تطرق المخرج السينمائي، سعد الشرايبي، إلى عدد من الإشكالات والقضايا التي تهم المرأة المغربية والسينما، وتحدث عنالتصنيفات المقبول القول بها حين المقارنة بين النساء والرجال أثناء الحديث عن المساواة، وقال في هذا الصدد: إنه «لا ينبغيتعميم تصنيفات النساء والرجال، وذلك لأنه داخل كل جنس يوجد الإيجابي والأقل إيجابية، حتى لا أقول السلبي أو السلبية»،مضيفا أن «أغلبية الرجال يمارسون ويستمرون في ممارسة نوع من الهيمنة على النساء ببلادنا، وأعتقد أن هذه الوضعيةتحسنت بعد نص مدونة 2004 الذي منح المرأة بعض الامتيازات، لكن الطريق مازال طويلا أمامنا للوصول إلى التساوي فيالحظوظ والسلوكيات بين الرجال والنساء»، يقول المخرج في حوار أخير مع الناقد والمؤرخ السينمائي أحمد السجلماسي،بمناسبة عرض فيلمه «نساء ونساء» حاليا على منصة CCM المركز السينمائي المغربي. واعتبر سعد الشرايبي، مخرج «نساء ونساء» الذي أدت فيه أدوار البطولة باقة من الممثلات المغربيات المعروفات، هن منى فتووفاطمة خير وثريا العلوي وسليمة بنمومن، إلى جانب ثريا جبران وحميد باسكيط، في الحوار نفسه، أن النساء ببلادنا يمتلكنسلطة كامنة يمارسنها خلف الستارة، معتبرا أن الفرق الموجود هو أنهن يتفاعلن ويتصرفن غالبا بعاطفتهن، في حين يتصرفالرجل بعقله. وعاد الشرايبي بالذاكرة إلى مرحلة إنجاز الفيلم المذكور، الذي كتب له السيناريو إلى جانب المخرج جمال بلمجدوب، وأوضحأنه كان هناك نقاش وطني كبير حول وضعية المرأة بالمغرب، وكان تحليل هذه الوضعية يقع من خلال مقاربات سوسيولوجية أوسيكولوجية أو مهنية أو أسرية... «كل هذا النقاش النظري كان يبدو لي بعيدا كل البعد عن الواقع اليومي لحياة أغلبية النساءبالبلد، وهو الواقع الذي كنت ألاحظه باستمرار»، يقول الشرايبي الذي صدرت آخر أعماله السينمائية قبل أزيد من سنتينتحت عنوان «الميمات الثلاث». وتابع المخرج حديثه عن فكرة «نساء... ونساء» وقال إنها كانت تتجلى في التدخل في النقاش المذكور آنفا عبر الفيلم، وإبداءوجهة نظر في هذه الوضعية، ولهذا، «فالأدوار الأربعة المختارة تشكل أوجها مختلفة لهذه الوضعية؛ امرأة معنفة من لدنزوجها، امرأة أعمال، امرأة متحرش بها، امرأة تحاول أن تناضل من أجل إثبات حقوق الأخريات». ويتابع الشرايبي: «انطلاقا من هنا يجد عنوان الفيلم ما يبرره، وذلك لأن العنوان الذي اقترحته أنت سيكون محدودا في دلالته ويختزل موضوعالفيلم في أربع شخصيات يصبحن لا يمثلن إلا حالتهن فحسب. وخلافا لذلك، أظن أن عنوان الفيلم ساهم بدوره في الإشعاعالذي حظي به هذا العمل داخل المغرب وخارجه». واسترجع الشرايبي في حديثه ميزات الممثلة القديرة التي غادرتنا أخيرا، ثريا جبران، التي أدت دورا قويا على صغر حجمه،وقال: «كما يقول منظرو السينما، لا توجد أدوار صغيرة أو كبيرة، وإنما يوجد ممثلون صغار أو كبار. كانت الراحلة ثريا منفصيلة الممثلات الكبيرات اللواتي يفهمن بسرعة وبالضبط ما عليهن أن يتقمصنه من أدوار. فالدور الذي شخصته في فيلم«نساء... ونساء»، رغم محدودية ظهورها فيه زمنيا على الشاشة، كان معبرا جدا دراميا، وقد شكل أحد مشاهد الفيلم الأكثرأهمية، بفضل أدائها المضبوط». وأضاف الشرايبي أن «الاختيار قد انصب عليها لأنها تجسد تعبيرا عن ألم المعاناة فيحياتها، سواء كانت هذه المعاناة نفسية أو جسدية. أتذكر أن تصوير هذا المشهد لم يستغرق مدة طويلة، وذلك لأنها استوعبتتماما جوهر وروح الشخصية وتقمصتها كليا بشكل داخلي ومعاش. وعلى سبيل النكتة، فما يضحك في هذا المشهد هو أنالوقت الذي استغرقه الماكياج الخاص بالجروح وأثرها على جسدها كان أطول بكثير من زمن تصويره».