أزمة تلوح برأسها هذه الأيام بين عمدة مدينة فاس والقيادي بحزب العدالة والتنمية إدريس الأزمي، ووالي جهة "فاس-مكناس" سعيد ازنيبر، بسبب رفض هذا الأخير التأشير على الدعم المخصص للجمعيات بمدينة فاس برسم سنة 2019، حيث مرت حوالي سنة على إحالته على مصالح وزارة الداخلية. وفي هذا السياق، كشف إدريس الأزمي رئيس الجماعة الحضرية للعاصمة العلمية والروحية، والذي بدا شديد الغضب خلال إثارته لموضوع دعم الجمعيات بالمدينة بدورة أكتوبر المنعقدة منتصف الأسبوع الجاري، أن "الدعم المخصص للجمعيات الناشطة في المجال الخيري والثقافي والرياضي والاجتماعي برسم السنة المالية 2020-2019، خضع لجميع المساطر القانونية والإدارية، بعد تلقي مجلس الجماعة طلبات دعم مشاريع الجمعيات تطبيقا لمقتضيات القانون التنظيمي 113.14 المتعلق بالجماعات، وكذا دليل مساطر الدعم والشراكة مع جمعيات المجتمع المدني، والذي سبق لمجلس جماعة فاس أن صادق عليه خلال دورته المنعقدة في 14 ماي 2016". وبعد أن حسمت اللجنة المختصة في طلبات دعم مشاريع الجمعيات، يضيف الأزمي، عرض هذا الدعم على دورة المجلس في أكتوبر 2019، حيث تمت المصادقة عليه، وأرسل هذا المقرر الجماعي طبقا للقانون إلى والي فاس بغرض التأشير عليه قبل صرفه، لكن حتى الآن لم يؤشر الوالي على المقرر الصادر عن مجلس جماعة فاس والمخصص لدعم الجمعيات بالمدينة، يقول عمدتها الأزمي، ما دفعه مؤخرا إلى توجيه رسالة رسمية إلى الوالي سعيد زنيبر، يطلب منه التأشير على مقرر الدعم الموجه للجمعيات، وحجة الأزمي على ذلك أن هذا الدعم خضع لجميع المساطر القانونية والإدارية المعتمدة من قبل جميع الجماعات الترابية بالمغرب. وزاد عمدة فاس والقيادي بحزب رئيس الحكومة سعد الدين العثماني مخاطبا سلطات الوصاية بلغة نارية: "دعم الجمعيات من ميزانية الجماعة هو من اختصاص مجلس فاس، والجماعة مارست صلاحياتها في هذا الملف ومقرراتنا سيادية ينبغي احترامها"، مشددا على أن المقرر الصادر عن مجلس جماعته في دورة دستورية، لا يمكن تعليقه وتركه بدون تنفيذ، بعد مرور حوالي سنة على المصادقة عليه وإحالته على الوالي للتأشير. من جهته، قال حسن محب، نائب عمدة فاس المكلف بالشؤون الاجتماعية والثقافية متحدثا ل"أخبار اليوم" بخصوص الموضوع، إن الجماعة الحضرية صادقت خلال دورة أكتوبر 2019 بالأغلبية، باستثناء فريق حزب الاستقلال، على الدعم المخصص للجمعيات يزيد غلافه المالي عن 300 مليون سنتيم، موزع على 179 جمعية تنشط في المجال الخيري والثقافي والرياضي والاجتماعي، بناء على مشاريع تقدمت بها هذه الجمعيات ونالت موافقة اللجان المختصة بالجماعة، طبقا للمساطر القانونية والإدارية المعتمدة، لكننا فوجئنا بعد إحالة المقرر الجماعي المصادق عليه من قبل مجلس الجماعة على والي الجهة وعامل عمالة فاس، برفضه التأشير على الدعم الموجه للجمعيات، حيث ما يزال هذا المقرر على مكتب الوالي، وقد مرت حوالي سنة كاملة على إحالته عليه بغرض التأشير في أكتوبر من السنة الفارطة. وبخصوص موقف مصالح وزارة الداخلية بعمالة فاس حول الأزمة التي تفجرت مؤخرا بين الوالي وعمدة المدينة، أفادت المعلومات التي حصلت عليها "أخبار اليوم" من مصادر مطلعة، بأن الوالي أشهر في وجه إدريس الأزمي التعليمات التي عممها وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، على الولاة والعمال بخصوص سحب دعم الجمعيات من يد الجماعات الترابية قبيل استحقاقات 2021، بعدما كانت المجالس الجماعية تقوم بمنح الدعم وصرفه للجمعيات الناشطة في المجال الثقافي والرياضي والفني والاجتماعي بعد حصولهم على تأشيرة الولاة والعمال، والذين أصبحوا أصحاب الاختصاص الذين تحول إليهم بموجب المذكرة الأخيرة الصادرة عن وزير الداخلية. وأضافت المصادر عينها بأن الوالي، برر رفضه التأشير على المنح بكون جماعة فاس تقع عليها ديون والتزامات مالية لإنجاز أولويات في التدبير والتسيير، والتي يجب أداؤها قبل منح الدعم للجمعيات، وهو المبرر الذي استقاه الوالي، تردف مصادر الجريدة، من التعليمات الصارمة التي وجهها وزير الداخلية للعمال والولاة، والمتعلقة بإعداد وتنفيذ ميزانيات الجماعات الترابية برسم سنة 2021، وكيفية التعامل مع الميزانيات التي تعرف عجزا ماليا، حيث أعطى لفتيت لرجاله بالعمالات والأقاليم صلاحيات تدبير ومراقبة المنح التكميلية المخصصة لموازنة الميزانيات، وكذا منح الدعم المتعلق بالجمعيات، والتي قدمت مشاريع في المجال الخيري والثقافي والرياضي والاجتماعي والفني. رفض والي فاس التأشير قد يفتح قبيل الانتخابات مواجهة حامية بين حزب العدالة والتنمية بفاس ومصالح وزارة الداخلية بالمدينة، خصوصا وأن مجلس الحاضرة الإدريسية، بحسب ما كشف عنه مصدر قريب من الموضوع، ما يزال يشكو من عقبات في معالجته لملف تجويد الإنارة العمومية بشوارع المدينة وساحاتها، بسبب تأخر وزارة الداخلية في المصادقة على الشراكة التي صادق عليها مجلس جماعة فاس في أكتوبر 2018 مع شركة (جيتلوم/نبيلوم) التابعة للمجموعة الفرنسية المتخصصة في الطاقة "أوديف"، والتي تقضي بإحداث شركة للتنمية المحلية تتكلف بتدبير الإنارة العمومية، وتعميم مصابيح من نوع "ليد" في حوالي 68 ألف نقطة ضوئية، ما سيمكن الجماعة من تجويد الإنارة بشوارعها، وتقليص نسبة استهلاكها السنوي إلى 60 في المائة وبفاتورة طاقية تصل إلى 53 مليون درهم.