 2021، إلى إحاطة الحكومة علما برغبة السادة أعضاء مكتب اللجنة، في التفاعل الإيجابي مع اقتراحهم بشأن تحديد تاريخ للتصويت على مشروع القانون".