على العموم، من المحتمل أن يكون لهذه الجائحة -إلى جانب الجفاف الذي عرفته البلاد هذه السنة- تأثير كبير، فقد جرت مراجعة التقييمات الخاصة بالنمو الاقتصادي الأولية في المغرب نحو التخفيض، حيث كشفت جميعها أنها ستكون في حالة ركود بحلول عام 2020، وأن بعض القطاعات المساهمة فيها مثل السياحة والنقل والخدمات اللوجستية لسلسلة التوريد والقطاع غير المهيكل تظهر عليها بوضوح علامات الضعف. نشرت العديد من المؤسسات الوطنية والدولية توقعاتها بخصوص نمو إجمالي الناتج المحلي لهذا العام، تاركة هامشًا من الشك. وبالنظر إلى تراجع المكون الفلاحي، فإن التوقعات الرسمية التي نشرتها المندوبية السامية للتخطيط وبنك المغرب في ماي، تتفق على أن نمو إجمالي الناتج المحلي سيكون بنسبة 2.3٪ في عام 2020، في حين راجع المركز المغربي للظرفية نسبة نموه لتصل إلى -3.2٪ مقابل 0.8٪، والذي يعتبر الأدنى منذ عام 2000. من جانبهما، يتوقع كل من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي معدلات نمو سلبية في عام 2020 بنسبة ٪1.7- و٪3.7- على التوالي. إلا أن هذه الجائحة لم تؤثر في جميع القطاعات بشكل سلبي، خاصة تلك التي يكون فيها التفاعل المباشر (وجهاً لوجه) محدوداً مثل قطاعات الاتصالات والخدمات المالية و الأنشطة الرئيسة الأخرى، مثل الصناعات التعدينية والأعمال التجارية الفلاحية والمواد الكيميائية. تظهر توقعات وزارة الفلاحة انخفاضًا آخر في القيمة المضافة للقطاع نتيجة الانخفاض الكبير في إنتاج الحبوب، والذي كان سيقتصر على 30 مليون قنطار فقط و62.3٪ مقارنةً بمتوسط الخمس سنوات الأخيرة. في حين أظهر استقصاء خاص بالأعمال لشهر أبريل أجراه بنك المغرب أن القيمة المضافة لقطاع الاتصالات ارتفعت بنسبة ٪1.9 في الربع الرابع من عام 2019، حيث يتوقع تسارع نشاطها، وذلك نتيجة ارتفاع الطلب، مع زيادة استخدام وسائل الاتصالات (الهاتف، العمل عن بعد، إلخ) أثناء فترة الإغلاق. في ما يتعلق بقطاع البناء، تراجعت مبيعات الإسمنت بنسبة ٪55.5 على أساس سنوي في أبريل، مع إغلاق العديد من مواقع البناء، ليصل الانخفاض في المبيعات إلى ٪20.6 في نهاية أبريل. ومع ذلك، قد يكون القطاع السياحي الأكثر تضررًا. فعلى الصعيد العالمي، يُعتقد أن الجائحة ستتسبب في انخفاض بنسبة ٪22 في عدد السائحين الدوليين في الربع الأول من عام 2020، ويمكن أن تؤدي إلى انخفاض بنسبة ٪60-80 في عام 2020 مقارنةً بالعام الماضي. كما تأثر قطاع السياحة في المغرب بشدة. فوفقاً لدراسة حديثة أجراها الزوبير بوحوت، مدير المجلس الإقليمي للسياحة بورزازات، فإن قطاع السياحة يعيش أزمة عميقة حاليا، والتي تتمثل في ما يلي: فقدان 8.3 ملايين وافد، بما في ذلك 3.89 ملايين مغربي مقيم في الخارج و4.45 ملايين سائح أجنبي و3.7 ملايين بالنسبة إلى النقل الجوي؛ خسائر في مداخيل العملات الأجنبية بلغت 49.7 مليار درهم، وخسائر في المداخيل تقدر ب11 مليار درهم للنقل الجوي؛ خسائر ليالي المبيت تقدر ب11.1 مليونا، بما في ذلك 4.1 ملايين للسياحة الداخلية، أي خسائر في المداخيل بلغت 3.58 ملايير درهم. وإجمالاً، تُقدَّر خسائر المداخيل غير الجوية بحوالي 53.4 مليار درهم، أي ما يقارب 64.5 مليار درهم. من هذه النتائج يتبين أن الصدمة ستستمر على المدى القصير حتى بعد رفع إجراءات الإغلاق، وبالفعل، فإن القطاعات الأكثر تأثراً، خاصة الخدمات، هي التي ستواجه صعوبة كبرى في استئناف نشاطها الطبيعي.