تزامنا مع «الأرقام المقلقة» التي تسجلها الحواضر الكبرى للمملكة منذ أسابيع، والتي جعلت المغرب يبلغ مراتب صادمة ومتقدمة جدا في لائحة الدول التي استفحل فيها الفيروس، أعلنت وزارة الصحة توسيعها شبكة المختبرات الخاصة، المسموح لها بإجراء اختبارات تشخيص الإصابة بفيروس كورونا «qRT-PCR» مع أو دون تحاليل السيرولوجي. وأبرزت الوزارة الوصية، في دورية عممتها، أنه يمكن جميع المختبرات الإحيائية إجراء تحاليل «qRT-PCR»، لتشخيص الإصابة بكورونا، وكذا تحاليل السيرولوجي، بشرط استيفاء عدد من الشروط التي سبق أن حددتها الوزارة في منشور سابق، وذلك في إطار تعزيز شبكة المختبرات الإحيائة والسيرولوجية لتشخيص كوفيد-19، ولتكون هذه الاختبارات في متناول جميع المواطنين المغاربة والأجانب، وضمان تغطية هذه الخدمة لعموم التراب الوطني. ولفتت الوزارة إلى أنه على المختبرات الراغبة في الانضمام إلى شبكة مختبرات الكشف عن كورونا، تنزيل أحدث إصدار لدفتر التحملات من خلال «www.inh.ma»، واتباع المساطر الواردة فيه، مبرزة أن المديرية الإقليمية للصحة ستبقى على تواصل مع مركز القيادة المعني والمعهد الوطني للصحة بخصوص المختبرات التي انضمت إلى الشبكة المذكورة. ونبهت الوزارة أيضا إلى أن جميع المختبرات المسموح لها بالعمل مدعوة إلى إطلاع مديريات وزارة الصحة، في غضون 24 ساعة من أخذ العينات، على نتائج التحاليل، وذلك عبر منصة إلكترونية تابعة للوزارة التي أفادت بأن المختبرات الطبية الراغبة في الانضمام إلى شبكة مختبرات الكشف عن كورونا ستبقى تحت مراقبة وافتحاص دائم من لدن المعهد الوطني للصحة، وكذا المندوبيات الإقليمية للصحة. أيت الطالب يعيد هندسة المختبرات وحسب المعلومات التي توصلت بها «أخبار اليوم» من مصادرها في وزارة خالد أيت الطالب، فإن عدد المختبرات الخاصة بالتحليلات الطبية في القطاع الخاص المعنية بهذا القرار يقدر ب550 مختبرا موزعا على كافة جهات المملكة، فيما 65 في المائة منها تتمركز أساسا في الحواضر والمدن الكبرى، كما تتفاوت سعتها وحجمها وإمكانياتها التقنية واللوجيستيكية وتجهيزاتها التي من الممكن أن تؤهلها لإجراء الفحوصات المخبرية المطلوبة في دورية وزارة الصحة. وتتمثل الشروط الواجب توفرها في المختبرات الخاصة المذكورة في أن تكون بناياتها جيدة ومهيأة بشكل مثالي وفق الشروط الصحية المتعارف عليها، إلى جانب ضرورة توفرها على التجهيزات والآليات الضرورية لإجراء الفحص المخبري، مع توفير رواق خاص ومنفصل خاص بكوفيد19، يضم ثلاث غرف منفصلة لأخذ العينات وإجراء التحاليل، وتحديد اللوازم الطبية التي تضمن سلامة العاملين بها والمرتفقين وفقا لإجراءات التباعد الاجتماعي الإجرائي. وتفرض الدورية على المختبرات الخاصة بإبلاغ المعني بالأمر بالنتيجة في أجل أقصاه 24 ساعة، وعدم تجاوز السعر الذي حددته الجهات الوصية في 680 درهما، مقابل 500 درهم المحددة في المختبرات العمومية. ومن المرتقب أن تخضع المختبرات الخاصة، بموجب دورية وزارة الصحة، لمراقبة أنشطتها من لدن المعهد الوطني للصحة، المكلف بمنح الترخيصات لفائدة المختبرات الخاصة