عاصرت أيقونة العيطة، الراحلة الحاجة الحمداوية، اليوم الاثنين، ثلاثة ملوك مغاربة، وتركت خلفها مسيرة فنية امتدت إلى عقود، انطلقت في خمسينات القرن الماضي بتسخير فن العيطة في المقاومة ضد الاستعمار. الحاجة الحمداوية، واسمها الحقيقي الحجاجية الحمداوية، تعد من أقدم الفنانات المغربيات في مجال فن العيطة، انطلقت مسيرتها الفنية في وقت كان ينظر فيه إلى الفن بنوع من التحفظ، وعاشت المجد الفني في الستينيات، والسبيعينيات، وكانت من أيقونات الأغنية المغربية، إذ ترددت أغانيها زمن المقاومة، ما دفع سلطات الاستعمار إلى التحقيق معها. دخلت الحاجة الحمداوية عالم الفن، بعد إنهاء زواجها في عمر 19 سنة، وكان ذلك من بوابة المسرح، رفقة مجموعة الفنان بوشعيب البيضاوي، الذي ساهم في تحولها من المسرح إلى فن العيطة، الذي سطع نجمها في لعقود. وحققت السلطات الفرنسية مع الحاجة الحمداوية، في مرحلة الاستعمار، وذلك بشأن كلمات أغانيها، والرسائل، التي تبعثها من خلالها، كما زج بها في السجن بسبب أغنية، اعتبرت أنها من خلالها تذم ابن عرفة، الذي نصبته السلطات الفرنسية سلطانا بعد نفى محمد الخامس. وهاجرت الحاجة الحمداوية إلى باريس، لكن التحقيق معها لم يتوقف هناك، إذ عادت بعد عودة السلطان محمد الخامس من المنفى. وأضحت الحمداوية المغنية المفضلة للقصر في عهد 3 ملوك، محمد الخامس، والحسن الثاني، ومحمد السادس، وغنت زفاف الملك محمد السادس، وشقيقه الأمير الرشيد. من أبرز أغاني الحاجة الحمداوية، التي ترددت في منازل المغاربة على مدى أجيال: حاضية لبحر، منين أنا ومنين أنت، دابا يجي، هزو بينا لعلام. وعانت الحاجة الحمداوية، في السنوات الأخيرة، من أزمات مرضية عديدة، بسبب أمراض الشيخوخة، كما تأثرت نفسيا بوفاة ابنها الوحيد إدريس، وحاربت إشاعة الوفاة، التي شاعت عنها مرات، ومرات، قبل أن يلم بها مرض سرطان الدم، الذي أنهت مضاعفاته حياتها. وقبل أشهر قليلة، أعلنت الحاجة الحمداوية اعتزالها، في لقائها مع الصحافة رفقة الفنانة زينة عويطة، ابنة العداء المغربي السابق، سعيد عويطة، وقد ذرفت الدموع، بسبب ذلك، وعن عتزالها الفن، قالت: "صافي عييت.. الله يجعل شي بركة". ومنحت الحمداوية الراحلة، صباح اليوم، عن عمر ناهز 91 سنة، للفنانة كزينة عويطة، الحق للتجديد في أغانيها، وتقديمها بلغات أخرى، كما كانت مقربة منها في أيامها الأخيرة.