ترجيح خيار الحرب من جانب المغرب على ضوء الخروقات التي ترتكبها جبهة البوليساريو في الكركرات التي تدخل في نطاق المنطقة العازلة هو المجازفة الكبرى. لماذا أقول هذا الكلام مادام أن المغرب يحترم الاتفاقات الدولية، ومنضبط لقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة بنزاع الصحراء، وبما أن الانتهاكات تُرتكب من جانب جبهة البوليساريو دون احترام للشرعية الدولية، فإن الأممالمتحدة، هي الطرف الذي يقع على عاتقه الآن عبء تحمل المسؤولية فيما يقع من خروقات، وذلك في إطار الصلاحيات المخولة لبعثة المينورسو كآلية دولية تشتغل في إطار قواعد القانون الدولي. إذا استمرت جبهة البوليساريو في تعنتها وخرقها لقرارات مجلس الأمن، وفشلت بعثة الأممالمتحدة في القيام بوظيفتها، فهناك العديد من الإجراءات التي يمكن مواجهة البوليساريو بها، في إطار تفعيل الفصل السادس من ميثاق الأممالمتحدة. وإذا لم تنفع هذه الإجراءات في ثني جبهة البوليساريو على انتهاك قرارات مجلس الأمن، فإن هذا الأخير، له كامل الحق في اللجوء إلى الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة للدفاع عن شرعية قراراته الرامية إلى استتباب السلم والأمن الدوليين في المنطقة. يبدو أن هناك أمورا كثيرة لم تتضح بعد، ولا ينبغي الدفع بشكل متسرع، في اتجاه الخيار العسكري لمجابهة تجاوزات البوليساريو واستفزازاتها للمغرب، قبل أي تحرك عملي من جانب الأممالمتحدة، التي تدخل مراقبة الأوضاع في الصحراء ضمن مجال اختصاصها، وفي هذا الأمر، انتصار كبير للمغرب بدون أدنى شك في ذلك، لأن غرض تحركات جبهة البوليساريو، ومن يقف خلفها، هو استدراج الجيش المغربي لرد فعل عسكري. حق الدفاع الشرعي عن النفس في إطار الحفاظ على سيادة البلد، حق مكفول بموجب ميثاق الأممالمتحدة، ولكن بما أن النزاع مؤطر بقواعد القانون الدولي، تحت مسؤولية الأممالمتحدة، من خلال المينورسو كآلية أممية، فإن تشجيع الدولة على قرار الحرب ضد الجبهة، حل في غير محله، لا سيما، وأن المغرب سجل مكاسب دبلوماسية خلال الآونة الأخيرة، هي التي دفعت التنظيم الانفصالي إلى المناورات الاستفزازية. الاستنفار على مستوى الجدار الأمني، أمر مطلوب من باب المقاربة الوقائية، ولكن الدور الرئيس في تقديري الشخصي المتواضع مرحليا، يبقى لصالح بعثة المينورسو التي يتعين عليها إجراء المتعين، في إطار ممارستها لمهامها كآلية دولية تتمتع بالشرعية الدولية. أسهل خيار يمكن اللجوء في إطار أي نزاع دولي هو الخيار الحربي العسكري، ولكن الدولة المغربية بحكمتها وباتزانها الدبلوماسي، اختارت مند إعلان وقف إطلاق النار في سنة 1991، الانخراط بشكل جدي ومسؤول في التسوية الأممية للنزاع، واقترحت حكما ذاتيا في إطار السيادة المغربية، يحظى بتقدير دولي كبير. جبهة البوليساريو، لا تملك سلطة القرار، والجهة التي تقف خلفها وتحركها في إطار عداء مجاني للمملكة المغربية، ستجعل منها الخاسر الأكبر، لأنه بمثل هذه الممارسات التي تقوم بها في المنطقة العازلة أمام أنظار العالم، ستخسر كل شيء، ومن غير المستبعد ألا تنال حتى الحكم الذاتي الذي يقترحه المغرب، وهو المكسب الكبير الذي لم تقدر الجبهة قيمته الثمينة جدا.