الراغبة في إجراء تحاليل كشف فيروس «كوفيد19»، كما أن هذه المختبرات الخاصة ستكون تحت المراقبة الدورية المفاجئة، وسيكون مديرو المختبرات ملزمين بالاستجابة لأطقم المعهد المكلفة بالمراقبة، والسماح لها بزيارة مرافق المختبر، وحضور مراحل إجراء التحاليل المخبرية للوقوف على أي خلل مفترض ينافي الشروط التي حثت عليها الوزارة لمنح الترخيص. وتلتزم المختبرات الخاصة أيضا، ووفق الدورية ذاتها، بإرسال تقرير يومي يتضمن نتائج التحاليل المنجزة في 24 ساعة، سواء الإيجابية أو السلبية، مؤكدة أن أي مخالفة للشروط والإجراءات الموضوعة في الدورية رقم 072، تجعل هذه المختبرات تحت طائلة التهديد بسحب الرخصة، كما من الممكن أن تجر صاحب المختبر إلى المساءلة والعقوبات التأديبية والجنائية، المنصوص عليها في القوانين الجاري بها العمل. مدير مختبر الفيروسات بالدار البيضاء: المادة الخام للفحوصات يصنعها المغرب وثمن مدير مختبر الفيروسات بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، البروفسور المصطفى الناجي، في تصريح خص به «أخبار اليوم»، الإجراء الجديد لوزارة الصحة، والذي عممته في الدورية المذكورة، لافتا إلى أن توسيع دائرة المختبرات، من خلال منح الرخص للمختبرات الخاصة، من شأنه أن يسهم في تطويق الوباء وتسهيل مهمة التتبع الطبي للحالات المؤكدة إصاباتها والمخالطين، كما سيخفف الضغط عن المختبرات العمومية. وأبرز الناجي، في بسطه لحيثيات هذا القرار، أن الفيروس فاق جل التوقعات العلمية، وأصبح ينتشر وينتقل بسرعة في المجتمع، فقد طور جينوماته بشكل لا يتصور، وأصبح يستهدف جميع الفئات صغارا وكبارا مرضى أو متعافين، وبالتالي، أصبح اليوم من الضروري اعتماد مختبرات جديدة من أجل الكشف عن مزيد من الحالات مع بداية انتشار العدوى وتطويق البؤر بشكل حازم من لدن السلطات، خاصة خلال المرحلة المقبلة التي تصادف الأنفلونزا الموسمية. ويجزم البروفسور الناجي بأنه إذا كانت الزيادة في الفحوصات المخبرية سريعة وفورية وظهرت النتائج في 24 ساعة، حسب ما نصت عليه الدورية، سيجري تطويق البؤر العائلية والمهنية، وتحقيق التشافي والقضاء على هذا الوباء الذي لا نملك إلى حدود اليوم له دواء ولا لقاحا خاصا. إذن، الكشف المبكر هو الحل، يقول المتحدث، مضيفا: «اليوم بلغنا 26 ألف فحص مخبري في اليوم، لكن رهاننا ورهان السلطات الصحية هو أن نصل إلى 70 ألف فحص، وبعدها إلى مليون ومليونين، إلى أن نطمئن على السلامة العامة للمواطنين المغاربة». وبخصوص ما إذا كان منح التراخيص وتوسيع لائحة المختبرات قد يسهم في تضخيم والرفع من في الحالات المسجلة يوميا، يقول المتحدث: «هذا ليس شرطا، ففي الغالب سنجد حالات خاصة في صفوف الحالات العديمة الأعراض، لكن هذا سيسهم من جهة أخرى في رفع نسبة التشافي، لأننا سنكون قد اكتشفنا المرض مبكرا قبل أن يستفحل في الرئة، وسنعالجه بالبروتوكول العلاجي الخاص، أي الكلوروكين». وعودة إلى المختبرات الخاصة، وردا على سؤال: هل هذه المختبرات الخاصة في المملكة تتوفر على التجهيزات والآليات والتقنيات والمادة الخام التي تؤهلها لإجراء الفحوصات المخبرية الخاصة بكوفيد19؟ يقول الناجي إنها جميعها متوفرة في المغرب، سواء تلك الخاصة بالكشف عن الحمض النووي الخاص بالفيروس في جسم الإنسان، أو المتعلقة بالكشف عن المضادات في جسم الإنسان بعد تخلصه من الوباء مناعيا. وحسب البروفسور الناجي، المادة الخام التي تدعى «لينيكليوتيد» و«لونزيم» و«بوليميغاز» أو «أمورص البرايمر» التي تمكن من الكشف عن الحمض النووي للفيروس عند الشخص، فضلا عن «بلوكيت كاسير» التي تستعمل في PCR، هي مواد لطالما توفرت في المغرب واشتغلت بها الأطر الطبية المغربية منذ زمن في جميع مختبرات البحث الوطنية، كما أنها تصنع أيضا في المملكة، وبالتالي، لا خوف من هذه المسألة، خاصة أنه يوجد «كيت» يصنع في المغرب يكشف المضادات في جسم الإنسان إذا أصيب في الحال، أو سبق له أن أصيب أو لم يصب من قبل، والذي صنعته مؤسسة ماسير المغربية. ونبه الأخصائي إلى أن هذه المختبرات الخاصة، من ناحية الوقاية والسلامة، يجب أن تتوفر فيها شروط دقيقة، من قبيل أن العاملين في المختبر ممن يجرون تحاليل كوفيد19 يجب ألا يجروا تحاليل أخرى خاصة بأمراض أخرى، كما يجب تقسيم المختبر إلى مرفقين؛ الأول خاص بالتحاليل لأمراض أخرى، ومرفق وأطباء خاصين بكوفيد19، لافتا إلى أن العملية ككل «يجب أن يحضر فيها الضمير المهني أولا، لأن الطبيب يؤدي قسما يلزمه بالمهنية والصدق، فلا يمكن المتاجرة بصحة المواطن وسلامته». مديرو المختبرات الخاصة غير راضين ما سرده البروفسور الناجي أكده مدير أحد المختبرات الخاصة بالدار البيضاء في تصريح ل«أخبار اليوم»، اعتبر فيه ما تضمنته دورية وزير الصحة «شروطا تعجيزية للمختبرات الخاصة». ويشرح المتحدث أن المختبرات الراغبة في إجراء الفحوصات المخبرية الخاصة بكوفيد19 وجدت نفسها «غير قادرة على التعبئة وطنيا»، ذلك أن الشروط اللوجيستيكية غير مساعدة وغير متكافئة وتتطلب شهورا من التحضير والتزامات مادية كبيرة من أجل توفير هندسة للمختبرات وفقا للمذكور في الدورية. وزاد مدير المختبر قائلا: «مثلا، إذا ما أردنا فصل الفحوصات المخبرية الخاصة بكوفيد19 عن باقي الفحوصات، هيكليا وطبيا ومختبراتيا، يجب أن نتوفر على سعة معقولة، وتغيير هيكلي للمختبر ككل وهندسته، لهذا، من الصعب تحقيق ذلك خاصة في المختبرات الموجودة في المدن الصغرى.. هذا شرط تعجيزي آخر»، مضيفا: «أيضا، كيف يمكن الوزارة أن تتحقق من الخبرة والكفاءة والدراية العلمية والتقنية لجميع المختبرات الخاصة في المملكة وفي ظرف زمني قياسي؟ الأكيد أننا لا نشكك في كفاءتها، لكن من المهم استحضار أن العديد من المختبرات ليست لديها معرفة مسبقة ولم تتعامل سابقا مع هذا النوع من الأوبئة، وعدد التقنيين المختصين أيضا وطنيا محدود، وبالتالي، فنحن نعاني خصاصا بشريا أيضا». ولم يخفِ مدير المختبر تخوفه أيضا من «انتقال العدوى في صفوف الزبناء والأجراء والتقنيين في حال لم تتوفر شروط فصل المرضى والتباعد الاجتماعي في المختبرات، وتوفير الغرف الثلاث، والفصل بين المرضى الباقين وتحاليل كوفيد19، ما قد يؤجج الوضع أكثر، ويسهم في نشوء بؤر كارثية في المختبرات»..