تخلى حزب الاستقلال المعارض عن لغته المتوازنة وكال اتهامات ثقيلة، ومباشرة للحكومة، كان لحزب التجمع الوطني للأحرار، ورئيسه عزيز أخنوش، القسط الوافر منها، دون أن يذكره بالاسم. وعبر الحزب في بيان مجلسه الوطني، الذي أنهى أشغاله، نهاية الأسبوع الماضي، عن إدانته لما سماه ب"استمرار الحكومة في حماية الريع والامتيازات، وتطبيعها مع الفساد، ومواصلة إهدار المال العام". وجعل الحزب أحد تجليات تطبيع الحكومة مع الفساد "استفادة بعض الشركات بما فيها شركات المحروقات من دعم ميزانية الدولة والنظام الجبائي من دون وجه حق"، في إشارة إلى أخنوش مالك شركة إفريقيا غاز للمحروقات، التي تستحوذ على حصة الأسد في القطاع، معتبرا ذلك "استنزافا، وإهدارا غير مبرر لقدرات البلاد، وثروتها الوطنية". ولم يقف برلمان حزب الاستقلال عند هذا الحد، بل طالب الحكومة ب"الوقف الفوري لهذا الدعم واسترجاع المال العام لخزينة الدولة، وإقرار الضريبة على الثروة، والكماليات عوض اللجوء إلى جيوب الطبقة الوسطى لتغطية العجز المالي"، وذلك في رسالة لمز واضحة إلى أخنوش، وحزبه. ومضى الحزب المعارض مهاجما حزب التجمع الوطني للأحرار دون أن يسميه، عندما جدد التنبيه إلى "خطورة تركيز القرار الاقتصادي في يد جهة حكومية واحدة، والسعي نحو الهيمنة على صناعة القرار في ظل غياب التوازن، والرقابة المتبادلة داخل الحكومة، وذلك منذ التعديل الحكومي الأخير، وحذف بعض القطاعات الوزارية، والأمر الذي حصل في تدبير بعض الصفقات العمومية، وفي بعض القرارات الوزارية المتعلقة بتدبير الجائحة". كما عبر الحزب عن استيائه من انزياح الحكومة عن قيم "النزاهة، والشفافية، وخدمة الصالح العام، وتخليها عن مسؤولياتها للوبيات الضغط، وذوي المصالح الفئوية، والقطاعية"، حيث أصبحت مشاريع القوانين المالية والمنظومة الاقتصادية في بلادنا "مجالا خصبا لأنشطة هذه اللوبيات، والتي استطاعت أن تستصدر من الحكومة قرارات لتحقيق مصالحها الذاتية، وهو ما يشكل سابقة خطيرة في الحياة السياسية، ويهدد الأمن الدستوري، والقانوني ببلادنا"، وذلك في اتهامات غير مسبوقة للحكومة تستوجب الرد عليها. وانتقد حزب الاستقلال ما سماه ب"تهرب" الحكومة من فتح النقاش إزاء مطالب الإصلاحات السياسية، والديمقراطية، التي طالب بها حزب الاستقلال رفقة حزبي الأصالة والمعاصرة، والتقدم والاشتراكية في مذكرة مشتركة. واعتبر الحزب ذاته أن أعطاب الديمقراطية وتراجع منسوب الثقة في الحكومة، والمؤسسات المنتخبة، وتدني نسبة المشاركة، وتراجع أدوار الفاعل السياسي، إلى غير ذلك من الأعطاب، والاختلالات "أكبر من أن يستوعبها تعديل القوانين الانتخابية"، وجدد التأكيد على أن المدخل السياسي، والديمقراطي هو "المدخل الأساس للنموذج التنموي الجديد وللجهوية المتقدمة واللامركزية".