هشام صبحي في هذا التحليل نحاول الاجابة على سؤال مهم ، هل فعلا المنتخب الارجنتيني مؤهل للتتويج بلقب كأس العالم. دعونا نبدأ بالعودة بعجلة الزمن للخلف ، إذ يقول التاريخ أنه لا يوجد أي فريق من خارج أمريكا الجنوبية حصل على لقب كأس العالم في أمريكا الجنوبية ، بحيث استضافت دول أمريكا الجنوبية 6 نسخ من بطولة كأس العالم ( في عام 1930 ، 1950 ، 1962 و 1978 ، 1970 و 1986) تناوب على الفوز بها منتخبات أوروغواي ، البرازيل ، والأرجنتين. غير أنه يمكن القول بعد نسخة 1986 تغيرت العديد من الاشياء في عالم كرة القدم ، و اللعبة تطورت منذ ذلك الحين بشكل كبير جدا ، لذلك لا يمكن تقييم حظوظ المنتخب الارجنتيني في الفوز باللقب بناءآ على هذه الاحصائية. ليونيل ميسي سيكون مستوى الاداء الذي سيقدمه مع المنتخب الارجنتيني عامل مهم في إمكانية فوز “التانغو” بلقب المونديال ، خصوصا أن ميسي يملك دوافع عديدة لتحقيق هذا الحلم ، ليس من أجل أن يكون من بين أساطير اللعبة لأنه فعلا أسطورة و أمر سخيف النظر إليه بغير ذلك ، بل ليكون الافضل على مر التاريخ ، لكن الدافع الاهم الذي يحمله ميسي هو تحقيق كأس العالم من أجل شعب الارجنتين ، و تحسين صورته أمامهم و أمام العينة التي لا يعتبرونه واحدا منهم بسبب انتقاله إلى برشلونة في سن مبكرة خاصة في “بوينس آيرس” ، عكس تيفيز الذي يعتبر بطل محلي بعدما سبق له الدفاع عن ألوان “بوكا جونيورز”. غياب تيفيز أيضا هو نقطة إيجابية في صالح ميسي ، الذي يؤكد العديد من الخبراء أنه يقدم أداء أفضل إلى جانب اغويرو ، رغم أن العديد من المشجعون لا يوافقون على استبعاد تيفيز. ميسي كذلك سيكون أكثر حرية في الخط الامامي ، لأنه لن يكون مصدر الخطر الوحيد على الخصوم ، بتواجده في الى جانب اغويرو و لافيتزي أو هيغواين ، حيث سيجد مساحات أكبر أمامه مع دينامكية و سرعة ثنائي الهجوم إلى جانبه ، على عكس مونديال 2010 الذي كان مستهدف فيه بالدرجة الاولى من أي منظومة دفاعية. اللعب بهجوم ثلاثي من المتوقع أن يحرر ميسي. سابيلا ينهج أسلوب يتناسب مع احتياجات ميسي ، و جعل الفريق يلعب بأسلوب يشبه برشلونة ، إلى أن نجاح الفريق لا يعتمد أبدا على تألق ميسي فقط. عدم وجود التوازن أكبر مشكلة تواجه المنتخب الارجنتيني في هذه البطولة هو غياب التوازن بين الخطوط الثلاثة ، إذ نجد في خط الهجوم بعض من أفضل اللاعبين في العالم كميسي اغويرو، لافيزي ، وهيغواين.. ، لكن هل الاهداف فقط هي من تجلب البطولات؟ سيطرة إسبانيا على الكرة العالمية في الاعوام الاخيرة نتيجة لقوة دفاعها بالدرجة الاولى ، إذ لم تهتز شباك الفريق في أي مباراة بنظام خروج المغلوب مابين عام (2008 ، 2010 و 2012) ، في حين لم يسجل الفريق سوى 8 أهداف عندما تمكن من حصد بطولة كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا. يقول مدرب المنتخب الارجنتيني سابيلا :” عندما يهاجم الخضم اغمض عيناي و أتمنى الافضل..” ، تصريح يعكس حجم معاناة المنتخب الارجنتيني في الخط الخلفي ، بتواجد اسماء مغمورة و أخرى لا ترقى للنوعية التي يحتاجها أي فريق للمنافسة على لقب بطولة كأس العالم ، فالحارس الاساسي سيرخيو روميرو يفتقر للخبرة ، فيما يفتقد خط الدفاع بقيادة ديميكيليس ، كامبانيارو ، غاراي للجودة المطلوبة ، بابلو زباليتا ربما افضل الاسماء الموجودة في الخط الخلفي. هذا سيضع مسؤولية دفاعية أكبر على خط الوسط ، المتوقع أن يكون ثلاثي بقيادة ماسكيرانو الذي سيعود لمركزه الاصلي في خط الوسط إلى جانب غاغو كصانع لعب ، بالاضافة إلى انخيل دي ماريا. ربما الكل يراهن على أن ميسي مفتاح فوز الارجنتين بلقب المونديال ، لكن في اعتقادي انخيل دي ماريا سيكون هو كلمة السر ومفتاح اللعب ، في حال نجح في خلق التوازن بين خط الدفاع و الوسط بقطع الكرات و التحرك السليم بدون كرة ، و اعطاء السرعة اللازمة في التحولات من الهجوم إلى الدفاع عند فقدان الكرة ، و من الدفاع إلى الهجوم بعد قطعها. كيف يجب أن يلعب المنتخب الارجنتيني المنتخب الارجنتيني ربما على الورق يملك أفضل هجوم في البطولة ، و سابيلا عليه ترويض هذا الوحش الهجومي. سيكون أفضل الحلول التكتيكية هي اللعب على الهجمات المرتدة باستغلال سرعة ميسي اغويرو دي ماريا ، نهج سيعطي تحصين أكبر للدفاع ، فضلا عن فتح مساحات كبيرة في ظل اندفاع الخصم الهجومي. نهج سيكون ناجح أكثر في حال استطاع المنتخب الارجنتيني اللعب على افتتاح نتيجة التسجيل ، قبل التراجع و الانكماش الدفاعي وترك المبادرة للخصم و اللعب على المرتدات ، نتيجة 1/0 في الشوط الاول سوف تجبر الخصم على أخذ زمام المبادرة. أكبر خطأ ممكن أن يرتكبه مدرب المنتخب الارجنتني هو اللعب بطريقة مفتوحة ، أمر سيوفر نعم للمشاهد المتعة المطلوبة ، و الاهداف الغزيرة ، لكن هل سيمنح الارجنتين كأس العالم ؟ أشك في ذلك بشدة. التوازن الدفاعي والانضباط التكتيكي سيكون مفتاح النجاح في البرازيل ، ومصدر القلق هو أن منتخب الأرجنتين يفتقر لكليهما.