يبدو أن التحقيقات التي باشرتها المصالح الأمنية قد تعيد تركيب أحداث السيناريو الرسمي للعملية التي قادها رجال الدرك في منطقة الدروة بسرية برشيد، لتخليص رضيع اختطف من والدته، مع إطلاق النار الذي أدى إلى مقتل الخاطف وتحرير الرضيع، خاصة وأن المغرب يعيش على وقع اختطاف واغتصاب وقتل الأطفال، كما حدث في قضية الطفل عدنان بطنجة، والطفلة نعيمة بزاكورة، غير أن رواية العائلة والجيران ومحيط الشاب الذي توفي تبين حقائق مخالفة تماما، من شأنها أن تعيد تركيب سيناريو آخر لشاب صاحب سيارة أجرة كانت له علاقة مع السيدة، ويرى كل المعارف أن الرضيع ابنه وأنجبه منها. تقول الرواية الرسمية، التي صدرت منتصف أول أمس الأربعاء، إن عناصر المركز الترابي للدرك الملكي بالدروة، اضطرت إلى استعمال سلاحها الوظيفي لتوقيف شخص كان في حالة اندفاع قوية، قام باختطاف رضيع وعرض أمن وسلامة عناصر الدرك الملكي لتهديد خطير بواسطة سلاح أبيض من الحجم الكبير، على الرغم من التحذيرات الصادرة عن عناصر الدرك الملكي، موضحة أن مصالح الدرك الملكي، قبل ذلك، توصلت بإشعار من سيدة حول اعتراض سبيلها رفقة أطفالها، على مستوى جماعة "جاقمة" بدائرة الكارة، من طرف 3 أشخاص كانوا على متن سيارة خفيفة، حيث قاموا بإنزالها بالقوة من على متن سيارتها الخاصة رفقة أحد أبنائها البالغ من العمر حوالي 6 سنوات، والاستيلاء على السيارة واختطاف الرضيع الذي بقي بداخلها، والذي يناهز عمره 6 أشهر. وأضافت الرواية الرسمية أن الأبحاث الميدانية المكثفة التي باشرتها مصالح الدرك الملكي، مكنت من رصد ومحاصرة سيارة الضحية، وعلى متنها شخصان، بالقرب من تجزئة "الوفاق" بمدينة الدروة، حيث تم التدخل لتحرير الرضيع المختطف، بعد إصابة أحد المشتبه فيهم برصاصة على مستوى الصدر، نقل على إثرها إلى المستشفى الإقليمي بمدينة برشيد، ليلفظ أنفاسه فور وصوله إليه، وتوقيف المشتبه فيه الثاني، مشيرة إلى فتح بحث قضائي تحت إشراف النيابة العامة المختصة، للكشف عن جميع الظروف والملابسات المحيطة بهذا الحادث، في حين أن الأبحاث متواصلة لتوقيف المشتبه فيه الثالث. وحسب معطيات حصلت عليها "أخبار اليوم"، فإن عناصر الدرك الملكي أطلقت رصاصة مباشرة على صدر الشاب الثلاثيني، وهو مخالف للأوامر والتعليمات لاستعمال السلاح الوظيفي، قصد تحييد الخطر، والمفروض أن يتم توجيهه في حالة الاضطرار إلى استعماله إلى الأطراف السفلية، بعد استنفاذ جميع الطرق والوسائل المتاحة، بما فيها إطلاق رصاصة تحذيرية في الهواء، وهو ما لم يُحترم على ما يبدو، حسب المعطيات الأولية في النازلة، غير أن التحقيق في الواقعة من شأنه أن يكشف ظروف وتفاصيل العملية، خاصة وأن رجال الدرك من المفروض أن يكونوا مجهزين بكاميرات في ستراتهم الرسمية لتوثيق كل التدخلات، الأمر الذي سيكون حاسما أثناء التحقيق للوصول إلى الحقيقة كاملة، خاصة وأن المعلومات التي تتوفر عليها الجريدة تفيد أن الشاب ليس مجرما، وإنما سائق سيارة أجرة وعضو في نقابة سائقي سيارات الأجرة الكبيرة، ويملك سيارة أجرة، إذ يشتغل عليها في الخط الرابط بين مدينتي الدارالبيضاء وسطات. وأفاد أحد أفراد عائلة الشاب أحمد أنه كان على علاقة مع السيدة، ويقطنان معا بشقة في مدينة برشيد، وأن جميع الجيران والمحلات التجارية من جزار وخضار ومحلات البقالة يعرفون أنهما متزوجان، مؤكدا أن الرضيع الذي يتم الترويج بأنه عمل على اختطافه هو ابنه، وأن السيارة التي أبلغت السيدة عن سرقتها فهو من اشتراها لها، وكانا يعيشان معا لعدة سنوات. وأضاف المتحدث لجريدة "أخبار اليوم" أن زوجته أنجب منها طفلين، ووالدته ووالده وجميع أفراد الأسرة يعرفون أنه يعيش مع السيدة التي أبلغت عنه أنه سرق سيارتها واختطف رضيعها، متسائلا كيف يمكن لشخص أن يسرق شيئا له ويختطف رضيعه، موضحا أن رجال الدرك الذين نفذوا عملية القتل بسرعة، لم يتحروا في الواقعة وسارعوا إلى تلبية استغاثة السيدة دون أن يتأكدوا من فحوى استغاثتها وجديتها ومصداقيتها، وبالتالي فقد قتلوا شابا كان يعيل عائلة بأكملها، وترك زوجته وطفليه وجدته المسنة التي كان يعيش معها في بيتها دون معيل، كما ترك والده ووالدته مكلومين غير مصدقين ما جرى لابنهما، خاصة وأنهم يعرفون السيدة التي تبين أنها متزوجة من رجل آخر يعمل في الأقاليم الجنوبية، وأوهمت القتيل أنها مطلقة، مدلية له بورقة طلاق من زوجها الأول، وأخفت عمدا عنه ورقة عقد القران مع الزوج الحالي. وبعد ظهور المعطيات الجديدة من عائلة وجيران ومحيط الشاب سائق "الطاكسي"، وفتح تحقيق في النازلة تحت إشراف النيابة العامة المختصة، فمن المنتظر أن تسفر التحقيقات عن تفاصيل ومعطيات أخرى، ومدى استعانة رجال الدرك بالتعليمات والخطوات القانونية لمواجهة مثل هذه الوقائع، وهل تم التقيد بها؟ أم أن أخطاء في تنزيلها أسفرت عن مقتل شاب بتهم ليست فيه؟.